عبث الإمارات في سقطرى: عشرون عاماً على الجريمة
الجنوب اليوم | العربي
عائشة سالم
يتعاظم العبث الإماراتي بين ساعة وأخرى في اليمن، ولم يعد متوقفاً على المشهد السياسي في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف فحسب، بل أصبح يهدد هوية بعض تلك المناطق وهوية سكانها عبر إلباسها طابعاً إماراتياً يعبّر عن نزعة إستعمارية واضحة ولا تقبل التأويل. وخير دليل على ذلك، العبث الذي طال جزيرة سقطرى أرضاً وإنساناً لفترات متعاقبة، ازدادت وتيرتها حدة بعد حرب 2015.
عشرون عاماً من التخطيط
إن محاولات السيطرة عل سقطرى والعبث بمقدراتها أرضاً وإنساناً تأتي ضمن مخطط كبير بدأت الإمارات في رسم ملامحه منذ أكثر من 20 عاماً، وهو ما تؤكده وثيقة صادرة عن سفارة أبو ظبي في صنعاء في العام 1999، عبّرت عن قلق الإمارات بشأن محاولات أمريكية لإنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة مقابل مشاريع إقتصادية غير محددة، وهي وثيقة تؤكد في وجهها الضمني أطماع الإمارات في سقطرى.
وقد دخل هذا المخطط حيّز التنفيذ فعلياً على أرض الواقع إبّان حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأركان حكمه، ابتداءً من منح موانئ دبي الحق في امتلاك المنطقة الحرة في عدن، وما رفقها من تدمير وتجميد لصالح موانئها وموانئ تستغلها في أفريقيا، بالإضافة إلى منحها الحق في التوغل في سقطرى تحت قناع خيري تارة واستثماري تارة أخرى. لكنه اتضح بجلاء الآن، فما تمارسه قواتها في الشريط الساحلي هو تجسيد حي لذلك المخطط الرامي إلى السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية، من أجل استغلالها لصالحها أو تجميدها على الأقل، إن لم يتسن لها ذلك؛ لاعتبارات إستراتيجية واقتصادية، وهو ما تمضي عليه الآن وبخطى واسعة وحثيثة. فمعاركها مع «أنصارها الله» منذ اندلاع «عاصفة الحزم» تتوقف على الشريط الساحلي، وقد سيطرت على بعضه، وتسعى حثيثاً إلى السيطرة على ما تبقى منه في الجبهة الغربية وصولاً إلى ميناء الحديدة.
تآمر ممنهج
يقول الصحفي علي سعيد السقاف في حديث لـ«العربي» إن «تآمر الإمارات على اليمن ليس جديداً؛ فقد بدأ عندما بدأت شركة موانئ دبي بتقديم رشوة لمسؤولين يمنيين كبار مقابل تمكينها من إدارة المنطقة الحرة في عدن؛ وعملت منذ الأيام الأولى من استلامها للمنطقة على القيام بتدمير هذه المنطقة وبشكل ممنهج ومدروس بعناية، لصالح موانئ أخرى تديرها».
ويضيف السقاف أن «الإمارات تعمل حالياً بهمة عالية للسيطرة الكاملة على ميناء عدن والشريط الساحلي الغربي، إضافة إلى جزيرتي سقطرى وميون، خاصة سقطرى».
سيطرة اقتصادية واجتماعية
لم تكتف الإمارات بالتفكير في السيطرة على سقطرى دون وضع خطة محكمة للسيطرة على أرضها وسكانها اقتصادياً واجتماعياً، وهي سيطرة دشنتها منذ أكثر من خمسة عشر عاماً بتسوير أراضٍ كبيرة، وزواج إماراتيين من سقطريات بغرض السيطرة اجتماعياً على الجزيرة، ومنح السقطريين تسهيلات كثيرة على صعيد الجنسية وتوفير فرص العمل ونقلهم إلى الإمارات بسهولة ويسر لضمان ولائهم، في سبيل محاولات واسعة لمسخ هوية الجزيرة وسكانها.
هذا الأمر يؤكده السقاف، ويقول «بدأت الإمارات تروّج وببجاحة تثير السخرية، أن سكان سقطرى هم في الأصل إماراتيون. ووجدت لها أبواقاً، تسوّق ذلك الهراء، على سبيل المثال قناة الغد المشرق التي تموّلها».
