الإخوة الفاسدون . . . مع التحية
بقلم – عيدروس نصر النقيب
ما يزال الشارع الشعبي الإعلامي والسياسي يتداول أخبارا إن لم تكن كلها مؤكدة فإن بعضها وربما أغلبها مؤكد عن حالات فساد تشمل جوانب هامة منها ما يتصل بحياة الناس المعيشية وبالخدمات الضرورية التي ما تزال عدن والمناطق التي يسمونها بالمحررة بأمس الحاجة إليها.
إننا نتحدث عن فساد لعناصر محسوبة على معسكر الشرعية أما تلاميذ المدرسة الانقلابية ومعلموها فهم عمالقة كبار في عالم الفساد ومناقشة فسادهم تستدعي وقفة خاصة.
يمكن للمتابع الحصيف ان يتفهم بقناعة تامة عوامل انتشار فساد مسموع ومرئي ومشهود في ظروف اللادولة واللاقانون واللانظام التي تمر بها مناطق حضور وسيطرة الشرعية لأسباب كثيرة أولها غياب الجهاز الرقابي والمحاسبي وثانيها غياب القضاء والنيابة العامة وثالثها انشغال الشرفاء في المعسكر المحسوب على الشرعية بمواجهة الإرهاب ومحاولة تثبيت حضور الدولة ولو في الحدود الدنيا وأهم من هذا كله أن جزء كبيرا من الاصطفاف الموالي للشرعية قد جاء من مدرسة الفساد الأم وعناصره ممن تعاملوا مع الفساد على اصوله ودخلوا في الصفقات المشبوهة وغير المشبوهة وانتقلوا بفضل ذلك من عالم الموظفين الحكوميين البسطاء إلى عالم المليونيرات في فترة قياسية وكلما ما فعلوه بعد العام 2012م هو تغيير الشريحة القديمة (شريحة علي عبد الله صالح) بشريحة جديدة اسمها “الشرعية” وفي هذه الحالة سيكون فسادهم شرعياً وسلوكهم مغطى بغطاء رفض الانقلاب وتثبيت الشرعية وهؤلاء من ينطبق عليهم مثل المنشار الذي يقول عنه بعض العرب إنه (ياكل في الذهاب والإياب) أو كما يقول الإخوة المصريون “طالع واكل نازل واكل”.
أحد المسؤولين السابقين كان قد قال ” إن الفساد هو ملح التنمية” وهي مقولة تلقفها الكثيرون ممن كانوا يبحثون عن طريقة للتخلص من تهمة الشرف والنزاهة.
الحقيقة يمكننا تفهم انتشار الفساد في مجتمع لديه وفرة في الانتاج أو في صناعة القيم المضافة ولديه ما يكفي من الخدمات مما يسد الضرورات الأساسية للسكان، لكن أن ينتشر الفساد في مجتمع لا يوفر الكهرباء لخمس ساعات متواصلة في اليوم الواحد، . . . مجتمع يتهدد داء الكوليرا جزء كبيرا من سكانه، ويعاني معظم أطفاله من تهديد الأمراض الستة القاتلة التي تخلصت منها معظم مجتمعات الأرض منذ عقود، وفي ظل سلطة يدعي بعض قادتها إنهم إنما جاءوا لمواجهة فساد السلطة الانقلابية التي غرقت وأغرقت البلاد والعباد في وحله. . . أن ينتشر الفساد في أوضاع كهذه وفي ظل معاناة كهذه فإن الأمر يضع عشرات علامات الاستفهام ويجعل كل ذي عينين يتساءل: إذا كان هذا الحجم من الفساد في الأيام الأولى من عمر مشروع الشرعية التي لم تستقر بعد على المساحة الكافية لبناء دولة حقيقية، فكيف سيكون الحال بعد ربع أو بعد ثلث قرن من الزمان؟
لأيها الإخوة الفاسدون!
إذا كنتم بالأمس قد اكتسبتم مشروعية فسادكم من انحيازكم لنظام الغزو والاحتلال والطغيان وبفضله وصلتم إلى ما وصلتم إليه من سلطة وثروة وجاه ومقام فإن وصولكم الى ما أنتم عليه اليوم من مواقع حكومية وألقاب مدنية ورتب عسكرية، قد جاء بفضل المقاومين الأبطال الذين صنعوا الانتصار بدمائهم وأرواحهم ومعاناتهم ومقاومتهم ثم سلموكم ما صنعوه من انتصار ومن حقهم أن ينتزعوا منكم ما منحوكم إذا ما أصررتم على مواصلة السلوك الذي تعلمتموه من مدرسة المخلوع على مدى أكثر من عقدين.
وأخيراً: إن أي سلطة من أجل أن تبرر لعناتها للفساد والفاسدين والانقلاب والانقلابيين يجب أن تبرهن بسياساتها وسلوك قادتها أنها تختلف عمن تلعنهم أما إذا كانت تلعن فساد الانقلابيين وتمارس ما هو أسوأ منه فهذا ينطبق عليه قول الشاعر العربي:
لا تنهِ عن خلقٍ وتأتي مثلهُ
عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