«الحراك الجنوبي» ممثل الجنوب الشرعي
الجنوب اليوم
نطالع بين وقت وآخر بعض الأصوات الطرية التي لم تؤثر فيها هدير شعارات ميادين ثورة «الحراك الجنوبي»، والتي لم تمس عذوبتها قسوة جلادي ومحققي الأمن المركزي والأمن القومي والأمن السياسي وكل أنواع وألوان أجهزة الأمن «العفاشية» التي عبثت بكل شيء في الجنوب الحبيب من الأرض إلى الإنسان.
هذه الفئة التي فاقت من غفلتها متأخرة اتخذت من طريق مهاجمة «الحراك الجنوبي» ونكران وجود قياداته ومكوناته وسيلة من وسائل النضال التحرري لتحقيق أهدافها المبطنة وهي الوسيلة المؤدية إلى خلق فرصة أمام هؤلاء ليضعوا لهم بصمة حضور في بناءا فاتهم الكثير من عناء تشييده ونصب أركانه ولم يعد يهم هؤلاء شيئاً سوى تسجيل الحضور ولو على أنقاض ثورة سقط لأجلها مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين.
لهؤلاء نؤكد مجدداً أن «الحراك الجنوبي» ليس ثورة شخص أو فصيل، إنما هي ثورة شعب عمدتها دماء الشهداء ورفعت رأيتها سواعد أبناء الجنوب، ليس منذ معركة التحرير في مارس 2015م، ولكن منذ العام 1994م وكانت صرخته الأولى من جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين الذين أقصاهم نظام «عفاش» عن وظائفهم ورمى بهم على قارعة الطريق كما رمى بالجنوب كاملا في الزاوية المظلمة في عقليتة الاستبدادية.
إن أي صحوة جنوبية سابقة أو لاحقة ترفض العبودية والتبعية العمياء، إنما هي نتاج للفعل الثوري الإيجابي، ويرجع الفضل فيها إلى «الحراك الجنوبي»، وإن أي جنوبي شارك منذ الانطلاقة الأولى أو تأخر إلى ما بعد ذلك، أو حتى من ثار في مارس 2015م أو بعد ذلك، أو سيثور غداً أو بعد غد، هو في نظر الجنوب ثائراً له موقعه ويقوم بواجبه، وإن «الحراك» لايحاسب من تأخر فلكل شخص ظروفه ومصالحه التي يراعيها دائماً ويعمل على الحفاظ عليها.
إن «الحراك الجنوبي» الذي يشكل الحامل السياسي للقضية الجنوبية بموجب القرار الدولي 2140 يدرك حجم العقبات التي تعترض مسيرة ثورته، ويدرك حجم المخاوف لدى خصومة على مستوى الداخل والخارح في مواجهة الأهداف التي يناضل لتحقيقها، وبالتالي فقد آمنت قوى «الحراك الجنوبي» بأن تحصين ثورتهم تأتي من قاعدة المشاركة الجنوبية والقبول بالآخر الجنوبي، ووضعت تلك القاعدة على قمة أولويات رؤيتها للمستقبل الحنوبي القادم، وإن أي محاولة تنظيمية قامت في إطار الفعل التنظيمي لهذا «الحراك» خلال سنوات ثورته فإنما تهدف إلى خلق تفاهمات بين قيادات هذا «الحراك» ومكوّناته للوصول إلى إيجاد قيادة توافقية موحدة تنظم جهد هذا الحامل وتقود عمله وتمثل الجنوب في الداخل والخارج، ولاتعني بالضرورة أن هذا «الحراك» غير منظم ولا تحكمه كيانات ثورية جنوبية تقف على رؤوسها قيادات «حراكية» جنوبية واجهت صلف وجبروت عفاش ونظامه، وعاشت في الميادين والزنازين أكثر مما عاشت في دورها وبين أبناءها.
كما أنه ليس بمقدور شخص أو حزب أو جماعة تأخرت عن الاقتناع بحق شعب الجنوب في نيل حقه والتحرر من التبعية لنظام «الاحتلال العفاشي» أن تعيد الثورة إلى مربعها الأول لغرض ايجاد لها موطئ قدم ولو على حساب تضحيات أبناء الجنوب وعذاباتهم، وذلك من خلال محاولة الإساءة إلى رموز «الحراك الجنوبي» ومكوناته السياسية، والتقليل من دوره والاجتهاد في خلق المسميات التي تحاول تجاوز اعتراف القرار الأممي 2140 بريادة «الحراك الجنوبي» وتصدره لمشهد قيادة دفة السفينة الحنوبية إلى بر الوصول إلى الحق الوطني المسلوب. فأي مسميات أو منتوجات مؤلفة ومصنعة لن تحل محل المولود الشرعي للشعب الجنوبي المتمثل بـ«الحراك الجنوبي».
فـ«الحراك الجنوبي» تكمن قوته في إيمانه بعدالة قضيته وتمسكه باهداف ثورته وإصراره على استقلالية قراره، ولهذا كان وسيظل قوياً متماسكاً، لأنه تحصن بثقافة القبول بالآخر، فقد نشأت تحت مظلته الكبرى العديد من المكونات، وأظهر العديد من القيادات المشهود لها بالوعي السياسي الراقي، ولم يكن ينقص «الحراك» سوى خطوة الإلتقاء على ممثل توافقي له، وهي الخطوة التي حاربها الإقليم بالأدوات الجنوبية ومازال يحاربها في محاولة لخلق البديل لـ«الحراك الجنوبي» المعترف به دولياً بالقرار 2140.
ختاماً، نود الإشارة إلى أن المحاولات المحمومة والمتواصلة للتقليل من دور «الحراك الجنوبي»، ومن دور قياداته، لن تصب في مصلحة أهداف الثورة الجنوبية، كما أنها ليست الطريقة المثلى لصناعة البديل الجنوبي الذي يريد له البعض أن يقوم بدور العراب لتمرير المشاريع الإقليمية التي تنتقص من أهداف ثورة الجنوب، كما أن محاولة البعض الجنوبي تحويل اتجاه بوصلة النضال الجنوبي من محاربة «نظام عفاش» وبقاياه ورديفهما «الحوثي» إلى محاربة «الحراك الجنوبي» وتشويه مسيرته الظافرة والطاهرة، ومهاجمة الأطراف الجنوبية المختلفة الأخرى أين ما تواجدت، هو عمل يضع كل التضحيات الجنوبية في مهب رياح طموحات البعض المثقل بداء السلطة والتفرد، وهو الأمر الذي لن تصمت عليه قوى «الحراك الجنوبي» كثيراً ولن تسمح باستمراره.