يحمل العبث الإماراتي هذا بعداً اقتصادياً صرفاً؛ إذ تحاول الإمارات تعطيل الموانئ والمناطق الحرة والحركة التجارية لصالح موانئها التي تشرف عليها أو تتحكم بها. فهي، بحسب ما يؤكد السقاف، تعمل على إطالة أمد الحرب والاستنزاف لتستكمل تنفيذ مخططها، وتثير القلق وتعمل على خلط الأوراق وتستخدم أوراقاً كثيرة للضغط على الدولة، فهي من «أهم عوامل عدم الاستقرار في عدن، وتدعم مليشيات ونخب وأحزمة، تمهيداً لفصل جنوب اليمن عن شماله ليتسنى لها السيطرة الكاملة على المواني والجزر».
ويشير السقاف إلى أن «جزيرة سقطرى قد نالت النصيب الأكبر من عبث الإماراتيين، ابتداءً من تجريف الأشجار والطيور والحيوانات النادرة والسلاحف وانتهاء بمحاولة تغيير هوية الجزيرة ومصادرتها بالكامل».
كيفية إيقاف العبث
إن ما تمارسه الإمارات يعد عبثاً يمسّ الهوية الوطنية لليمن شمالاً وجنوباً، ويعمد إلى تخريب منظومته الاقتصادية وموانئه وجزره، ومسخ أبعاد وملامح قضيته الأم، ولا سبيل إلى إيقاف هذا العبث، كما يؤكد السقاف، سوى بقوة اليمنيين ووقوفهم صفا ًواحداً، إذ يجب «أن يجابه عبث الإماراتيين، بقوة من جميع اليمنيين، فالوضع أخطر مما يتصوره البعض، ومن العيب السكوت على ممارسات تلك الدولة سواء في سقطرى أو في أي منطقة من مناطق اليمن، خصوصاً وقد سمّتها لجنة خبراء الأمم المتحدة بالاسم واعتبرتها معوقاً رئيسياً للاستقرار في اليمن».
وفي الاتجاه ذاته، يعتبر الأكاديمي سامي عطا، في حديث لـ«العربي» أن ما تمارسه الإمارات في سقطرى والشريط الساحلي واليمن عموماً «يدخل ضمن النزعة الاستعمارية، البشعة»، ويرى أن مجابهة عبثها «ينبغي أن يكون مسلحاً لأنها لا تعرف معنى غير ذلك».
ويضيف «في اعتقادي أن على الجيش واللجان الشعبية أن يكثفوا من هجومهم الصاروخي وعملياتهم العسكرية على الاحتلال الإماراتي؛ لأن الحرب لن تقف طالما والاحتلال يحارب بأيادٍ يمنية؛ وإذا ظلت الحرب يمني يقاتل يمني فإن كلفتها ستكون أكبر بعد الحرب، ولذلك تغيير استراتيجية الحرب ضرورة للتقليل من كلفتها البشرية بزيادة في العمليات العسكرية على معسكرات وأماكن تواجد القوات الغازية»، مؤكداً على أنه «كلما زادت كلفتهم البشرية قربت ساعة النصر وسيجبرون على المغادرة».
ويرجع الناشط محمد بن علي جابر، في حديث لـ«العربي»، العبث الإماراتي في سقطرى إلى «صمت الدولة وأدواتها في سقطرى حيال ذلك».
ويعتبر جابر، الرئيس هادي ومحافظ سقطرى وسلطته المحلية «المسؤولين عن ذلك العبث بشكل أساسي»، إذ يقول «لا أعتب على الإمارات بقدر ما أعتب على الرئيس والحكومة والسلطة المحلية ممثلة بمحافظ سقطرى فهم من سمح لها بهذا العبث، وأحمّل الرئيس المسؤولية بالدرجة الأولى؛ لأنه بيده أن يوقف ذلك العبث ولدينا مثل حضرمي يقول لو سلك لي غرامي ما أغبط أهل العقول».
وفي المحصّلة، يتفق كثير من المراقبين على أن العبث الإماراتي في اليمن، وسقطرى خصوصاً، قد فاق كل التوقعات والتصورات. إذ لم يتوقف الأمر على ما سبق، بل يكشف بعض المراقبين أن السلطات الإماراتية تُلزم طلبة المدارس في سقطرى بترديد النشيد الوطني الإماراتي، فضلاً عن قيامها بنقل الشجر والحجر والبشر إلى أبوظبي ودبي.
