المنتيور تكشف فشل حكومة هادي في إدارة البنك المركزي ودوها في معاناة الموظفين .
الجنوب اليوم | متابعات
قال تقرير لموقع المونيتور، إنه أمام تبعات لا تتوقّف للحرب في اليمن كأزمة انقطاع الرواتب عن مليون ومائتين موظّف منذ أكثر من عام، تستمرّ أطراف الصراع في العدميّة والتجاذب، وترافقها ردّة فعل كلاميّة للمؤسّسات الدوليّة وتحذيرات دونما أفعال لوضع حدّ لكارثة إنسانيّة يقف أمامها المواطن اليمنيّ وحيداً عاجزاً.
وأوضح التقرير، حسن 42 عاماً يقطع ما يقارب الكيلو والنصف كيلو يوميّاً، مشياً على قدميه، للوصول إلى عمله الجديد كحارس أمنيّ في إحدى الشركات الخاصّة، بالعاصمة اليمنيّة صنعاء، سعياً منه حسب وصفه، إلى توفير أجرة المواصلات، كون راتبه لا يتجاوز الـ100 دولار شهريّاً، وقال حسن الذي كان مدير إدارة في وزارة الطاقة والكهرباء خلال حديث خاص لـ”المونيتور“: “أحاول من خلال العمل توفير أدنى الموادّ الغذائيّة لأسرتي. لقد انقلبت أحوالنا رأساً على عقب، منذ بدأت الحرب، فبعد انقطاع مرتّباتنا منذ أكثر من عام، اضطرّرت إلى صرف كلّ مدّخراتي وبيع كلّ ما يمكن بيعه، وأرغمت قبل 5 أشهر على إخلاء شقّتي، بسبب تراكم الإيجار وعدم قدرتي على دفعه. وأسكن الآن أنا وزوجتي وولدي، داخل غرفة في منزل والدي القديم”.
لمتابعة آخر أخبار نشوان نيوز على قناة تيلغرام اضغط هنا
الحال لا تبدو مختلفة لمليون ومائتين موظّف حكوميّ يمنيّ وأسرهم، منذ توقّف رواتبهم مدّة عام وشهرين حتّى الآن، وإن تفاوتت المأساة من شخص إلى آخر، من جرّاء صراع اقتصاديّ بين الحكومة الشرعيّة وحكومة مليشيا الحوثيّين في صنعاء تمثّل بنقل البنك المركزيّ إلى عدن وامتناع الحكومة الشرعيّة عن إرسال رواتب الموظّفين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيّين، حتّى يتمّ تنفيذ طلبها بتوريد إيرادات مؤسّسات الدولة، في تلك المناطق إلى البنك المركزيّ، وهو ما يرفضه الحوثيّون.
كلّ ذلك، يأتي في ظلّ تدهور اقتصاديّ مستمرّ، حيث وصل انهيار الريال اليمنيّ أمام الدولار إلى أعلى مستوياته خلال الشهر الماضي، مسجّلاً 475 ريالاً يمنيّاً، مقابل الدولار الواحد، وكان الدولار الواحد يساوي 215 ريالاً يمنيّاً قبل بدء الحرب في آذار/مارس من عام 2015.
ووفقاً لتقرير وزارة التخطيط والتعاون الدوليّ اليمنيّة، انخفض إجماليّ الناتج المحليّ في اليمن بنسبة 14.4 بالمئة في عام 2017، ويعني ذلك إذا أضيف إلى الانكماش بنسبة 15.3 في المئة سنة 2016 و17.6 في المئة سنة 2015، خسارة بنسبة 40.5 في المئة في النشاط الاقتصاديّ منذ بداية الحرب.
وعن أهمّ الآثار الاقتصاديّة لأزمة انقطاع صرف الرواتب، قال رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر في حديث خاص لـ”المونيتور”: “إنّ انقطاع صرف الرواتب من أهمّ أسباب الانهيار الاقتصاديّ الذي يشهده الاقتصاد اليمنيّ، وإنّ استمرار عدم صرف المرتّبات يقود ملايين من البشر إلى مجاعة، وإصابة الحركة الاقتصاديّة بشلل. إنّ الموظّفين هم أساس في تحريك الاقتصاد اليمنيّ وتداول العملة في البلد”.
