ترامب ينسحب من «النووي»: ترحيب إسرائيلي سعودي وشجب عالمي
الجنوب اليوم | العربي
كما كان متوقعاً على نطاق واسع، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مساء اليوم الثلاثاء، أن بلاده ستنسحب من الإتفاق النووي الموقع مع إيران في العام 2015، واصفاً إياه بانه «كارثي».
وقال ترامب في خطاب متلفز من أمام البيت الأبيض: «أعلن اليوم أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني». كما أعلن عن قراره عدم تمديد الالتزام برفع العقوبات عن إيران في الاتفاق حول برنامجها النووي الذي تم التوصل إليه في يوليو العام 2015.
وحذر الرئيس الأمريكي إيران من مواجهة «مشاكل أكبر» إذا واصلت أنشطتها النووية، كما هدد طهران بفرض «أعلى مستوى» من العقوبات عليها، لكنه قال إنه مستعد وقادر على التفاوض على اتفاق جديد مع إيران عندما تكون هي مستعدة لذلك.
إيران بين إبقائه و«حرقه»
وعقب خطاب ترامب، رد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن بلاده كانت تتوقع خروج واشنطن من الاتفاق، وأنه أصدر تعليمات لوكالة الطاقة الذرية الإيرانية للقيام بما هو ضروري.
وأكد الرئيس الإيراني أن الولايات المتحدة «لم ولن تلتزم بما تعهدت به على الإطلاق»، مشیراً إلى أن الاتفاق النووي هو اتفاق دولي وليس اتفاق ثنائي بين بلدين، مؤكداً على أن «الاتفاق بات اليوم بين إيران و5 دول أخرى، من دون الوجود الأمريكي».
وقال: «كنا نعلم منذ البداية أن أمريكا لن تفي بتعهداتها، وهذا ما ثبت لنا في قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي».
وأضاف أن إيران ستجري مشاورات مع الدول المعنية بالاتفاق النووي، مضيفاً أنه سيجري مباحثات مع روسيا والصين قريباً على خلفية انسحاب واشنطن.
وشدد الرئيس الإيراني على أن مجلس الأمن صادق على الاتفاق النووي وواشنطن أعلنت رسمياً عدم احترام كل الاتفاقيات الدولية.
وبخصوص الأوضاع الإقتصادية، أكد روحاني أنه تم وضع خطة لتأمين العملات الصعبة بالبلاد.
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني، إن قرار الرئيس دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني «غير قانوني وغير مشروع ويقوض الاتفاقات الدولية».
وكان المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، حذر في يونيو العام 2016، الرئيس ترامب قبل انتخابه، إبان الحملات الانتخابية في سباق الرئاسة الأمريكية، من التخلي عن الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى، بعد كلمة لترامب قال فيها إنه في حال انتخابه، فإن أولى أولويات سياسته الخارجية ستكون إلغاء الاتفاق، وتفكيك ما وصفه بـ«شبكة إيران العالمية للإرهاب».
وقال خامنئي في رد غير مباشر: «نحن لا ننتهك الاتفاق النووي، ولكن مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية يهددون بتمزيق الاتفاق. إذا فعلوا ذلك، فإننا سنحرقه».
وأضاف خامنئي في حينها: «يتعين على الطرف الآخر رفع العقوبات، ولكنه لم يفعل. ولم يتم تنظيم مسألة التعاملات المصرفية، ونحن غير قادرين على استعادة الأموال المتأتية من دخل النفط وغيرها من الأموال التي لدينا في دول أخرى».
وأضاف: «الأميركيون لا يطبقون جزءاً كبيراً من التزاماتهم كما نفعل نحن».
شَجب أوروبي
من جهتها، أعلنت فرنسا وألمانيا وبريطانيا أنها ملتزمة استمرار تنفيذ الاتفاق النووي، على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة منه.
وأورد بيان مشترك أن «حكوماتنا تبقى ملتزمة ضمان تنفيذ الاتفاق وستعمل مع جميع الأطراف الآخرين المعنيين، بحيث يبقى الأمر على هذا النحو على أن يشمل ذلك ضمان استمرار الفوائد الاقتصادية المرتبطة بالاتفاق للشعب الايراني».
ونبه البيان الذي أصدرته رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، إلى أن ملامح مواجهة تلوح بين ضفتي الاطلسي وخصوصاً بعد تحذير الشركات الاوروبية العاملة في ايران من تعرضها لعقوبات اميركية.
وأضاف «نحض الولايات المتحدة على ابقاء بنود الاتفاق مع ايران من دون اي تغيير وعلى تجنب اتخاذ خطوات من شأنها منع تنفيذه من جميع الاطراف الاخرين المعنيين».
وتابع القادة الثلاثة انهم تبلغوا قرار ترامب «باسف وقلق» مطالبين ايران بالاستمرار في الوفاء بالتزاماتها.
وأضافوا: «نشجع أيضاً على التحلي بضبط النفس رداً على القرار الاميركي. على إيران أن تواصل الوفاء بتعهداتها التي نص عليها الاتفاق».
