التحالف يفشل في إيجاد حاضنه شعبية في الجنوب
الجنوب اليوم | متابعات
لم يكن أداء التحالف العربي في اليمن خلال عام 2018 مقبولا في أوساط الغالبية العظمى من اليمنيين، بدليل أنه لأول مرة خرجت خلال هذا العام مظاهرات مناهضة للتحالف في عدة مدن يمنية وتطالب برحيله، ومزق متظاهرون صورا لقادة دولة الإمارات التي وصفوها بـ”الاحتلال”.
وقد هيمنت أخبار سعي الإمارات للسيطرة على جزيرة سقطرى، والتواجد العسكري السعودي في محافظة المهرة خلال العام على الأخبار الأخرى المتعلقة بالدور العسكري للتحالف في اليمن، وظلت تداعيات ذلك قائمة طوال العام.
الإمارات في سقطرى
بدأت دولة الإمارات تتواجد في جزيرة سقطرى بشكل تدريجي وغير ملفت للنظر، ثم بدأت الأنظار تتجه إلى الدور الإماراتي المشبوه في الجزيرة بعد أن نشرت وسائل إعلامية، في 7 فبراير، خبرا يفيد بنقل دولة الإمارات أشجارا نادرة من سقطرى إلى أبو ظبي، وهو ما أثار حفيظة عدد كبير من اليمنيين.
وزاد الطين بلة أن هذا التصرف تزامن مع تصرفات استفزازية أخرى قامت بها الإمارات والمليشيات المحلية الموالية لها، مثل قمع المعتقلين في سجون تشرف عليها الإمارات في عدن، ومنع أهاليهم من زيارتهم، وتوترات في شبوة بين الجيش الوطني والنخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات، وإقالة الإمارات لمدير أمني في أبين بعد رفضه مرور تعزيزات للمجلس الانتقالي، بالإضافة إلى احتجاز النخبة الشبوانية لمحافظ شبوة حينها واعتقال مدير أمن شرطة حبان.
وبعد أن طغت أخبار القمع الذي تمارسه الإمارات ضد المعتقلين في سجونها، وأعمال البلطجة التي تمارسها المليشيات المحلية الموالية لها، أعلنت الشبكة العالمية لملاحقي مجرمي الحرب، في 4 فبراير، قائد القوات الإماراتية في اليمن عبد السلام الشحي ضمن لائحة مجرمي الحرب.
وسعيا منها للتخفيف من حدة الهجوم الإعلامي ضدها، أعلنت الإمارات، في 14 فبراير، أنها نفذت حملة عسكرية ضد تنظيم القاعدة في حضرموت، لكنه اتضح فيما بعد أن الإمارات لم تنفذ أي عملية عسكرية في حضرموت ضد القاعدة، وكل ما قامت بها هو أنها عقدت صفقة مع القاعدة، هي والسعودية، تضمنت التعاون بين الطرفين ضد الحوثيين، وانسحاب مسلحي القاعدة من حضرموت بدون معارك، وفقا لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
بعد ذلك، عاودت الإمارات تصرفاتها الاستفزازية في جزيرة سقطرى مرة أخرى، من خلال إرسال قوات تابعة لها إلى هناك، في 2 مايو، وحدث توتر بعد رفض رئيس الحكومة اليمنية حينها أحمد عبيد بن دغر للتصرفات الإماراتية، وتنامى الغضب الشعبي في اليمن ضد الإمارات، فتدخلت السعودية لاحتواء التوتر، ووصلت لجنة سعودية يمنية إلى سقطرى، في 13 مايو، وتم الاتفاق على أن تسحب الإمارات قواتها المستحدثة.
غير أن ما حدث كان مجرد تبادل أدوار بين قطبي التحالف العربي، السعودية والإمارات، فبعد سحب الإمارات لقواتها من سقطرى، وصلت قوات سعودية بديلة إلى الجزيرة بذريعة تدريب ومساندة القوات اليمنية هناك، ثم زار السفير السعودي لدى اليمن سقطرى، بتاريخ 14 مايو، وأعلن بدء مشاريع إعمار في الجزيرة التي لم تصلها الحرب ولم يحدث فيها أي دمار أو خراب يستدعي مشاريع إعمار.
