رويترز : لهذه الأسباب تحاول الإمارات السيطرة على جزيرة سقطرى
الجنوب اليوم | وكالات
هبطت طائرات نقل عسكرية إماراتية في جزيرة سقطرى اليمنية في الأسبوع الماضي، حيث أنزلت دبابات وقوات في إطار مسعى البلد الخليجي لمد نفوذه إلى مجرى مائي استراتيجي تحيط به مناطق صراع.
والإمارات التي لا يتجاوز تعداد سكانها عشرة ملايين نسمة، تملك ثاني أكبر اقتصاد عربي بفضل النفط. وقال دبلوماسيون ومسؤولون يمنيون وصوماليون إنها تنشر قواتها وتضخ أموالاً لإنشاء شبكة قواعد وحلفاء مسلحين في اليمن والصومال، كحماية من «المتشددين الإسلاميين والنفوذ الإيراني»، بحسب تدعي.
لكن دعم جماعات على خلاف مع حكوماتها المحلية يهدد بتورط الإمارات في نزاعات لا تبدو لها نهاية في اثنين من أفقر بلدان العالم.
وتقع جزيرة سقطرى بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، وتشتهر بالطبيعة النباتية الخلابة، وكانت تبدو بمنأى تماماً عن الحرب حتى وصول القوات الإماراتية في إنزال تحدث عنه المسؤولون والإعلام في اليمن.
واتهمت حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، الإمارات، بالاستيلاء على ميناء ومطار الجزيرة. وقال مصدر في حكومة هادي لوكالة «رويترز»، إن التحرك الإماراتي استعراض قوة من أجل «مصالح تجارية وأمنية»، متهماً الإمارات بمحاولة استعمار اليمن.
وأضاف المصدر «لن يحصلوا على ذلك من اليمن. نعم اليمنيون فقراء، لكن بوسعهم القتال من أجل سيادتهم».
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان بشأن سقطرى، إنها تدعم حكومة هادي في اليمن، وتسعى «للحفاظ على الأمن والاستقرار ودعم المشاريع التنموية ومساعدة أهالي الجزيرة».
وطورت الإمارات قدرات وحدات عسكرية محلية في اليمن، وعززت نفوذها على طول ساحل البحر الأحمر، لكنها فتحت مجالاً للخلاف مع حكومة هادي المقيمة في الرياض.
وللإمارات موطئ قدم أيضاً في شمال الصومال، على الجانب الآخر من مضيق باب المندب، الذي يمر عبره الكثير من النفط العالمي، حيث تؤسس الشركات الإماراتية موانئ تجارية وتنفذ قواتها مهام عسكرية وتدريبية.
وتتحرك الإمارات بشكل حاسم ضد التهديدات التي تراها من جماعات متشددة مثل تنظيم «القاعدة»، بينما تروج لنفسها في المقابل، على أنها بلد مسلم مستقر ومنفتح وشديد التسامح.
وتحالفت الإمارات مع السعودية في الحرب ضد حركة «أنصار الله» في اليمن، وقاطعت مع ثلاثة بلدان عربية أخرى قطر واتهمتها بدعم الإرهاب.
وعينت الإمارات مسؤولين عسكريين أجانب كباراً لتحديث جيشها منهم قائد القوات الخاصة الاسترالية السابق الجنرال مايك هندمارش، الذي يتبع مباشرة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان.
ويشرف هندمارش على الحرس الرئاسي، وهي وحدة مكلفة بتوجيه الحملة الإماراتية في اليمن.
وقال دبلوماسي غربي «إنهم يبادرون بقتال العدو في أنحاء المنطقة».
وشرح مصدر خليجي منهج الإمارات، وقال إنها تحمي مصالحها في المنطقة وتدعم التنمية لردع الجماعات المتشددة عن تجنيد أفراد.
وقال «تساعد الإمارات في تطوير مناطق نافعة اقتصاديا تخلق فرص عمل وتحسن مستويات المعيشة بينما توفر في الوقت نفسه مساعدات إنسانية ومالية».
وأضاف «هناك منهج إماراتي شامل لتعزيز الاستقرار طويل المدى في المنطقة».
«لعبة الانفصال»
يظهر نصب تذكاري من أعمدة مائلة في أبوظبي تكلفة هذه العمليات: فالنصب الذي نقشت عليه أسماء جنود يكرم «شهداء» الإمارات.
وقتل أكثرهم، أي أكثر من 100، خلال الحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام التي تخوضها الإمارات، إلى جانب السعودية، في اليمن.
وأقرب حليف للسعودية في الصراع هي حكومة هادي، وأكثر أعضائها إسلاميون، والتي تحارب «أنصار الله»، الذين يسيطرون على شمال اليمن والعاصمة صنعاء.
