معركة الحديدة: اختراق فراغات و«فقاعات إعلامية»… بمشاركة أمريكية؟
الجنوب اليوم | العربي
احتدمت المواجهات العسكرية في جنوب غرب الحديدة، بين ألوية العمالقة الجنوبية، الموالية للإمارات، بمشاركة قوات سودانية، ووحدات من قوات طارق صالح، وبإسناد جوي كثيف من قبل «التحالف»، من جهة، وقوات الجيش واللجان الشعبية، التابعين لحكومة «الإنقاذ الوطني» في صنعاء، من جهة أخرى.
المواجهات انتقلت من منطقة الوازعية، مطلع مايو الحالي، بعد تحقيق القوات الموالية للإمارات تقدماً فيها، إلى غرب الحديدة، وكانت البداية من ميناء «الحيمة»، شمال الخوخة، حيث دارت مواجهات عنيفة بين طرفي القتال، دام عدة أيام.
في منتصف مايو الحالي، أعلن عن معركة الحديدة أكثر من مرة، وبدأت المواجهات تتصاعد من محورين، حيث هاجمت قوات العمالقة الجنوبية، منتصف الشهر الحالي، منطقة قطابة شمال الخوخة، التي سبق أن أعلنت القوات الموالية للإمارات السيطرة عليها، مطلع ديسمبر الماضي، وأعلنت بعد عدة أيام السيطرة عليها، وتم استعادتها من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية حينذاك. وأكد مصدر عسكري في صنعاء، لـ«العربي»، أن قوات «الجيش واللجان الشعبية، لا تزال تتواجد في أطراف منطقة القطابة والقرى المجاورة لها».
بعد أن توقفت المواجهات غرب الحديدة قرابة أسبوع، تجددت أواخر الأسبوع الماضي، واتخذت المعارك أسلوباً آخر في القتال، حيث أعلنت القوات الجنوبية الموالية للإمارات، السيطرة على خط زبيد ـ التحيتا، في الـ 24 من الشهر الحالي، إلا أنها أكدت بعد يوماً واحد، التقدم في الطريق الأسفلتي، والوصول إلى المنطقة الجبلية الواقعة في خط زبيد، وصولاً إلى مفرق زبيد.
وبعد أن أكدت تلك القوات أنها أصبحت على مشارف مدينة زبيد، توقف الحديث عن زبيد ومعركة زبيد، التي تبعد 50 كيلومتراً عن مدينة الحديدة، وبدأ الحديث عن توغل جديد في في مديرية الحسينية، وأعلنت قوات العمالقة الجنوبية، السيطرة على منطقة الجاح في مفرق الحسينية، وفي الـ27 من الشهر نفسه، أعلنت القوات الموالية للإمارات سيطرتها على منطقة الفازة في الحسينية، إلا أن مصدر في الجيش واللجان الشعبية، نفى ذلك.
مصدر محلي أكد لـ«العربي»، أن «المواجهات دارت بالقرب من منطقة الجاح، الواقعة على الطريق الرابط بين الجراحي وزبيد، في مناورة للجيش الوطني، لقطع طريق الامداد الوحيد، المتبقي للحوثيين جنوب الحديدة».
وأوضح المصدر، أن «جميع تلك المناطق تقع في نطاق جغرافي واحد، وهي عبارة عن قرى ومناطق متقاربة جداً، وتعد محور واحد يقودة من جهة القوات الموالية للإمارات، اللواء الثالث عمالقة، بقيادة القائد السلفي عبدالرحمن اللحجي، الذي أصيب في المواجهات». وقتل رئيس عمليات اللواء، عبدالله زغينة، في عملية هجومية، أكدت قوات الجيش واللجان الشعبية تبنيها في مفرق زبيد السبت الماضي، إلا أن مصدر عسكري في صنعاء، أكد مقتل نائب رئيس عمليات اللواء الثالث عمالقة، العميد عبدالله سعيد العوذلي، وعدد من مرافقيه، بنيران الجيش واللجان الشعبية في جبهة الساحل الغربي، يوم الأحد.