تحذيرات أمميّة دونما اختراق للأزمة
أعلنت الأمم المتّحدة أكثر من مرّة أنّ توقّف الرواتب فاقم التدهور الاقتصاديّ وزاد الأمن الغذائيّ انعداماً، لكن دونما إحراز أيّ اختراق لحلّ هذه الأزمة المستمرّة. ففي الموقف الأمميّ الأخير المعلن في كانون الثاني/يناير من عام 2018 المنصرم، أعرب منسّق الأمم المتّحدة للإغاثة الطارئة مارك لوكوك في بيان صحافيّ عن القلق البالغ بشأن الوضع الإنسانيّ في اليمن، الذي يواصل التدهور والتراجع الاقتصاديّ.
وذكر مارك لوكوك أنّ 22.2 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانيّة في اليمن الآن، وهو عدد غير مسبوق يزيد بثلاثة ملايين وأربعمائة ألف عمّا سجّل في عام 2017.
وقبله في 18 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2017، أشار المدير الإقليميّ لمنظّمة الأمم المتّحدة للطفولة – اليونيسيف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خيرت كابيليري في بيان أصدره إلى أنّ أكثر من عامين ونصف عام من الصراع المستمرّ في اليمن وضع مرّة أخرى تعليم 4.5 مليون طفل على المحكّ، موضحاً أنّ ثلاثة أرباع المعلّمين لم يتلقّوا رواتبهم منذ ما يقارب العام.
من جهته، قال الخبير الاقتصاديّ أحمد شماخ لـ”المونيتور”: “فاقمت أزمة انقطاع الرواتب التدهور الاقتصاديّ، إلى جانب القصور الواضح لأداء البنك المركزيّ في مهامه. ولولا تحويلات المهاجرين اليمنيّين إلى الداخل خلال الفترة الماضية، لكان الدولار الواحد قد تجاوز ما يقارب الـ750 ريالاً يمنيّاً”.
آثار اجتماعيّة
واعتبر الباحث في علم الاجتماع في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خالد قاسم أنّ أهمّ الآثار الاجتماعيّة لانقطاع الرواتب تتمثل في تفاقم الفقر وحرمان ملايين الأطفال من التعليم وتوقّف الضمان الاجتماعيّ، وقال لـ”المونيتور”: “تتضاعف آثار المشكلة، في ظلّ التركيبة الأسريّة اليمنيّة الممتدّة، فالضرر يتعدّى الأسرة النوويّة إلى الأسرة الممتدّة، أضف إلى ذلك أهمّ ما يحدث والمتمثل في استغلال الحاجة الماليّة من قبل أطراف الصراع لتجنيد المقاتلين، خصوصاً صغار السنّ”.
وعن ضرورة اتخاذ معالجات سريعة، رأى مصطفى نصر أنّ حلّ مشكلة المرتّبات أمر يرتبط بالحلّ السياسيّ، لافتاً إلى أنّ هناك حلولاً عاجلة قد تتّخذ من خلال مبادرة يقودها البنك المركزيّ اليمنيّ، بالتعاون مع الأمم المتّحدة وكلّ الأطراف، لضمان تسليم المرتّبات إلى جميع الموظّفين. ويتمّ تسليم كلّ الإيرادات المتحصّلة إلى فروع البنك المركزيّ اليمنيّ في مناطق اليمن كافّة، ويتمّ أيضاً إجراء تسوية في حال النقص هنا أو هناك”.
بدوره، رأى أحمد شماخ أنّه “ينبغي بسرعة اتّخاذ قرارات اقتصاديّة عاجلة تتمثّل في معالجة الاختلالات وتحسين موارد الدولة الماليّة وزيادة الإنتاج في القطاعات الواعدة وتفعيل دور البنك المركزيّ وأدواته والسيطرة على السوق السوداء وإغلاق محلاّت الصرافة المخالفة، لما من شأن ذلك تحسين موارد الدولة الماليّة وتقريب الفجوة القائمة بين الإيرادات والنفقات، ومنه إلى صرف المرتبات والأجور”.
وأمام أوضاع إنسانيّة صعبة كهذه وتبعات الحرب، تستمرّ أطراف الصراع في اللاّمبالاة والتجاذب بمواقفها ولا تنفكّ عن إلقاء اللوم على بعضها البعض، وترافقها ردّة فعل كلاميّة وتحذيرات مستمرّة للمؤسّسات الأمميّة والمواقف الدوليّة دونما أفعال لوضع حدّ لكارثة إنسانيّة يقف أمامها المواطن اليمنيّ وحيداً عاجزاً.
يذكر أنّ اليمن يشهد حرباً منذ آذار/مارس من عام 2015 تقدّر ضحاياها من المدنيين حسب الأمم المتّحدة بحوالي 5،200 شخص، فيما يبلغ من يحتاجون إلى المساعدة العاجلة 22.2 مليون شخص.