ثورة أكتوبر تتجدّد: هل يرحل «التحالف»؟
الجنوب اليوم | العربي
أحمد الحسني
لأول مرة يحي الجنوبيون ثورة 14 أكتوبر بزخم وحماس مختلف، وبعد 55 عاماً من الثورة التي انطلقت من أجل التحرير والسيادة وإخراج المحتل الأجنبي، وقع الجنوب تحت هيمنة السعودية والإمارات.
وتأتي ذكرى أكتوبر هذا العام، بعد مرور 4 أعوام على سيطرة الرياض وأبوظبي على الجنوب، وباتت أصوات جنوبية واسعة، شعبية وسياسية، تصف «التحالف» بـ«الاحتلال»، خصوصاً بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية إثر هبوط العملة المحلية وارتفاع الأسعار وتصاعد وتيرة الاغتيالات واتساع دائرة الفوضى الأمنية، مما تسبب في خروج التظاهرات التي عمّت مدن الجنوب ورفعت شعارت تطالب بـ«رحيل التحالف».
مقارنة بين العهدين
عندما ثار الجنوبيون على الاحتلال البريطاني، لم تكن أهدافهم تحسين الوضع الاقتصادي أو ملف الخدمات أو الأمن، كان مطلب الثوار خروج المحتل الأجنبي وتصفية كل القواعد العسكرية التابعة له، والحفاظ على السيادة الوطنية واستقلال البلد، ولايزال جيل الثورة يتذكر هامش الحرية والتعبير في عهد الاحتلال البريطاني، ويشيد بالنظام التعليمي والصحي، لكن ثمة أمر أكبر في نظر الثوار وهو تحرير الأرض والاستقلال والسيادة.
في ما يتعلق بـ«التحالف»، فإن سياساته مختلفة. فهو قد تعمّد تدمير كل مناحي الحياة، في الوقت الذي وصلت فيه المجاعة إلى مدن جنوبية وسجلت عدد من حالات الوفاة، يضع «التحالف» يده على أكبر المنشآت الاقتصادية الإيرادية، ويبيع نفط شبوة وحضرموت، وبطرق غير معلنة ولا رسمية، ويعطل مطارات الجنوب الدولية إضافة إلى عرقلة عمل ميناء عدن، كل تلك السياسات أدخلت اليمن في أكبر كارثة إنسانية، حيث أصبح ثُلثا الشعب بحاجة إلى مساعدات عاجلة بحسب التقارير الأممية.
هل يرحل «التحالف».
بحسب مراقبين، فإن الشعب في الجنوب وبعد 4 سنوات من تواجد «التحالف»، يعيش أسوأ تجربة في تاريخ الجنوب، وفقد المواطن الجنوبي سبل الحياة الطبيعية، وأصبح من لم يمت من المجاعة لن ينجو من الفوضى الأمنية، وتبخرت أحلام ووعود «التحالف» الذي هلّل لها الجنوبيون في مارس من العام 2015، على أمل أن تتحول عدن إلى دبي أخرى.
وبرأي مراقبين، فإن تلك السياسات التي مارسها «التحالف» ضد الجنوبيين ارتدّت ضده، وخلال الشهر الماضي شهدت الساحة الجنوبية تطورات مثلت ناقوس خطر لـ«التحالف»، سواءً بخروج التظاهرات الشعبية الغاضبة التي داست صور قادة «التحالف» وأحرقتها، أو بخروج قيادات سياسية وازنة على الساحة الجنوبية كحسن باعوم وأحمد مساعد حسين وعلي الحريزي، والتي تبنت مواقف من «التحالف» لاقت التفافاً شعبياً كبيراً.
رهان «التحالف»
خلال السنوات الثلاث الماضية أسّس «التحالف» جيوش مليشياوية تديرها شركات أمنية أجنبية بتمويل من أبوظبي والرياض، تلك المليشيات ينفذ بها «التحالف» عملياته سواءً فيما يتعلق بقتال تنظيمي «القاعدة» و«الدولة» أو فيما يتعلق بالجبهات ضد «أنصارالله»، أو بقمع الجماعات المحلية المناهضة لسياسات «التحالف»، وأنشأ لتلك المليشيات غطاءً سياسياً جنوبياً وهو«المجلس الانتقالي الجنوبي» على أن يكون هو الحاكم الأوحد للجنوب بما يتفق مع سياسات «التحالف»، وسجّل «الانتقالي» بعد تشكيله حضوراً شعبياً أربك القوى السياسية الموجودة على الساحة الجنوبية، وبعد مرور عام ونصف العام تراجع حضور «المجلس الانتقالي»، وأصبح الشارع الجنوبي يرى أنه لا يمثل التطلعات الحقيقة للمواطن، خصوصاً وقد تبيّن إذعانه لسياسات أبوظبي في كل شاردة وواردة، الأمر الذي جعل «الانتقالي» في مواجهة الشعب، وما حدث اليوم الأحد من منع التظاهرات الشعبية بمناسبة أكتوبر يمثل إزواجية في تعاطيه مع الأحداث، خصوصاً وقد أعلن في بيانه إنه «سيحمي التظاهرات الشعبية».
وبحسب محللين، فإن «التحالف» بعد أربع سنوات من تواجده في الجنوب فشلت كل رهاناته سواءً فيما يتعلق بمشاريعه العسكرية والأمنية أو بمشروعه السياسي في الجنوب المتمثل في «المجلس الانتقالي»، هذا الفشل تزامن مع اتساع دائرة الغضب الشعبي المناوئة له في كل المدن الجنوبية والتي ارتفعت وتيرتها مع احتفالات الشعب الجنوبي بذكرى «الثورة الأم» التي أخرجت الاحتلال البريطاني.