أمام هذا الواقع الذي تفرضه الإمارات في سقطرى، ترتفع أكثر من علامة استفهام، ويتردّد أكثر من سؤال. فهل سيتوقف العبث الإماراتي الذي يرتدي لبوساً خيرياً حيناً وإنسانياً حيناً آخر؟ أم سيستمر؟ وما هو السبيل إلى إيقافه؟
عشرون عاماً من التخطيط
إن محاولات السيطرة عل سقطرى والعبث بمقدراتها أرضاً وإنساناً تأتي ضمن مخطط كبير بدأت الإمارات في رسم ملامحه منذ أكثر من 20 عاماً، وهو ما تؤكده وثيقة صادرة عن سفارة أبو ظبي في صنعاء في العام 1999، عبّرت عن قلق الإمارات بشأن محاولات أمريكية لإنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة مقابل مشاريع إقتصادية غير محددة، وهي وثيقة تؤكد في وجهها الضمني أطماع الإمارات في سقطرى.
وقد دخل هذا المخطط حيّز التنفيذ فعلياً على أرض الواقع إبّان حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأركان حكمه، ابتداءً من منح موانئ دبي الحق في امتلاك المنطقة الحرة في عدن، وما رفقها من تدمير وتجميد لصالح موانئها وموانئ تستغلها في أفريقيا، بالإضافة إلى منحها الحق في التوغل في سقطرى تحت قناع خيري تارة واستثماري تارة أخرى. لكنه اتضح بجلاء الآن، فما تمارسه قواتها في الشريط الساحلي هو تجسيد حي لذلك المخطط الرامي إلى السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية، من أجل استغلالها لصالحها أو تجميدها على الأقل، إن لم يتسن لها ذلك؛ لاعتبارات إستراتيجية واقتصادية، وهو ما تمضي عليه الآن وبخطى واسعة وحثيثة. فمعاركها مع «أنصارها الله» منذ اندلاع «عاصفة الحزم» تتوقف على الشريط الساحلي، وقد سيطرت على بعضه، وتسعى حثيثاً إلى السيطرة على ما تبقى منه في الجبهة الغربية وصولاً إلى ميناء الحديدة.
تآمر ممنهج
يقول الصحفي علي سعيد السقاف في حديث لـ«العربي» إن «تآمر الإمارات على اليمن ليس جديداً؛ فقد بدأ عندما بدأت شركة موانئ دبي بتقديم رشوة لمسؤولين يمنيين كبار مقابل تمكينها من إدارة المنطقة الحرة في عدن؛ وعملت منذ الأيام الأولى من استلامها للمنطقة على القيام بتدمير هذه المنطقة وبشكل ممنهج ومدروس بعناية، لصالح موانئ أخرى تديرها».
ويضيف السقاف أن «الإمارات تعمل حالياً بهمة عالية للسيطرة الكاملة على ميناء عدن والشريط الساحلي الغربي، إضافة إلى جزيرتي سقطرى وميون، خاصة سقطرى».
سيطرة اقتصادية واجتماعية
لم تكتف الإمارات بالتفكير في السيطرة على سقطرى دون وضع خطة محكمة للسيطرة على أرضها وسكانها اقتصادياً واجتماعياً، وهي سيطرة دشنتها منذ أكثر من خمسة عشر عاماً بتسوير أراضٍ كبيرة، وزواج إماراتيين من سقطريات بغرض السيطرة اجتماعياً على الجزيرة، ومنح السقطريين تسهيلات كثيرة على صعيد الجنسية وتوفير فرص العمل ونقلهم إلى الإمارات بسهولة ويسر لضمان ولائهم، في سبيل محاولات واسعة لمسخ هوية الجزيرة وسكانها.
هذا الأمر يؤكده السقاف، ويقول «بدأت الإمارات تروّج وببجاحة تثير السخرية، أن سكان سقطرى هم في الأصل إماراتيون. ووجدت لها أبواقاً، تسوّق ذلك الهراء، على سبيل المثال قناة الغد المشرق التي تموّلها».
يحمل العبث الإماراتي هذا بعداً اقتصادياً صرفاً؛ إذ تحاول الإمارات تعطيل الموانئ والمناطق الحرة والحركة التجارية لصالح موانئها التي تشرف عليها أو تتحكم بها. فهي، بحسب ما يؤكد السقاف، تعمل على إطالة أمد الحرب والاستنزاف لتستكمل تنفيذ مخططها، وتثير القلق وتعمل على خلط الأوراق وتستخدم أوراقاً كثيرة للضغط على الدولة، فهي من «أهم عوامل عدم الاستقرار في عدن، وتدعم مليشيات ونخب وأحزمة، تمهيداً لفصل جنوب اليمن عن شماله ليتسنى لها السيطرة الكاملة على المواني والجزر».
