«النخبة الشبوانية»…على خطى قندهار؟
الجنوب اليوم | العربي
شهدت مدينة عتق، المركز الإداري لمحافظة شبوة توترا أمنيا بين قوات أمنية رسمية تابعة لحكومة «الشرعية» من جهة، وقوات ما يسمى بـ«النخبة الشبوانية» الممولة من دولة الإمارات من جهة أخرى كادت أن تؤدي إلى تفجر الوضع بين الطرفين.
مصدر محلي في عتق أكد أن التوتر الأمني نشب على خلفية استحداث قوات «النخبة الشبوانية» حواجزاً عسكرية لها في مركز المحافظة، وهو ما رفضته القوات الحكومية المشتركة المشكّلة من قوات الأمن والجيش، التي انتشرت وباشرت بتطويق النقطة العسكرية التي أنشأتها النخبة في حي حنيش وسط مدينة عتق.
وأوضح الناشط الاجتماعي عمار عبدالرحمن، خلال حديثه لـ«العربي»، أن التوتر ما يزال قائما وسط مخاوف السكان من انفجار الموقف عسكريا بينهما، في ظل قيام النخبة التي تتحكم بعدد من المداخل في محافظة شبوة لتعزيز قبضتها في مدينة عتق.
تحذير حكومي
وتشهد محافظة شبوة الغنية بالنفط احتكاكا متزايدا وتوترا أمنيا، بين القوات التابعة لحكومة «الشرعية»، وقوات النخبة المحسوبة على الإمارات، الأمر الذي دفع مدير شرطة المحافظة، في وقت سابق، بإطلاق توعده بـ«الرد على أي استفزازات» تمارسها النخبة.
وتسعى النخبة إلى قمع أي ردة فعل من الغاضبين حيال ما يصفه ناشطون، بالممارسات الاستعمارية، التي تماثل ما يحدث في المهرة من غضب ضد انتهاك سيادة الوطن.
ويقول الصحافي سالم أحمد في حديث لـ«العربي»، إن «ما تمارسه الإمارات بواسطة ذراعها النخبة الشبوانية هو عمل استعماري»، ويؤكد «أنها تقود المحافظة إلى الهاوية وتسير على خطى قندهار أخرى باحتلالها وتحويلها للمحافظة ومداخلها وطرقها وسواحلها إلى ثكنات عسكرية مرعبة، وتوهم الناس بخيريتها عبر هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الذي يوزع سلال غذائية على عدد من الفقراء بشكل مهين يهدف إلى تزييف الوقائع إعلاميا ويشتت أنظار الناس إلى الحقائق».
وكتغطية للاتهامات المتصاعدة ضدها مؤخرا على لسان اللواء أحمد مساعد حسين أمام جموع قبلية لكبار مشائخ المحافظة، سارع «الهلال الأحمر» الإماراتي على مدى اليومين الماضيين، بتقديم سلال غذائية للمرضى والعاملين بوحدة علاج الأورام في مدينة عتق لإبداء نوع من الجانب الإنساني لاسترضاء السخط الشعبي المتنامي ضدها.
بوادر الرفض المتنامي
وكان الخروج الجديد للواء أحمد مساعد حسين، أحد أبرز القيادات السياسية التاريخية والقبلية بمحافظة شبوة، مطلع سبتمبر المنصرم، وما جاء فيه من مضامين منتقدة بحدة غير مسبوقة وبالخصوص للدور الإماراتي، معززا بوادر ظهور الصراع المؤجل بالدوافع السياسية بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وأبو ظبي.
وألقى اللواء مساعد، الذي يعد الرجل الأقوى في المحافظة النفطية، خطابا أمام ما أسماه ملتقى محافظة شبوة (ضم تجمعا لعدد كبير من قادة ورجال القبائل)، قال فيه «إن على أبناء شبوة جمع الكلمة ووقف الثارات والتعصب والاقتتال القبلي والتكاتف والبناء والاستفادة من الثروة النفطية، منتقدا التحالف السعودي الإماراتي في اليمن بشكل عام، والدور الإماراتي في المحافظة بشكل خاص».
وسخِر مساعد حسين الذي تولى رئاسة الأمن الوطني (المخابرات العامة) في دولة جنوب اليمن (1968ـ1980) من الموالين لـ«التحالف» السعودي الإماراتي ومن يرفع أعلامهما، وقال إن «ذلك يعمّق الشقاق».
مساعد الذي تولى أيضا منصب محافظ لمحافظة ريمة (2004-2008)، وحقيبة وزارة المغتربين (2009-2011)، وشغل عضوية مؤتمر الحوار الوطني؛ انتقد بنبرة حادة، التحالف الذي ينتهج سياسة مدمرة في شبوة.