ترحيب إسرائيلي وخليجي
وعلى الفور، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الرئيس الأمريكي على قراره الانسحاب من الاتفاق، كما أيدت السعودية والإمارات والبحرين قرار الانسحاب في بيانات منفصلة نشرتها الوكالات الرسمية لكل دولة على حدة.
وفي بيان مقتضب لنتنياهو، بثه التلفزيون الإسرائيلي فور إعلان ترامب عن قراره، وصف الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني بأنه «وصفة للكارثة بالنسبة للمنطقة والسلام في العالم».
وأضاف نتنياهو أن «هذا قرار تاريخي يمهد لمرحلة جديدة من الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ومن شأن جبهة موحدة ضد النظام الذي يدعم الإرهاب ويزعزع الاستقرار، أن تقطع دابر العدوان الإيراني الذي يهدد منطقتنا والمجتمع الدولي بأسره».
من جانبه، كتب وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في تغريدة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، إن «الرئيس ترامب زعيم العالم الحر أعلن اليوم لنظام آية الله بوضوح: كفاية!».
ووصف ليبرمان السلطات الإيرانية بـ «ديكتاتورية تدعم وتمول الإرهاب وتجلب الموت للجميع في العالم»، واتهم إيران بالسعي إلى الحصول على أسلحة نووية.
وأشاد بقرار ترامب قائلاً إنه «قرار شجاع سيؤدي إلى سقوط هذا النظام الرهيب والقاسي».
وكان تنتياهو قبل أيام من اتخاذ ترامب القرار، أعلن عن حيازته لوثائق تثبت أن «إيران خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية»، وهو ما ردت عليه طهران بالانكار.
من جهتها، أعلنت السعودية عن تأييدها وترحيبها بالخطوات التي أعلنها ترامب حيال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
وذكر بيان صادر عن الخارجية السعودية، أن الرياض تؤيد ما تضمنه الإعلان من إعادة فرض للعقوبات الاقتصادية على إيران والتي سبق وأن تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي.
وبررت الرياض تأييدها السابق للاتفاق الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما بالقول «إن تأييد المملكة العربية السعودية السابق للاتفاق النووي بين إيران ودول مجموعة (5 + 1) كان مبنياً على قناعتها التامة بضرورة العمل على كل ما من شأنه الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط والعالم».
وتابع البيان أن «إيران استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة بما في ذلك حزب الله وميليشيا الحوثي، التي استخدمت القدرات التي نقلتها إليها إيران في استهداف المدنيين في المملكة واليمن والتعرض المتكرر لممرات الملاحة الدولية، وذلك في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن».
بدورها، أعلنت البحرين تأييد قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران واستئناف العقوبات المشددة على إيران. وأكدت «دعمها التام لهذا القرار الذي يعكس التزام الولايات المتحدة الأمريكية بالتصدي للسياسات الإيرانية ومحاولاتها المستمرة لتصدير الإرهاب في المنطقة دون أدنى التزام بالقوانين والأعراف الدولية» كما جاء في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية.
ودعت البحرين «كافة الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق للنظر بمسؤولية للأمن والسلم في المنطقة واتخاذ خطوات مشابهة لما اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية».
إستنكار روسي وتركي
في أول رد لها على انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، اعتبرت روسيا أن هذه الخطوة تمثل تهديداً للأمن الدولي، مؤكدة مواصلة الجهود للحفاظ على الصفقة.
وقال مصدر من الخارجية الروسية، اليوم الثلاثاء، لوكالة «إنترفتكس»، «إن هذا الإجراء انتهاك صارخ للقانون الدولي والاتفاقات الدولية وعمل يقوض سمعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وأضاف المصدر: إن قرار رئيس الولايات المتحدة (دونالد ترامب) يهدد الأمن الدولي».
من جانبه، قال مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف، إن الحكومة الروسية «في اتصال دائم بالثلاثية الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)… ومن السابق لأوانه التحدث حاليا عن إجراءات ملموسة»، لكنه أضاف مشدداً: «عليكم عدم الشك في أن الجهود الرامية للحفاظ على ما يسمى بخطة العمل المشتركة ستستمر».
وتابع موضحا: «حتى هذه اللحظة تحدثت الثلاثية الأوروبية في تصريحاتها العلنية فقط عن محاولتها الاستجابة لمباعث قلق الولايات المتحدة، لكنني لم أسمع أبدا عما تقترحه على إيران، وأخشى أن هذا الأمر سيمثل إحدى المشاكل التي سنواجهها».
من جانبها، اعتبرت تركيا، أن القرار الأمريكي الأحادي، سيزعزع الاستقرار ويخلق صراعات جديدة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن «قرار انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية الأحادي من الاتفاق النووي مع إيران، سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار وخلق صراعات جديدة».
جاء ذلك في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، علق خلالها على قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي.
