بن بريك .. أول ضحايا الصراع السعودي الإماراتي في الجنوب
الجنوب اليوم | متابعات خاصة
تعيش دول التحالف في الجنوب حالة صراع غير معلن بسبب النفوذ ، فالإمارات التي انفردت بالسيطرة على عدد من المحافظات الجنوبية وفرضت نفسها كمستعمر جديد ، تواجه اليوم السعودية عبر أدواتها ، فالرياض تتنازع فعلياً مع أبوظبي في الجنوب على السيطرة ، فبعد أن فرضت الرياض تواجدها العسكري في المهرة ، وتقاسمت السيطرة العسكرية مع الإمارات على جزيرة سقطرى ، وأخيراً تتجه السعودية لتقاسم السيطرة على عدن وذلك من خلال تعزيز تواجدها العسكري في عدن ، وهو ما يشير إلى أن علاقة الإمارات والسعودية تتجه نحو الصراع بصورة مباشرة وغير مباشرة ,
مؤخراً ، وضعت الرياض نائب رئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي”، هاني بن بريك، تحت دائرة الإستهداف ، لمواقفة الرافضة للوجود العسكري السعودي في عدن وتبنية مواقف الإمارات المناهضة للوجود السعودي ومحاولة تهميش الرياض في عدن ، وكنتيجة لذلك تعرض بن بريك لحاولة تصفية مدبره نفذت بواسطة جرعة من السم القاتل كادت أن تودي بحياته، ووفقاً لمصادر مقربة من “المجلس الانتقالي الجنوبي”، فأن الوزير السابق هاني بن بريك يرقد لليوم الرابع في إحدى مستشفيات أبو ظبي بدولة الإمارات الذي أسعف إليها من عدن بواسطة طائرة إماراتية بصورة عاجلة نتيجة تعرضه للسم .
حادثة تسميم الرجل الثاني في “الانتقالي الجنوبي “الموالي للإمارات والمشرع لتواجدها في المحافظات الجنوبية والشرقية، تزامن مع تصاعد الاتهامات لبن بريك بالوقوف وراء مسلسل الاغتيالات الذي استهدف أئمة وخطباء مدينة عدن، فبعد أيام من اتهام القيادي في المقاومة الجنوبية والمعتقل السابق في السجون الإماراتية في عدن، عادل السالمي بن بريك بالوقوف وراء اغتيال إمام جامع بن تيمية في البريقة، الشيخ راوي سمحان العريقي مطلع العام 2016م.
إلا أن اتهام السالمي بوقوف نائب رئيس “الانتقالي الجنوبي “وراء اغتيال الائمة والخطباء في مدينة عدن، لم يكن عابر، كالاتهامات السابقة التي تعرض لها من قبل حزب الإصلاح بطريقة ضمنية، بل اتهام علني وبداية حقيقية لتصفية حسابات قوي محلية وخارجية مع بن بريك الذي يمثل جناح الإمارات الأقوى في “المجلس الانتقالي الجنوبي “، واليد الطولى للإمارات في عدن .
وفقاً لمصادر استخباراتية، فأن إعلان الجهات الأمنية في مدينة عدن القبض على ثلاثة من قتلة الراوي بعد يومين فقط من اتهام السالمي لبن بريك بالوقوف وراء اغتيال الشيخ السلفي البارز في عدن راوي العريقي، يأتي في إطار الترتيبات التي يقف ورائها حزب الإصلاح والسعودية للإطاحة بالقيادي السلفي المتشدد من “المجلس الانتقالي “، لضلوعه في معاداة الإصلاح ووقوفه وراء اغتيال عدد من قياداته من جانب، وكذلك تصريحاته الرافضة للتدخلات السعودية في الجنوب وولائه المطلق للإمارات وقيامه بتنفيذ اجندتها على حساب مصالح الرياض الذي يعتبر وجودها في الجنوب بمثابة حرب غير معلنه على أبوظبي .
المصادر، أوضحت أن “المتهمين بقتل الشيخ الراوي، المعلن عنهم مؤخراً وبصورة مفاجئة من قبل البحث الجنائي في عدن وهم، (حلمي جلال محسن، وسمير مهيوب، ومحمد عبد الرحمن الضباعي )، اعترفوا بتنفيذ جريمة الاغتيال تنفيذاً لأوامر مسنودة بفتوى دينية بقتله يقال بأنها صادرة عن بن بريك الذي كان على خلاف مع الراوي ” .
