ما هي دلالات قرارات هادي بمحافظة المهرة؟ وهل يطلق هادي النار على نفسه؟
الجنوب اليوم | متابعات
عامر الدميني
فجرت القرارات التي أصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي بمحافظة المهرة اليوم مفاجأة جديدة تتعلق بالآلية التي يدير بها هادي المشهد في اليمن، وكشفت تعامله مع مختلف القضايا اليمنية، وعلاقته بالتحالف العربي.
وأصدر هادي قرارا جمهوريا بتعيين وكيلين لمحافظة المهرة (شرق اليمن) هما مسلم سالم بن حزحيز زعبنوت وكيلاً لمحافظة المهرة لشؤون الصحراء، و بدر سالم سعيد بخيت كلشات وكيلاً لمحافظة المهرة لشؤون الشباب.
ومثل القرار إقالة لوكيل المحافظة الشيخ علي سالم الحريزي الذي عرف بمساندته للمعتصمين في المهرة احتجاجا على العبث الذي تمارسه السعودية والإمارات هناك.
وكان الحريزي أعلن الأسبوع الماضي انضمامه للمعتصمين وتبنيه لمطالبهم، وانتقد الدور السعودي الإماراتي هناك، ووصف ما يجري بالاحتلال.
ويعد الحريزي أحد أبرز الشخصيات الإجتماعية المؤثرة في محافظة المهرة، وأكبر مشايخها، ويحظى باحترام أبناء المحافظة، وله علاقات مميزة مع بقية الشخصيات الاجتماعية هناك.
لم تتوقف قرارات هادي عند وكيل المحافظة، بل أصدر قرارا آخر قضى بإقالة اللواء أحمد محمد قحطان من منصبه كمدير لآمن المهرة، وتعيينه عضواً في مجلس الشورى، واستبداله بالعقيد مفتي سهيل نهيان سالم صموده الذي عين مديراً للشرطة مع ترقيته الى رتبة عميد.
بالنسبة لقحطان فهو رجل أمني استطاع الحفاظ على الأوضاع الأمنية في المهرة بعيدة عن التصادم والإنفجار كما هو الحال في غالبية محافظات الجمهورية، وكان رئيس لجنة التفاوض مع الجانب السعودي فيما يخص مطالب المعتصمين، ويعد أحد زملاء الرئيس هادي الذين درسوا سوية في الخارج.
وكجزء من دغدغة عواطف المعتصمين ومحاولة لاحتوائهم وخلخلة الاعتصام أصدر هادي قرارا آخر قضى بإنشاء جامعة للعلوم والتكنولوجيا بالمهرة، لتضاف إلى سلسلة القرارات المماثلة التي أصدرها بإنشاء جامعات في عدة محافظات، ولم تعرف النور بعد.
واللافت في تلك القرارات أنها جاءت بعد يوم واحد من توصل المعتصمين في المهرة إلى اتفاق مع الجانب السعودي يضمن تحقيق المطالب التي رفعوها، وهو ما وافق عليه الجانب السعودي، وبناء على ذلك جرى إعلان تعليق الاعتصام لمدة شهرين، كي يدخل حيز التنفيذ.
ورغم أن المعتصمين والشخصيات الاجتماعية في المهرة وعلى رأسهم وكيل المحافظة أكدوا أكثر من مرة أن اعتصامهم يأتي تحت مظلة الشرعية، معلنين ولائهم لها، مجددين دعمهم للتحالف العربي، إلا أن ذلك لم يشفع لهم.
وفيما لم يجف حبر الاتفاق المبرم بين الطرفين لجأت السعودية للضغط على هادي لإقالة الشخصيات التي تصدرت المشهد في المهرة، ما يشير إلى أن التحالف بات يستخدم هادي لتمرير أجندته ومشروعه، ويعمل على الترصد لكل من يعترض على ممارساته وأفعاله بالاقصاء والإبعاد والتهميش.
وتشير القرارات إلى أن هادي يطلق النار على نفسه مجددا، ويزرع بذور الشك لدى كل الرجال من حوله الذين أعلنوا مساندتهم له، وجعلوا من شرعيته شعارا لمطالبهم.