وأشار قالن إلى أن الاتفاق متعدد الأطراف، سيتواصل مع بقية الدول، وأكد أن موقف بلاده حازم يتمثل بمعارضة كافة أنواع الأسلحة النووية.
محطات
البداية أمريكية مع آيزنهاور:
بدأت قصة البرنامج النووي الإيراني في خمسينات القرن الماضي في إطار برنامج الرئيس الأمريكي آيزنهاور «الذرة من أجل السلام».
وفي العام 1967 تم التوقيع على اتفاقية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة وإيران لتوريد اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم.
وفي العام نفسه تأسس مركز طهران للبحوث النووية بدعم أمريكي.
التوقيع على المعاهدة:
في الأول من يونيو العام 1968 وقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
خطط الشاه:
في السبعينات أعلن شاه إيران محمد رضا بهلوي عن خططه لبناء 23 مفاعلاً نووياً حتى نهاية التسعينات، معللاً ذلك بالتهيؤ لفترة ما بعد النفط، ومؤكداً أن بلاده لا تسعى لبناء أسلحة نووية، ولكنه أضاف «في حال بدأت دول صغيرة في المنطقة ببناء ترسانة نووية، فستعيد إيران النظر في سياستها».
الدور الألماني:
في العام 1975 كرافت فيرك أونيون التابعة لشركة سيمنز الألمانية العملاقة توقع اتفاقية مع إيران لبناء مفاعل بوشهر النووي. وفي العام 1977 وافقت الحكومة الألمانية لكرافت فيرك أونيون على بناء 4 مفاعلات إضافية في إيران.
الثورة وتحول سياسة الغرب:
في العام 1979 اندلعت الثورة الإسلامية في إيران والتي أزاحت نظام الشاه الحليف الغربي والمدعوم تحديداً من الولايات المتحدة، ما شكل منعطفاً في التعاطي الغربي مع الطموح النووي الإيراني.
الولايات المتحدة أوقفت إمداداتها من اليورانيوم المخصب لإيران. أما كرافت فيرك أونيون الألمانية فعلقت أعمال بناء مفاعلي بوشهر قبل إتمامها.
دخول روسيا على الخط:
بعد انقطاع الدعم الغربي للبرنامج النووي الإيراني، بدأ في مطلع التسعينات تعاون إيراني روسي توج بتأسيس منظمة بحثية مشتركة مع إيران باسم «برسيبوليس» وأمدت روسيا إيران على زمن الرئيس بوريس يلتسن بخبراء الطاقة النووية الروسية، والمعلومات التقنية. وفي منتصف التسعينات تم توقيع اتفاق روسي إيراني لاستكمال العمل في مفاعل بوشهر غير المنتهي.
مفاعل آراك النووي أثار مخاوف الغرب:
بدأت المخاوف الدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني في مطلع الألفية الثالثة عند حصول الولايات المتحدة الأمريكية على معلومات من مصادر من المعارضة الإيرانية مفادها قيام إيران ببناء مفاعل لإنتاج الماء الثقيل في مدينة آراك، وهو نوع من المفاعلات يمكنه إنتاج مادة البلوتونيوم اللازمة لإنتاج السلاح النووي.
بداية سياسة العصا والجزة الغربية:
مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية والسياسية خافيير سولانا قام بزيارة إلى طهران وأعلن أن إيران ستسمع «أخباراً سيئة» إذا لم توقع على البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والسماح الفوري بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية «دون قيد أو شرط».
الأخبار «السيئة» كانت، إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً في سبتمبر العام 2003 يلزم إيران بـ«الوقف الفوري الكامل» لكافة نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البروتوكول الإضافي.
الإيرانيون لم يستجيبوا للضغوط:
لكن إيران لم تستجب للضغوط واستأنفت تخصيب اليورانيوم معلنة في أبريل العام 2006 النجاح في عمليات التخصيب بنسبة 3.5% الصالحة لأغراض سلمية، والبعيدة عن الأغراض العسكرية التي تتطلب نسبة تخصيب تزيد على 90%.
بداية العقوبات على إيران:
رد فعل مجلس الأمن الدولي جاء سريعاً حيث أصدر في ديسمبر العام 2006 قراره رقم 1737 الذي يمنع أي دولة من تسليم إيران أو بيعها أي معدات أو تجهيزات أو تكنولوجيا يمكن أن تساعدها في نشاطات نووية وبالستية، بالإضافة إلى تجميد أصول عشر شركات و12 شخصا لهم علاقة بالبرامج.
التوصل للاتفاقية بعد سنوات من الأزمة
بعد سنوات طويلة من المفاوضات الماراثونية ومبادرات عدة، توصلت طهران في 2 أبريل العام 2015 مع الدول الست الكبرى في مدينة لوزان السويسرية إلى «اتفاق إطار» يقود إلى حل نهائي لملف البرنامج النووي الإيراني.
الإتفاق نص على تخلي إيران عن أجزاء من خطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. ودخل حيز التنفيذ في 15 يناير 2016.