ولأول مرة، تظاهر العشرات من أقرباء وأصدقاء الشيخ رواي يوم أمس في جولة البريقة، ورفعوا صوراً لبن بريك في لافتات كبيرة كتب عليها ” للغدر عنوان “، وطالب المتظاهرين بسرعة إحالة الجناة والقيادات التي تقف ورائهم بالإشارة إلى (بن بريك) إلى المحاكمة وإنزال اشد العقوبات بحقهم
قيادات سلفية موالية لبن بريك ترى بان بأن محاولة قتله بالسم، وتصاعد الاتهامات ضدة في عدن، ومساعي رفع قضية امام المحاكم المحلية في عدن ، تقف ورائه السعودية .
لماذا الرواي؟
قتل في عدن برصاص مسلحين مجهولين خلال العامين والنصف الماضية أكثر من عشرين إمام وخطيب جامع، ومع كل جريمة اغتيال كانت أصابع الاتهام تشير إلى ضلوع هاني بن بريك ورائها، ويتهم بن بريك بالوقوف وراء اغتيال الشيخ عادل الشهري امام وخطيب مسجد سعد بن أبي وقاص في عدن، ومقتل الشيخ ياسين العدني وفهد اليونسي، والتخطيط لاغتيال إمام جامع لفيوش بلحج الشيخ عبد الرحمن العدني وأخرين، ولكن الإتهام الأخير والعلني الذي اعقبة تحرك أمني وشعبي اقتصر على حادثة اغتيال الشيخ راوي العريقي، والذي كان على خلافات شخصية وعقائدي كبير مع بن بريك منذ دخول القوات الإماراتية عدن خلال النصف الثاني من 2015م ، وحتى تاريخ اغتياله ، وهو ما يؤكد أن يقفون وراء التصعيد الأخير ضد بن بريك تجنبوا المساس بملف الاغتيالات ذات الطابع السياسي حتى لا تنكشف أوراق تلك الجرائم الممنهجة، واكتفوا بفتح قضية شبة شخصية لبن بريك .
قوات سعودية في عدن
تعمل السعودية على فرض تواجدها العسكري في عدن إلى جانب الإمارات، كما حدث في سقطرى التي تحولت إلى جزيرة مشتركة تسيطر عليها الإمارات والسعودية بعد أن عززت الرياض نفوذها العسكري في الجزيرة خلال العام الجاري، ووفقاً لمصادر سياسية في مدينة عدن، فأن الوجود الإماراتي في المدينة من خلال القوات التي أنشئت من قبل أبو ظبي وقوات إماراتية، دفع السعودية إلى تعزيز تواجدها في المدينة مؤخراً وسط معارضة هاني بن بريك الذي قال في حسابه على تويتر العام الماضي ” ان السعودية هي من تحارب الإمارات وليست قطر “.
الاحد الماضي، وصلت قوات عسكرية سعودية إلى مدينة عدن، وأفادت مصادر محلية بأن «7 ناقلات تقل عدد من العربات العسكرية السعودية وصلت إلى مدينة عدن براً عبر منفذ الوديعة، وأشارت إلى أن “تلك القوات التي قيل إنها دفعة أولى عززت قوات سعودية تتواجد في قصر المعاشيق في عدن “.
مصادر سياسية اعتبرت ما يجري في عدن بين السعودية والإمارات حرب باردة، وصراع نفوذ بين الدولتين في المحافظات الجنوبية والشرقية، وأكدت أن ” فرض الرياض تواجدها العسكري في سقطرى بعد أن احكمت الإمارات السيطرة الكاملة على الجزيرة خلال العامين الماضيين وبدأت تتعامل وكأنها جريزة إماراتية أثار حفيظة السعودية ودفعها لتقاسم الإمارات المكاسب على الأرض” ، وأشارت إلى أن ” الرياض تسعى لاستقطاب جناح عيدورس الزبيدي في المجلس الانتقالي ،واستمالة بعض القيادات السلفية التي تقاتل تحت قيادة الإمارات لصفها ، حتى لا يكون القرار في عدن والجنوب للإمارات فقط على حساب السعودية ومصالحها” .