الترقب الساخن بالسودان.. تجدد المظاهرات وسط انتشار أمني وحجب مواقع التواصل
الجنوب اليوم | وكالات
شهدت أحياء ود نوباوي والواحة في أم درمان، وجبرة والصحافة وبري والرميلة وضاحية الكلاكلة في الخرطوم، وضاحية الحاج يوسف وسوق ستة بشرق النيل والحلفايا بالخرطوم بحري؛ احتجاجات محدودة تعاملت معها قوات مكافحة الشغب بعد صلاة الجمعة اليوم، وكانت أرتال من الشاحنات التي تحمل عناصر الشرطة تجوب الشوارع الرئيسة في هذه الأحياء.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم -الجمعة- تعليق الدراسة في الأيام القادمة بجميع المدارس الثانوية والأساسية ورياض الأطفال، بما فيها المدارس الأجنبية.
وهناك توقعات بتعليق الدراسة في الجامعات بالخرطوم، بعد أن تمكن طلاب جامعات الخرطوم والنيلين والسودان -التي تقع في وسط العاصمة- من الخروج والمشاركة في المظاهرات.
وخرج مئات المحتجين في الجزيرة أبا، على بعد 280 كلم جنوبي الخرطوم بولاية النيل الأبيض، صباح الجمعة وهم يهتفون ضد الغلاء، كما شهدت مدينتا كوستي وربك -حيث عاصمة الولاية- خروج محتجين عقب الصلاة.
وعلى غرار ما حدث في دنقلا وعطبرة، أحرق المحتجون في ربك مقر حزب المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية الحاكمة في البلاد.
وطبقا لشهود عيان في الجزيرة أبا، فإن الاحتجاجات التي شارك فيها رجال ونساء تمركزت في شارع الملك فيصل، الطريق الرئيسي بالمدينة التي تعد من أبرز معاقل أنصار حزب الأمة.
وشهدت الأبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان (نحو 600 كلم جنوب غرب الخرطوم) أيضا، احتجاجات في السوق الكبير وحي الوحدة، فضلا عن خروج طالبات في حي الديم.
كما تجددت الاحتجاجات في مدينة عطبرة في أحياء الشمالي والسيالة والمطار، وتعاملت الشرطة مع المحتجين بإطلاق الغاز المدمع.
موقف الدعاة والمشاهير
وعلق أئمة ودعاة على الاحتجاجات، فبث الداعية محمد هاشم الحكيم مقطعا مصورا دعا فيه أعضاء المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لعدم التحول إلى جلادين، والانحياز للشعب بالنزول إلى الميادين والمطالبة بتنحي الرئيس البشير.
وحذر الداعية عبد الحي يوسف -عبر تغريدة على تويتر- عناصر القوات النظامية من مغبة سفك الدماء، كما نصح رجال الدولة بعدم الحرص على المناصب “بعد ثبوت الفشل”.
وعبّر لاعب المريخ السابق فيصل العجب -في تغريدة- عن تأييده للاحتجاجات، كما فعل الشيء ذاته لاعب الهلال السابق هيثم مصطفى على حسابه في فيسبوك.
وغيّر الفنان الشاب أحمد الصادق حالته في فيسبوك واضعا علم السودان، وهو ما حظي بتفاعل كبير من معجبيه.
وكان الهدوء قد ساد المدن السودانية صباح اليوم الجمعة وسط انتشار للشرطة والجيش قرب المنشآت الحكومية ومحطات الوقود ومباني البنوك.
وبدت حركة المرور عادية في العاصمة مع انتشار سيارات الشرطة في بعض الشوارع الرئيسية وداخلها أفراد من الأمن يحملون هراوات وعبوات غاز مدمع.
وفي شمال الخرطوم، شوهد جنود يحرسون محطات الوقود ومقار البنوك مسلحون ببنادق الكلاشنكوف.
وأكد شهود عيان من مدن القضارف وعطبرة والدامر ودنقلا أن الوضع هادئ، وأن جنود الجيش يحرسون المقار الحكومية.
وشددت الحكومة فجر اليوم على أنها لن تتسامح مع ممارسات التخريب، “ولن تتهاون في حسم أي فوضى على خلفية الاحتجاجات التي اجتاحت عدة مدن”.
