تحركات يمنية للحد من نفوذ الإمارات في عدن
الجنوب اليوم | صحافة
أدركت الحكومة اليمنية الشرعية، بعد وقت متأخر، بحسب وصف مراقبين سياسيين، خطورة النفوذ الإماراتي الذي يهدد تواجدها في العاصمة المؤقتة عدن، فلم يعد هذا النفوذ خفيا أو قابلا للتغطية من أجل تحالف فقد بوصلته في حرب عبثية تدخل بعد أيام عامها الرابع دون تحقيق أي هدف، باستثناء تجزئة وتدمير البلاد.
وأفصحت مصادر في الحكومة اليمنية عن أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عرض على الصين إدارة واستثمار ميناء عدن، في محاولة لسحب البساط على الإمارات التي تعيق نشاط الميناء وتمنع حتى الحكومة الشرعية من إدخال أموال طبعتها في روسيا لصرف المرتبات، وأشارت إلى أن التحرك الآخر هو رسالة وزير الداخلية لقيادة قوات التحالف بعدم التعامل مع اي جوانب امنية الا عبر الوزارة.
وذكرت مصادر رئاسية أن الرئيس اليمني عرض خلال لقائه هذا الاسبوع في الرياض على السفير الصيني جين خوري، توقيع عقد استثمار وإدارة لميناء عدن من قبل الصين، وأكدت ان السفير الصيني رحب بهذا العرض وأنه سيعرضه على قيادة بلاده للرد عليه.
وأحدث التدخل الكبير لأبوظبي في ميناء ومدينة عدن، خلافا حادا بين الرئيس هادي والأخيرة، وصل إلى حد التهديد باغتيال هادي من قبل الميلشيا التابعة للإمارات والتي تسيطر على الوضع الأمني في عدن، وفق ما كشفت عنه مصادر حكومية في وقت سابق. وأكدت المصادر أن الرئيس هادي صبر كثيرا على عبث الإماراتيين بميناء عدن، وحاول إثناءهم مرارا ولكنهم لم يعبأوا بكل ملاحظاته واعتراضاته على التحركات الإماراتية في عدن ومحافظات الجنوب عموما.
ومع توالي فصول الأزمة بين الحكومة الشرعية والإمارات، طالب وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري قيادة التحالف العربي بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وعدم التعامل مباشرة مع الوحدات والأجهزة الأمنية في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، ووجه ايضا قيادات وزارة الداخلية وأجهزتها المختصة بعدم التعامل مع قوات التحالف بصورة مباشرة. وتأتي هذه الخطوة في ظل اتجاه العلاقة بين الحكومة الشرعية وتحالف السعودية والامارات نحو مزيد من التعقيد خصوصاً في الجانب الأمني، وتكاثر التشكيلات الأمنية والعسكرية التي لا تتبع الحكومة الشرعية. وعرف الميسري خلال الفترة الأخيرة بمواجهته للمجلس الانتقالي الجنوبي ولسياسات الإمارات في عدن وقوات الحزام الأمني التي تدعمها أبوظبي.
ووصف مراقبون إجراءات وزير داخلية الحكومة الشرعية بـ”الشجاعة” كونها تأتي ضمن سياق رد الاعتبار للكيان الأمني التابع للدولة وسحب البساط من تحت نفوذ التحالف في المحافظات المحررة، غير ان شكوكاً تبرز حيال مدى استجابة أبوظبي لهذه التوجيهات الرسمية.
يذكر أن عدداً من الأجهزة والتشكيلات الأمنية في المحافظات الجنوبية هي في الأساس تتبع التحالف، وتحديداً الإمارات؛ مالياً وإدارياً وعملياتياً وترفض التعامل مع الحكومة الشرعية بل خاضت في أواخر يناير الماضي مواجهات عسكرية مباشرة مع القوات التابعة لحكومة الرئيس هادي في عدن ووسعت من سيطرتها على الأرض بينما تراجعت المساحة التي كانت تتحكم فيها قوات الحكومة.
وبقراءة بسيطة للخطوة التي أقدم عليها الوزير الميسري فإن في طياتها ردا واضحا على إصرار التحالف على مطلب مغادرة الميسري عدن على اعتبار أنه “أحد أسباب تأجيج الصراع” بحسب التوصيفات التي أطلقت على المواجهات التي شهدتها عدن بين قوات الحكومة الشرعية وأخرى تابعة للانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
ويضع هذا التصعيد العلاقة بين حكومة هادي والتحالف على مفترق طرق، إما أن تشهد تفاهمات تدفع بالعلاقة نحو تنسيق يقوم على الشراكة، وإما أن تكون بداية لمرحلة أكثر تعقيداً ستؤثر سلباً على العمليات العسكرية على الأرض.
ويواجه الرئيس عبد ربه منصور هادي ضغوطا كبيرة من قبل السعودية والإمارات لإقالة الميسري، لكنه يرفض الخضوع لتلك الضغوط حتى الآن.
ولا يزال مصير وزير النقل، صالح الجبواني، الذي أطلق تصريحات غير مسبوقة ضد الإمارات، أواخر الشهر الماضي، مجهولاً بعد انتقاله إلى السعودية. وكان الجبواني قد وجه اتهامات صريحة للإمارات وحلفائها في المحافظات الجنوبية لليمن، في مؤتمر صحفي، بوضع العراقيل أمام الحكومة الشرعية، وبناء جيوش قبلية ومناطقية، داعياً إلى مراجعة العلاقة معها. كما اجبر تحالف السعودية وزير الدولة اليمني، صلاح الصيادي على مغادرة عدن، بعد دعوته لخروج تظاهرات شعبية تطالب بعودة الرئيس هادي من الرياض مثلما جرى في لبنان مع رئيس الوزراء رفيق الحريري، في اول تصريح بأن هادي محتجز هناك.
وكانت محاولة انقلاب دموية مسلحة قادتها الامارات ضد الحكومة الشرعية في عدن، نهاية يناير الماضي، واقتحمت المليشيات الموالية لها معسكرات الحماية الرئاسية وحاصرت الحكومة في قصر معاشيق، قبل ان تتدخل الرياض، فيما اسماها سياسيون يمنيون، لعبة تداول الادوار بين الدولتين، لوقف ذلك.
جريدة الشرق