سقطرى… جزيرة السحر والأساطير
الجنوب اليوم | عصام واصل
سقطرى… الجزيرة اليمينة العجائبية المشفّرة التي ما تزال تستفز المخيلة وتدفع الرحالة إلى البحث عن أسرارها وغوامضها، لكونها الجزيرة الأغرب في العالم والأكثر احتواء على عوالم نادرة ومثيرة؛ لذلك أطلق عليها القدماء جزيرة النعيم وجزيرة الأحلام والأساطير، وما يزال الدراسون المعاصرون يطلقون عليها التسميات ذاتها.
تقع الجزيرة في البحر العربي جنوب اليمن، وتبلغ مساحتها 3700 كيلومتر مربع تقريباً، ويبلغ طولها 125 كيلومتراً وعرضها 42 كيلومتراً، وعدد سكانها 150 ألف نسمة بحسب آخر إحصائيات، وكانت تتبع محافظة عدن، ثم محافظة حضرموت، لتصبح في العام 2013 محافظة مستقلة بذاتها، وقد عانى أهلها من الحرمان والعزلة في شتى الحق المتتابعة لكن أهلها استبشروا خيرا باستقلالها محافظة، غير أن استبشارهم تبخر وذهب أدراج الرياح.
تنوّع وثراء
وتعد هذه الجزيرة من أهم الجزر في العلم التي تحتوي على تنوع بيئي يمتاز عن ما في الجزر الأخرى في العالم، إذ تحتوي على 270 نوع من الأشجار التي لا توجد في أي بقعة في العالم ومن أهمها شجرة دم الأخوين التي تستخدم في العقاقير الطبية وأدوات الزينة، كما تحتوي على أنواع كثيرة من الحيونات والطيور والزواحف التي تعد في حكم النادر الذي لا يوجد في مكان آخر، كما تنماز بكهوفها ومغاراتها المليئة بالأسرار والغموض وجبالها الشاهقة التي تحيط بها والتي يبلغ ارتفاع أعلاها 1500 متر، وهي جبال فائقة الاخضرار والجمال والهندسة.
تاريخ وهوية
تعود ملكية هذه الجزيرة إلى اليمن أو «العربية السعيدة» كما كان يسميها التجار اليونانيون منذ زمن بعيد، غير أن هشاشة سيطرة الدولة على أراضيها وعجزها عن استغلالها ثقافياً واقتصادياً جعل معظم الدول تطمع في ضمها والسيطرة عليها لمكانها الإستراتيجي أولاً ولأهميتها سياحياً واقتصادياً أيضاً؛ إذ تدعي الصومال تارة أنها تدخل ضمن إطارها الجغرافي منذ الأزل، وتسعى الأمارات أيضاً إلى السيطرة عليها منذ أكثر من عشرين عاماً وما تزال.
مجهولة البديات
وإذا كان الدراسون جميعاً يؤكدون عدم معرفة التسمية الأولى للجزيرة وأسبابها فإنهم يؤكدون عدم معرفة الاستطيان الأول على الجزيرة، غير أن الثابت أن لأهلها لغتهم الخاصة وموروثهم الثقافي وطقوسهم الاجتماعية التي تجعلهم ينمازون عن سائر سكان اليمن، والجزيرة العربية، لكنهم يتحدثون إلى جوار لغتهم الخاصة بالعربية ويتلقون تعليمهم الرسمي بها.
جزيرة الأساطير
كثيراً ما كان الرحالة وزوار الجزيرة من التجار والعابرين يصفونها بجزيرة الأساطير والأحلام، وهو وصف نابع من جمال وسحر الطبيعة في الجزيرة التي تلقي بدهشتها على زائرها، وتنبع عن تداخل زرقة البحر مع خضرة الجبال والشواطئ وفرادة المكونات الطبيعية التي اكتسبتها مع مرور الزمن فبدت كمشهد ملحمي رسمته الأنواء وعتاقة التاريخ وعظمة سكانها وصبرهم على العزلة والاغتراب عن المحيط.
وما تزال الجزيرة بكهوفها وجبالها وطبيعتها وأسرار مكوناتها الطبيعية والبشرية تثير دهشة العالم وتجذب الدارسين نحوها لمحاولة فك طلاسمها والوصول إلى مكمن السحر الذي يجعلها تبدو كأسطورة عصية على التأويل والدراسة، إنها الجزيرة التي تفوق الدهشة والخيال والمنطق وتتجاوز كل واقع.