بعد معارك عنيفة شهدتها مدينة الحديدة ليلة أمس، بين قوات «الإنقاذ» والقوات الموالية للإمارات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وبمعاونة «الأباتشي» التابع لـ«التحالف»، لم تستطع قوات «حراس الجمهورية» التي يرأسها العميد طارق صالح، تحقيق أي اختراق يذكر في صفوف قوات «الإنقاذ»، وبقيت في المواقع التي استلمتها قبل يومين من قوات «العمالقة». وبالرغم من احتدام معارك الليلة الماضية بين الطرفين عند دوّار المطار، وجامعة الحديدة، وحارة الجعبلي بالربصة، وخلف مجمّع تطوير تهامة، إلا أن السكان استفاقوا صباح اليوم، على هدوء نسبي وحذر يعم المدينة، الذي لم يخرقه إلا أصوات المدافع هنا وهناك ما بين الفينة والأخرى.
قوات صالح تشتبك!
مصدر قريب من القوات المتحالفة مع الإمارات، قال لـ«العربي»، إن «قائد المقاومة التهامية عبدالرحمن حجري، اجتمع مع طارق صالح وعدد من القيادات الموالية للإمارات، بما فيها قيادات جنوبية، وتم الإتفاق على سرعة الحسم في جبهة الحديدة».
وكشف أن «قوات العمالقة أخلت مواقعها لقوات طارق صالح، في خطوط المواجهة الأمامية»، مشيراً إلى أن «ألوية حراس الجمهورية، التابعة لطارق، هي التي تخوض المواجهات مع أنصار الله، منذ يومين، في الأحياء الجنوبية والشرقية بمدينة الحديدة».
وأوضح المصدر أن «هذه هي المرة الأولى التي تشترك فيها قوات طارق بمعركة الحديدة، حيث تم الدفع بـ4 ألوية من حراس الجمهورية»، لافتاً إلى أنه «تم استدعاء عدد من القيادات في جبهة الساحل الغربي، قبل أسبوع إلى عدن، للقاء مسؤولين إماراتيين».
اتهامات متبادلة
مصدر عسكري آخر، قال لـ«العربي» إنه «حصل تبادل اتهامات بين القيادات الموالية للإمارات، حول تسريب خطط المعارك في الأيام القليلة الماضية، ما تسبب بخسائر فادحة في الأرواح والمعدات، خاصة في صفوف قوات العمالقة الجنوبية، ما تسبّب بخرق جديد نفذته قوات الإنقاذ في شرق حيس».
وأضاف أن «التحرّك الإماراتي يأتي في سياق الأزمة التي تعصف بالسعودية، بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي»، موضحاً أن «هناك توجيهات إمارتية عليا بسرعة حسم المعركة».
هذا الأمر تؤكده مصادر متابعة قالت لـ«العربي» إن «الإمارات تأمل السيطرة على مدينة الحديدة أو قطع الإمدادات عنها، استباقاً لضغوط دولية بوقف الحرب في اليمن»، خاصة أن هناك مشاورات مرتقبة قبل نهاية العام، بحسب ما صرّح به المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن جريفيث، في وقت سابق اليوم.
وقال مصدر سياسي في حزب «المؤتمر الشعبي العام» بصنعاء، لـ«العربي»، إن «هذا التصعيد الإماراتي، يأتي لعدة اعتبارات، أهمها أن الإمارت تبحث عن أرض تقف عليها عائلة صالح، وتعزز موقفها في المشاورات المقبلة»، فيما كشفت مصادر محلية، أن «القتال في جنوب مدينة الحديدة وشرقها، يتجدد ما بين الفينة والأخرى، وأن الضحايا من الطرفين بالعشرات».
عودة الزخم؟
وعلى الرغم من أن قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي، خطفت الأضواء ممّا يدور من احداث على الساحة اليمنية، إلا أنها في ذات الوقت، عكست ظلالها على الأرض، حيث يرى مراقبون أن السعودية لم تعد تحتمل الكثير من الانتقادات حيال تجاوزاتها في اليمن، خاصة بعد رفع دعاوى عديدة تطالب بإيقاف تصدير الأسلحة لها، والضغط عليها في شتى المجالات.
وتتوالى الضغوطات على السعودية، سواء الاقتصادية أو اللوجستية، فبعد توالي الانسحابات من «مؤتمر الإستثمار» في الرياض، يأتي اليوم خبر إيقاف ألمانيا برنامج تدريبات قواتها لحرس الحدود السعودي، على خلفية قضية خاشقجي، وهو ما يرى فيه مراقبون أنه «يشكّل عبئاً ثقيلاً على كاهل السعودية، يدفع بها قدماً إلى إيجاد مخرج سريع من مستنقع حرب اليمن»، وفي السياق ذاته «جعل حليفتها الإمارات، تسابق الزمن من أجل وضع موطئ قدمٍ لها في الحديدة، قبيل أي مفاوضات».