رفض لـ«النخبة»
وقال في خطابه الموجه لرجال القبائل الذي احتضنه ونسق له في المركز الثقافي في مدينة عتق، «إن التحالف دمر المصالح العامة في المحافظة كما طال دمار التحالف اليمن واقتصاده بشكل واسع»، مبدياً رفضه للتشكيلات العسكرية والأمنية التي شكلتها الإمارات خارج سلطة حكومة «الشرعية»، في إشارة إلى قوات «النخبة الشبوانية».
هذه الخطوة تأتي ضمن المرات القليلة التي يوجه فيها سياسي مخضرم، وزعيم قبلي تاريخي، هجومه الكبير على الإمارات بهذه الحدة، وهو ما يؤكد الرفض الشعبي للدور الإماراتي في شبوة.
هل دفع من هادي؟
المحلل فهد الدهمش قال في حديث مع «العربي»، إن «عدة عوامل تعزز فرضية دفع الرئيس هادي لأحمد مساعد للتحرك في شبوة لإيقاف الإمارات عن ممارساتها التمزيقية»، مضيفاً أن «من بينها تحركات مساعد في المحافظة التي ظهرت حاملة للطابع الرسمي رغم أنه لا يحمل أي منصب حاليا، فقد أجرى جولة في مدينة عتق وزار عددا من المكاتب والهيئات والمؤسسات الحكومية والخدمية».
النخبة تغضب
وأثارت تحركات اللواء السابق، الذي كان له دوراً فاعلاً خلال فترة الحرب الأهلية بجنوب البلاد في ثمانينيات القرن الماضي، غضب الإمارات، وبدا ذلك عبر غضب «النخبة الشبوانية» الذراع الطولى للإمارات، وقال قائدها محمد سالم البوحر في تصريحات صحافية، إن «الماضي لن يعود، ومن ينكر دور التحالف فهو جاحد».
تأكيد!
وتعليقا على هذه الخطوات الجديدة والنوعية، رأى مسؤول حكومي في محافظة شبوة أن تحركات اللواء مساعد بين رجال القبائل، ورعايته لاتفاق «الوحدة» القبلي مؤخرا بين سبعة من مرجعياتها، كل ذلك يجري بحماية من الأجهزة الأمنية الحكومية.
وأضاف خلال تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام، إن «الرجل له دور جديد في شبوة، مع عودته حاليا بعد سبع سنوات من الانقطاع التام عن العمل العام، وهو على علاقة جيدة بالرئيس هادي، فتحركاته حتى اللحظة توضح أنه مدفوع من الرئاسة لمواجهة الإمارات»، مشيرا إلى أن «هجوم حسين ضد التحالف أول مواجهة ضد أبو ظبي والرياض في شبوة».
مواجهة مؤجلة
واعتبر موالون للإمارات بما حفلت به تدويناتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، أن عودة الرجل ستذكي الصراع الذي ربما قد يصل إلى مواجهة بين القوات الموالية لحكومة هادي والنخبة الشبوانية.
وبالتزامن مع ما شهدته شبوة من غضب متنام ضد أبوظبي، خرجت قوات «النخبة الشبوانية»، الموالية لها، ببيان قالت فيه إنها ضبطت ما أسمتها «شبكة تخابر»، مدعومة من «قطر» و«حزب الله» في محافظة شبوة، وتحدثت عن اعترافات للمعتقلين بالارتباط بتيار «الحراك الجنوبي»، الذي يقوده فادي باعوم.
مراقبون في مواقع التواصل المختلفة، علقوا على خبر النخبة بأنه يندرج ضمن نطاق محاولة حرف الأنظار عن التحرك القبلي في شبوة، والأصوات التي تعالت ضد سياسات «التحالف»، وفي مقدمتها الإمارات ومليشياتها في إشارة للنخبة.
وكانت الإمارات قد بسطت سيطرتها بشكل كبير على معظم محافظة شبوة، كما بسطت نفوذها على الطريق الرسمي الرابط بين مدينة عتق ومنطقة العبر باتجاه الحدود السعودية، بالإضافة إلى سيطرتها على موقع العلم الذي يحوي محطة ضخ النفط إلى ميناء النشيمة على ساحل البحر العربي.
ومؤخرا تسعى تلك القوات للتقدم نحو مديريتي بيحان وعسيلان، اللتين تسيطر عليهما قوات موالية للرئيس هادي، وتقعان ضمنها أكبر المواقع النفطية وشركات التنقيب الأجنبية.