المحور الأول الواقع غرب الحديدة، ويقودة اللواء الثالث عمالقة، تدور فيه مواجهات عنيفة بين فترة وأخرى. والمعركة التي تدور في مفرق زبيد، وفي منطقة الجاح الأعلى، ليست مستقرة، وتتسم بـ«الكر والفر»، فالقوات الجنوبية التي تقدمت خلال الأيام القليلة الماضية باتجاه مفرق الحسينية ووادي الجاح، وانتهت مساء أمس الأحد بسيطرة قوات من اللواء الثالث عمالقة على منطقة الجاح التابعة لمديرية بيت الفقيه، لا تلبث أن تصمد، وتستخدم فيها قوات صنعاء، عمليات الكر والفر والاستدراج والمباغتة في المعركة، نظراً للإسناد الجوي الكثيف من قبل طيران «التحالف»، وخصوصاً طيران الأباتشي، الذي يعتمد سياسة الأرض المحروقة قبل أي تقدم للقوات الموالية للإمارات.
وفي حين قالت القوات الجنوبية أنها تقدمت نحو مناطق المجيليس، التابعة لمديرية التحيتا، وسول الزهر، والتعلاف، والمشيخي، والجاح الأعلى والأسفل، الذي يربط بين بيت الفقية والدريهمي بمديرية بيت الفقيه جنوب مدينة الحديدة، أكد مصدر عسكري في قوات الجيش واللجان الشعبية، أن «تلك القوات تم استدراجها إلى مناطق خارج منطقة الجاح، وتم تدمير أكثر من 12 مدرعة، ومقتل أكثر من 120 من القوات المعادية، خلال الأيام الثلاث الماضية».
وفيما لم يُعلن عن أي تقدم جديد باتجاه مدينة زبيد وبيت الفقية والتحيتا، من قبل تلك القوات، أعلنت قناة «سكاي نيوز» الإخبارية، التابعة للإمارات، عن تقدم القوات الموالية لأبو ظبي في الدريهمي، وزعمت أنها تقدمت باتجاه مدينة الحديدة، وتمتلك السيطرة النارية على مطار الحديدة، اليوم الاثنين، إلا أن مصدر ميداني، أكد عدم حدوث أي تقدم عسكري اليوم الإثنين، مشيراً إلى «مواجهات توقفت في قرية غليفقة، التي تم السيطرة عليها من قبل قوات اللواء الأول عمالقة، بقيادة رائد الجهمي، والقرية تقع في أطراف مديرية الدريهمي، القريبة من مدينة الحديدة». ووفقاً للمصدر، فإن «القوات الموالية للإمارات، حاولت الانتشار في مناطق الدريهمي، مساء أمس الأحد، وسلكت طرقاً فرعية ورملية واقعة شرق الطريق الساحلي، إلا أنها وقعت في كمائن نصبتها قوات حكومة الانقاذ، ما أدى إلى تراجعها باتجاه الطريق الساحلي إلى مواقعها السابقة».
حركة «أنصار الله» عززت قوات الجيش واللجان الشعبية، يوم أمس، بقوات ضخمة، بعد توجيهات زعيم الحركة عبدالملك الحوثي، لسد الفراغات التي استغلتها القوات الموالية للإمارات، وحققت من خلالها اختراقاً محدوداً.
التدخل الأمريكي
في تقرير صادر عن «معهد واشنطن» للدراسات، كُشف عن خطة أمريكية لما أسماها: «إحتلال الحديدة والسيطرة على مينائها، والتحكم بخطوط الملاحة الدولية في باب المندب». وأشار التقرير، إلى أن «احتلال ميناء الحديدة، سيتم بمشاركة وحدات أمريكية» لم يفصح عن نوعها، وأوصى بأن تكون العملية «نوعية وسريعة، حتى لا تتسبب بمضاعفات إنسانية».
ووضع تقرير «معهد واشنطن»، المقرب من دوائر البيت الأبيض، ثلاثة سيناريوهات، الأول، تجميد المواجهات، وهو ما أعده واحداً من أسواء السيناريوهات. الثاني، إخلاء الحديدة من سلاح «أنصار الله»، وتسليم الميناء لـ«التحالف» لإدارته وتطويره. والسيناريو الثالث، والذي اعتبره من أفضل السيناريوهات، يقوم على دعم واشنطن لخطة السيطرة السريعة على موانئ الحديدة، من خلال عمليات عسكرية مكثفة بالقرب من الحديدة والصليف.
وأكد المعهد الأمريكي، أن هذه المصالح الأمريكية ستتغير، موصياً بأن تكون مدة القتال قصيرةً وحاسمةً، وبأقل نسبة خسائر ممكنة، ويتعيّن الحفاظ على تكتيكات التخريب المعروفة بـ«عملية الأرض المحروقة»، والأضرار الجانبية، إلى أدنى حد ممكن.