السعودية في سقطرى: إعادة رسم حدود الدور الإماراتي
الجنوب اليوم | العربي
تتسارع الأحداث المسجّلة على الساحة في سقطرى، خصوصاً مع دخول السعودية لاعباً أساسياً ومباشراً على خطّ المواجهة بين الإمارات وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي. وفيما كان الدخول السعودية العسكر المباشر على إلى سقطرى تحت عنوان «فضّ الخلاف» بين شريكي السعودية في «التحالف»، يتحدّث مراقبون عن وجه آخر لهذا الدخول يتمثّل في محاولة الرياض حسم صراعها الخفي مع أبوظبي على «المغانم والنفوذ» في اليمن.
ومع احتدام الصراع في الساحل الغربي بين «أنصار الله» وقواي هادي، بدعم من «التحالف» وإشراف مباشر من الإمارات، حاولت الأخيرة إيجاد موطئ قدم لها في جزيرة سقطرى، رغم بعدها عن مناطق نفوذ «أنصار الله»، وخلوّها من التنظيمات والعناصر «الإرهابية».
هذه المحاولات أثارت حفيظة شريحة واسعة من أبناء الشعب اليمني، حتى من أولئك المؤيدين لـ«التحالف»، الذين اعتبروا أن الإمارات شذّت عن مسار «التحالف» الذي يهدف بالأساس إلى إعادة «الشرعية»، خاصة أن وصول القوات الإماراتية تزامن مع تواجد أحمد عبيد بن دغر، رئيس الوزراء في حكومة هادي، في الجزيرة، وهو ما ضاعف الأزمة ودفع السعودية إلى إرسال لجنة للتهدئة وحل الخلاف بين حكومة بن دغر والإمارات.
وذكرت مصادر في الرياض، أن هادي طلب من السعودية التدخّل لحل الأزمة، فيما طالب بن دغر السعودية بـ«ضرورة عودة الأوضاع للجزيرة إلى ما قبل وصول القوات الإماراتية إليها».
«تدوير» الاحتلال!
استجابت السعودية سريعاً لـ«نداءات الشرعية» وأرسلت وفداً عسكرياً إلى سقطرى لـ«الاطلاع على تطورات الأزمة ومحاولة تقريب وجهات النظر».
وبالتوازي، كشفت وكالة «سبأ» التابعة لحكومة هادي، عن «اتفاق قضى بسحب القوات الإماراتية من محافظة سقطرى»، وهو ما بدا كثمرة للتدخل السعودي الهادئ في الأزمة، لكن مصادر محلية أفادت بأن قوات سعودية وصلت لتأمين سقطرى، وهو ما وضعه مراقبون في خانة «عدم أهلية الشرعية لتأمين المدينة في حال خروج الإمارات منها، الأمر الذي ينطبق على بقية مدن الجنوب ما يعني أن السعودية ستحل بديلاً عنها»، وهذا ما اعتبروه «تدويراً للاحتلال».
وفي السياق، نقلت وكالة «أسوشييتدس برس» عن مسؤول يمني كبير، قوله إن «التحالف مع الإمارات يقترب من نهايته بعد أن نشرت قواتها في جزيرة يمنية دون التشاور المسبق مع الحكومة اليمنية المنفية»، مشيراً إلى أن «هناك مقترحات لبعث شكوى إلى مجلس الأمن الدولي تطلب طرد الإمارات من اليمن».
«الانتقالي» يبرّر
من جهته، برّر «المجلس الإنتقالي الجنوبي» الوجود الإماراتي في سقطرى. ورأى حكومة هادي «تفتعل المعارك الجانبية في سقطرى وعدن ومدن الجنوب»، معتبراً أن معارضة التواجد الإماراتي في الجزيرة «يكشف سعي قوى الشر، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، للهيمنة على مقدرات البلاد».
وإسناداً لموقف «الانتقالي» هذا، تداعت أصوات نخبوية موالية للعميد طارق صالح، للتقليل من خطر التواجد الإماراتي في سقطرى، محذرةً في نفس الوقت، من «النوايا التركية – القطرية في الجزيرة».
واعتبرت هذه الأصوات أن «الحملة ضد الإمارات، ما هي إلا بإيعاز تركي – قطري»، مشيرةً إلى أن «الإمارات قطعت الطريق على الأخوان المدعومين من قطر وتركيا».
خطوط حمراء استراتيجية
وبعد إرسال السعودية قوة عسكرية تابعة لها إلى سقطرى، وتكريس وجودها العسكري المباشر فيها، يرى مراقبون أن الرياض فرضت أمراً واقعاً «أحرجت» بموجبه أبوظبي التي كانت تطمع في السيطرة على الأرخبيل الاستراتيجي من حيث الموقع والموارد، بعد أن كانت قد وجهت لها «ضربة خاطفة» في المهرة المحاذية لسلطنة عُمان.
وسبق للسعودية أن أفشلت مخطط الإمارات لتعميم تجربة «النخبة الحضرمية والشبوانية» في محافظة المهرة، بإرسال ضباط سعوديين وقوات يمنية تم تدربيها في المملكة للمحافظة، وكلّفت محافظاً شاباً لقيادة المحافظة هو الشيخ راجح باكريت، الذي كان مقيماً في الرياض، ومنحته كافة الصلاحيات لإدارة شؤونها، مع ضمان خصوصية علاقتها التاريخية بسلطنة عُمان، والتي كانت مهددة جدياً بالتدخل الإماراتي، الذي كان يلاقي نفس ردة الفعل الغاضبة التي شهدتها سقطرى.
وترى المصادر أن السعودية تتحرّك سريعاً في كل مرّة تلاحظ فيها تخطّياً إماراتياً لخطوط حمراء استراتيجية في اليمن، وهذه المرّة بدأت الرياض عملية «تفكيك» النفوذ الإماراتي في جنوب اليمن، والذي دأبت أبوظبي على تعزيزه على مدار أكثر من عامين.