عدن مدينة السلام وليست ساحة للحروب العبثية
الجنوب اليوم | مقال
بقلم : فؤاد قائد علي
عدن الغالية مدينة السلام والأمان والتعايش والمدنية والرقي والنظام والألفة والريادة والتنوير .. المدينة كانت سباقة في البناء والتطوير الحضاري والعراقة والرخاء .. عدن السياحة والثقافة والعلم والتجارة وميناؤها كان ثالث ميناء حر ونشط بين موانئ العالم فيما كانت دويلات الجوار تعيش مراحل بائسة من التخلف وعهود الظلام .
كانت وكانت وكانت في الزمن الجميل الذي مضى وأصبح من الذكرى .. نتألم لحالها الأليم اليوم في ظلال الانقسام والاختلاف والصراع المرير والفساد .. تعيش اليوم أوضاعا مأساوية لم نألفها في مراحل سابقة تعطلت فيها الحياة والتنمية والبناء بفعل الإهمال والحقد وتحولت إلى ساحة للاقتتال والحروب منذ فجر الاستقلال وهي تعاني من ظلم فادح .. لم يعرف الرفاق قدرها ومكانتها وأهميتها وغلاوتها كجوهرة ثمينة استبد بها فحاموا الإستبداد والقهر ولحق بها وباهلها ظلم وجور .
اليوم يراد لها أن تكون مجددا ساحة لتصفية حسابات عقيمة وحلبة للصراعات الدامية تصيبنا في كل مرحلة وتروع الناس المسالمين وتفقدهم الامان والسكينة .. انها مدينة منكوبة ابتليت بالمرضى المناطقيين وبالعقول المظلمة وحشر بامرها الطامعين والمتربصين والفاسدين وبشخصيات مشبعة بالظلم والطغيان والعشق المجنون للسلطة تحكموا فيها حتى أصبحت مدينة مستباحة ومقهورة .
قدر عدن الأليم أن تكون عاصمة تطلع اهلها باهتمام كبير لتنال مدينتهم شيئا من التطوير والتحديث والنهوض باوضاعها المتدهورة والمتردية وإصلاح ما أفسده العابثون ولكننا صدمنا بشدة كلما انتهت مرحلة من عهود الصراع والشقاء والشقاق الإستبداد اتت مرحلة أسوأ منها وتلعن سابقتها .. هكذا تعيش عدن وأهلها مرارات الصراعات الدموية والولاءات الإقليمية والخارجية بكل صورها المقيتة الرهيبة التي أفسدت حياتنا وجعلتها جحيما نحترق فيها وكأن عدن محرقة للاحلام وتسكن الظلمات تلاحقها خيبات بعض النخب العابثة التي فشلت بتغيير حياتنا نحو الأفضل وعند كل خلاف ٱثم تدغدغ مشاعرنا بشعارات للاصطفاف خلفها ولم نتعظ ولم نتعلم الدروس الثمينة التي تلقيناها في مراحل مضت .
عدن ضحية أولئك العابثين المسعورين للوصول إلى كراسي السلطة عن جهل وغباء وعدم كفاءة .. أنهم غارقون بحلم السلطة حتى لو كانت فوق جماجم الأبرياء ويدقون اليوم طبول الحرب عند كل خلاف لاستعراض القوة المناطقية المقيتة .. انها الحرب أيها العقلاء وقودها أبناء الفقراء المجندين تحت وطأة الفقر وظروف الحاجة المعيشية القاسية فيما ابناء المتصارعين ونخبهم الدموية يعيشون مرفهين ومنعمين سالمين ٱمنين بقصور وبيوت آبائهم الفاخرة في الخارج .. انها مفارقة تدمي القلوب للاسف يكون هذا مصير شبابنا المثقل بالفقر والجوع وظروف الاحتياج.
حلوا عن عدن واغربوا عن وجوهنا لعلنا نتفس الصعداء برحيلكم وخروجكم من المشهد الاسود أو اختاروا مكانا ٱخر يكون ساحة لصراعاتكم المجنونة فلدينا مئات الجزر المهجورة تتسع لتفريغ غروركم واطماعكم .. تصارعوا فيها كيفما شئتم صراع العجول المتوحشة بعد أن فقدتم الرؤى وتبلدت عقولكم وقست قلوبكم التي أصبحت أشد قسوة من الحجارة بل وأكثر .