أسباب الغضب
وكان السودان شهد في اليومين الماضيين احتجاجات غاضبة ضد ارتفاع تكاليف المعيشة، وردت الشرطة بقمع المحتجين مما أدى حتى الحين لمقتل تسعة أشخاص، بينهم ستة في القضارف وثلاثة في عطبرة وفق مصادر شعبية وحزبية.
وقد هتف المتظاهرون بشعارات من قبيل “الشعب يريد إسقاط النظام” و”حرية سلام وعدالة.. الثورة خيار الشعب” و”نحن مرقنا ضد الناس الأكلوا عرقنا.. ضد الناس القتلوا ولدنا”.
وأحرقت خلال الاحتجاجات مقار حزب المؤتمر الوطنيالحاكم في مدن القضارف وعطبرة ودنقلا، بحسب ما قال مسؤولون محليون.
واستمرت المظاهرات في بعض أجزاء العاصمة الخرطوم حتى الساعات الأولى من صباح اليوم.
وأمس الخميس، أطلقت الشرطة السودانية الغاز المدمعلتفريق محتجين على مقربة من المقر الرئاسي في الخرطوم، وكذلك في المدن الأخرى التي شهدت احتجاجات.
وتشهد المدن السودانية منذ ثلاثة أسابيع شحا في الخبز، مما اضطر المواطنين للانتظار ساعات أمام المخابز.
وقد أعلنت الحكومة اليوم عن تعطيل الدراسة في كل المراحل الدراسية بالعاصمة الخرطوم حتى إشعار آخر، وأعلن في وقت سابق عن تعليق الدراسة في ولايات أخرى، وفرضت حالة الطوارئ في مدينتين على الأقل.
تأثير المندسين
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية بشارة جمعة إن “مندسين” أبعدوا المظاهرات السلمية عن مسارها وحولوها إلى نشاط تخريبي.
وجاء في تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء السودانية، أن “المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بفعل المندسين إلى نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة”.
ودون أن يذكر أي جهة بالاسم، قال إن جهات سياسية استغلت الاحتجاجات، مضيفا أن الشرطة تعاملت مع المظاهرات “بصورة حضارية دون كبحها أو اعتراضها بحكم أن المواطنين يمارسون حقا دستوريا مكفولا لهم، وبحكم أن الأزمة معلومة للحكومة وتعكف على معالجتها”.
لكن وزير الإعلام السوداني عثمان محمد بلال اعترف بأن الشرطة استخدمت الغاز المدمع لتفريق المحتجين.
وقال بلال “لقد تحولت الاحتجاجات إلى عنف، والمحتجون يدمرون ممتلكات المدنيين” في تحدٍ للحملة الحكومية، مضيفا أنهم يحققون في التقارير الخاصة بالوفيات.
وعلى حسابه في فيسبوك، طالب رئيس مجلس الوزراء معتز موسى الشرطة بعد استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، كما دعا المحتجين للتعبير السلمي.
تعطيل مواقع التواصل
ووسط ترقب احتجاجات جديدة، توقفت وسائل التواصل الاجتماعي عن العمل في السودان، وقال مراسل الجزيرة نت في الخرطوم إنه تم حجب مواقع فيسبوك وتويتروإنستغرام، وتعطيل تطبيقي واتساب وإيمو في الخرطوم وعدد من المناطق التي شهدت احتجاجات.
وتغلب الناشطون على تعليق مواقع الفيسبوك وتويتر وواتساب ببرامج وتطبيقات يتم تبادلها على نطاق واسع، مكنتهم من التواصل والتنسيق.
ويأتي ذلك بعد ساعات من قرار الرئيس السوداني عمر البشير تعيين اللواء المتقاعد مصطفى عبد الحفيظ مديرا عاما للهيئة العامة للاتصالات، خلفا للمهندس يحيى عبد الله.
وربط النشطاء بين القرار وتباطؤ قطع خدمة الإنترنت بالتزامن مع احتدام الاحتجاجات أمس الخميس في عدد من المدن السودانية.
من جانبها حذرت السفارة الأميركية في السودان رعاياها من اندلاع مظاهرات في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري للاحتجاج على إجراءات الحكومة التقشفية.
ودعا تعميم السفارة الأميركيين لتجنب مناطق الاحتجاجات بالبقاء في المنازل وعدم ممارسة التمارين الرياضية في محيط التجمعات الكبيرة أو حيث تكون الاحتجاجات.
الجزيرة – وكالات