وتبنت الإمارات، التي حققت المكاسب الملموسة الوحيدة لـ«التحالف» على طول الساحل الجنوبي الغربي، استراتيجية مختلفة وشكلت صداقاتها الخاصة في الحرب. فالإمارات تدفع رواتب وتدرب جنوداً في سلسلة قواعد صغيرة تنتشر من جزيرة بريم البركانية عند مدخل البحر الأحمر إلى كثبان رماه الرملية قرب الحدود العمانية.
في بداية الحرب على اليمن، قالت «رويترز» إن الإمارات «اقتنصت من المدار الإيراني حركة انفصالية متعثرة تأمل أن تعيد إحياء دولة جنوب اليمن»، وهو ما ينكره الإيرانيون.
وقالت مصادر دبلوماسية وسياسيون من الجنوب، إن «قادة الحركة الاشتراكية غادروا اليمن بعد وحدة الشمال والجنوب في عام 1994، واستقروا في الضاحية الجنوبية لبيروت، ويديرون حركة تمرد محدودة من هناك في اليمن».
وذكرت المصادر أن «مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله دربوا القادة الجنوبيين على أساليب حرب العصابات أملا في زعزعة استقرار المنطقة الجنوبية بالسعودية»، بحسب ما نقلت «رويترز» عنهم.
لكن بعد تقدم «أنصار الله» إلى الجنوب في العام 2015، أقنعت وعود الإمارات بالمساعدة، بعض القادة الجنوبيين بالانتقال إلى أبوظبي، التي يمكنهم منها مواصلة القتال من أجل وطنهم اليمني.
وقال مسؤول جنوبي لـ«رويترز»، «إنهم يريدون محاربة الفصائل الإيرانية التي تحاول السيطرة على أرضهم التي يسعون هم أيضاً للسيطرة عليها».
وساعد هذا «التحالف»، الإمارات في السيطرة على ميناء عدن في الجنوب في العام 2015. ودربت الإمارات القوات اليمنية الجنوبية، التي انتزعت السيطرة على الميناء الرئيسي الآخر، المكلا، من أيدي تنظيم «القاعدة».
ومطار المكلا، المغلق أمام الرحلات التجارية، يستضيف الآن طائرات هليكوبتر إماراتية، ومركز تدريب، ومنشأة احتجاز، وأيضاً فرقة صغيرة من القوات الأمريكية الخاصة، تساعد في محاربة تنظيم «القاعدة» في منطقة الجبال القريبة.
صراع شد الحبل بالصومال
ساعدت هجمات القراصنة الصوماليين على طرق التجارة قبالة منطقة القرن الأفريقي على دفع الإمارات، التي تضم أكثر موانئ الشرق الأوسط انشغالاً، للدخول إلى مجال السياسة المتشابك في الصومال، التي تحارب مسلحي «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» منذ أكثر من عقد.
وتعزز الإمارات علاقاتها مع إقليمي أرض الصومال، وبلاد بنط شبه المستقلين، بعد أن وقعت شركتا «موانئ دبي» العالمية وموانئ «بي.آند.أو» الإماراتيتان المملوكتان للدولة، صفقات هناك في 2016 و2017.
وقال رئيس إقليم أرض الصومال، موسي بيحي عبدي، لـ«رويترز»، خلال زيارة لأبوظبي، إن قوات إماراتية سريعاً ما لحقتهما وبدأت بناء قاعدة عسكرية في بربرة بالإقليم.
وأضاف «سيكون ضمانة لأمننا ونمونا في أي حالة إرهابية… لديهم الموارد والمعرفة أكثر منا. نحن دولة تعيد بناء نفسها بعد الحرب».
وتتضمن هذه العلاقة استثمارات بمئات الملايين من الدولارات في أرض الصومال في مشروعات مثل طريق سريع يصل إلى إثيوبيا ومطار جديد. وقد أغضبت الحكومة المركزية في الصومال وأنهت الإمارات بعثة تدريب في مقديشو.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، لـ«رويترز»، إن «دعم الإقليمين لا يهدف لتقسيم الصومال» وإن بلاده «ليست في نزاع مع الحكومة المركزية».
وأضاف «سياستنا في الإقرار بصومال واحد قائمة… لكن في الوقت نفسه فإن بمقدورنا دعم المواطنين في أرض الصومال من خلال (مشروعات) إنسانية وتنموية».
وقال رئيس إقليم بلاد بنط، عبد الولي محمد علي، لـ«رويترز» في دبي، إن «الجنود الإماراتيين يدربون القوات المحلية لمحاربة القرصنة والجماعات الإسلامية في اليمن أو الصومال». ونفى سعي الإمارات لوجود استعماري طويل المدى. وقال «إنهم لا يحتلون باعتبارهم قوة عسكرية في الصومال… هذا مستحيل. نحن مقاتلون شرسون ولن نسمح بحدوث هذا أبداً».