ويشير السقاف إلى أن «جزيرة سقطرى قد نالت النصيب الأكبر من عبث الإماراتيين، ابتداءً من تجريف الأشجار والطيور والحيوانات النادرة والسلاحف وانتهاء بمحاولة تغيير هوية الجزيرة ومصادرتها بالكامل».
كيفية إيقاف العبث
إن ما تمارسه الإمارات يعد عبثاً يمسّ الهوية الوطنية لليمن شمالاً وجنوباً، ويعمد إلى تخريب منظومته الاقتصادية وموانئه وجزره، ومسخ أبعاد وملامح قضيته الأم، ولا سبيل إلى إيقاف هذا العبث، كما يؤكد السقاف، سوى بقوة اليمنيين ووقوفهم صفا ًواحداً، إذ يجب «أن يجابه عبث الإماراتيين، بقوة من جميع اليمنيين، فالوضع أخطر مما يتصوره البعض، ومن العيب السكوت على ممارسات تلك الدولة سواء في سقطرى أو في أي منطقة من مناطق اليمن، خصوصاً وقد سمّتها لجنة خبراء الأمم المتحدة بالاسم واعتبرتها معوقاً رئيسياً للاستقرار في اليمن».
وفي الاتجاه ذاته، يعتبر الأكاديمي سامي عطا، في حديث لـ«العربي» أن ما تمارسه الإمارات في سقطرى والشريط الساحلي واليمن عموماً «يدخل ضمن النزعة الاستعمارية، البشعة»، ويرى أن مجابهة عبثها «ينبغي أن يكون مسلحاً لأنها لا تعرف معنى غير ذلك».
ويضيف «في اعتقادي أن على الجيش واللجان الشعبية أن يكثفوا من هجومهم الصاروخي وعملياتهم العسكرية على الاحتلال الإماراتي؛ لأن الحرب لن تقف طالما والاحتلال يحارب بأيادٍ يمنية؛ وإذا ظلت الحرب يمني يقاتل يمني فإن كلفتها ستكون أكبر بعد الحرب، ولذلك تغيير استراتيجية الحرب ضرورة للتقليل من كلفتها البشرية بزيادة في العمليات العسكرية على معسكرات وأماكن تواجد القوات الغازية»، مؤكداً على أنه «كلما زادت كلفتهم البشرية قربت ساعة النصر وسيجبرون على المغادرة».
ويرجع الناشط محمد بن علي جابر، في حديث لـ«العربي»، العبث الإماراتي في سقطرى إلى «صمت الدولة وأدواتها في سقطرى حيال ذلك».
ويعتبر جابر، الرئيس هادي ومحافظ سقطرى وسلطته المحلية «المسؤولين عن ذلك العبث بشكل أساسي»، إذ يقول «لا أعتب على الإمارات بقدر ما أعتب على الرئيس والحكومة والسلطة المحلية ممثلة بمحافظ سقطرى فهم من سمح لها بهذا العبث، وأحمّل الرئيس المسؤولية بالدرجة الأولى؛ لأنه بيده أن يوقف ذلك العبث ولدينا مثل حضرمي يقول لو سلك لي غرامي ما أغبط أهل العقول».
وفي المحصّلة، يتفق كثير من المراقبين على أن العبث الإماراتي في اليمن، وسقطرى خصوصاً، قد فاق كل التوقعات والتصورات. إذ لم يتوقف الأمر على ما سبق، بل يكشف بعض المراقبين أن السلطات الإماراتية تُلزم طلبة المدارس في سقطرى بترديد النشيد الوطني الإماراتي، فضلاً عن قيامها بنقل الشجر والحجر والبشر إلى أبوظبي ودبي.
أمام هذا الواقع الذي تفرضه الإمارات في سقطرى، ترتفع أكثر من علامة استفهام، ويتردّد أكثر من سؤال. فهل سيتوقف العبث الإماراتي الذي يرتدي لبوساً خيرياً حيناً وإنسانياً حيناً آخر؟ أم سيستمر؟ وما هو السبيل إلى إيقافه؟