واوصلت قرارات هادي اليوم رسالة سلبية لجميع داعميه، بتخليه عن أبرز شخصيتين في المهرة ظلت تردد أنها مع الشرعية، وتعمل في سياق توجهاتها، وهذا الوضع هو امتداد لحالات سابقة من مسؤولين اعترضوا على سياسة التحالف وطريقة إدارته لليمن، وكان الجزاء إقالتهم من مناصبهم.
وفقا لتطورات الأحداث الدائرة في محافظة المهرة تبدو القرارات الجديدة التي أصدرها هادي محاولة من السعودية للتنصل من اتفاقها مع المعتصمين وممثليهم من الشخصيات الاجتماعية هناك، والتفاف واضح على بنود ذلك الاتفاق الذي التزمت الرياض بتنفيذه كاملا.
وتجعل هذه القرارات الإتفاق في مهب الريح، وتؤدي إلى مضاعفة الإحتقان، كما أنها أكدت أن التحالف العربي يعمل على مصالحه في اليمن، أكثر من كونه يعمل على مصالح اليمنيين كما يردد قادة التحالف.
ففي الوقت الذي كان يتوقع المواطنون في المهرة دخول الاتفاق حيز التنفيذ، تفاجئ الشارع هناك والمتابعين للشأن اليمني بهذه القرارات التي من شأنها أن تعيد الوضع إلى المربع الأول، وجاءت كلها لتصب في مصلحة الجانب السعودي دون اعتبارات للشارع في المهرة، أو للمطالب التي رفعها المعتصمون هناك.
سبق إعلان قرارات هادي لقائه مع محافظ المهرة راجح باكريت في محافظة عدن اليوم، وهو المحافظ الذي كان له نصيب كبير في تأجيج الوضع داخل المهرة، وظل طوال الفترة الأخيرة غير متواجد فيها، وساهم تاريخه السابق وتورطه بالتهريب في خلق مزيد من الاضطرابات التي قادت إلى الوضع الراهن.
تشير مصادر سياسية مطلعة لـ”الموقع بوست” إن محافظ المهرة الحالي رُشح من قبل علي الأحمدي محافظ شبوة السابق ورئيس جهاز الأمن القومي بعد إقناعه بأن له علاقة مع المهربين بالمحافظة، وأن توليه إدارة مكافحة التهريب سيؤدي إلى تقليصها في المهرة، ثم تدرج لاحقا ليصبح محافظا للمحافظة، وأحد أدوات الجانب السعودي هناك.
الأطماع السعودية في المهرة لا يمكن فصلها أيضا عن مجمل ما يدور، وقد تأججت مؤخرا، وباتت واضحة، وتكشف مصادر في المحافظة عن سعي سعودي لإيصال أنبوب النفط من السعودية عبر المهرة إلى حضرموت وصولا إلى بحر العرب، وهو ما يلقي الضوء على استماتة السعودية بالمهرة، وعملها الدؤوب لخلق أذرع محلية موالية لها في السلطة المحلية وأجهزة الأمن، ومساعيها للوقوف في وجه من يعترض طريقها هناك.
سبق هذا الوضع في المهرة التعامل الذي تعاملت به السعودية مع محافظ المهرة السابق محمد عبدالله كدة، والذي رفض التواجد العسكري للتحالف العربي بشقيه (السعودية والإمارات) وعمل على تجنيب المحافظة مغبات الوجود السعودي الإماراتي فيها.
وأمام صمود الرجل وممانعته لجأت السعودية إلى الرئيس هادي، والذي أقاله على الفور، وعينه وزيرا للدولة في حكومة بن دغر.
لكن، هل سيؤثر هذا على الاعتصام الجاري بالمهرة، و يوهن عزيمة المعتصمين؟
من خلال متابعة ما يجري، فتبدو فرص مواصلة الاعتصام أكثر، وتشير شخصيات محلية في المهرة بأن إقالة وكيل المحافظة الشيخ الحريزي ومدير الأمن .
الموقع بوست