السعودية في المهرة
بمجرد انتهاء الأزمة التي افتعلتها الإمارات في سقطرى، برزت على الفور الأزمة التي افتعلتها السعودية في محافظة المهرة، ففي 31 مايو، وصل السفير السعودي لدى اليمن إلى محافظة المهرة في زيارة لم يعلن عنها ولم يعرف الغرض منها، أتبعها مباشرة في اليوم التالي، 1 يونيو، بزيارة مدينة مأرب وأعلن بدء مشاريع الإعمار فيها.
وبعد أيام قليلة، كشفت تقارير إعلامية أن السعودية تسعى إلى إنشاء أنبوب نفطي في اليمن يصل البحر العربي عبر المهرة. وفي 6 يوليو، وصلت أربع طائرات سعودية إلى مطار الغيضة بمحافظة المهرة حيث كانت ترابط هناك قوات سعودية من قبل، مما أثار حفيظة أبناء المهرة، الذين دشنوا اعتصامات تطالب بإنهاء ما أسموه “الاحتلال السعودي” لمحافظتهم.
ورغم أن السعودية اتفقت مع أبناء المهرة على تنفيذ مطالب المعتصمين، في 12 يوليو، لكنها خرقت الاتفاق معهم، في 18 يوليو، بعد أن استولت على نقطة عسكرية بالغيضة، فعاود أبناء المهرة اعتصاماتهم مجددا، مما دفع قائد التحالف العربي في المهرة إلى التهديد باستخدام القوة ضد المعتصمين والمؤيدين للاعتصامات.
بدت السعودية ماضية في خطواتها رغم تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضدها، وكشفت مصادر إعلامية عن عزم السعودية إنشاء ميناء نفطي في المهرة. وفي 21 أغسطس، أوقف سكان المهرة بناء مواقع عسكرية سعودية، وردت السعودية على ذلك باستحداث نقطة عسكرية بالقرب من منفذ شحن الحدودي، في 30 أغسطس. ثم دفعت بتعزيزات عسكرية جديدة إلى المحافظة، في 6 سبتمبر، وبدأت بتجنيد مسلحين من خارج محافظة المهرة.
تصاعدت الاحتجاجات الرافضة للتعزيزات العسكرية الجديدة، لكن السعودية ردت بتعزيزات أخرى تتمثل في قاطرات عسكرية تحمل عشرات الأطقم العسكرية، في 9 سبتمبر، تلا ذلك سحب الإمارات لقواتها من المهرة، في 22 سبتمبر. وكلما تصاعدت احتجاجات أبناء المهرة الرافضة للتواجد العسكري السعودي، تزيد السعودية من تعزيزاتها العسكرية إلى المحافظة.
وبعد أن استحدثت القوات السعودية في المهرة نقاط أمنية جديدة، في 13 نوفمبر، خرجت في اليوم التالي مظاهرة حاشدة رافضة لذلك، وقتل أثناءها أحد المتظاهرين وجرح آخرون، جراء تفريق قوة أمنية للمظاهرة، وما زال الرفض الشعبي للتواجد السعودي في المحافظة مستمر، وأعلنت عدة أحزاب وقوى سياسية في المحافظة، في 27 ديسمبر، رفضها للتواجد السعودي في المهرة.
معركة الحديدة
دفع تصاعد الهجمات بالصواريخ البالستية التي شنتها جماعة الحوثيين على الأراضي السعودية دول التحالف إلى محاولة تحرير محافظة الحديدة، كون ميناءها يعد المصدر الوحيد لتهريب السلاح للحوثيين من قبل إيران، وأعلن التحالف العربي، في 10 يناير، أن ميناء الحديدة أصبح مصدر تهديد للملاحة البحرية، بعد هجمات حوثية استهدفت ناقلات نفط سعودية.
غير أن نوايا تحرير الحديدة لم تكن صادقة، خاصة بعد أن دعمت الإمارات تشكيل قوات عسكرية تتبع طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي صالح، ودفعت بها إلى الساحل الغربي لتحرير الحديدة ومن ثم السيطرة عليها، أي أن الإمارات كانت تسعى للسيطرة على ميناء الحديدة عبر مليشيات محلية موالية لها يقودها طارق صالح.
تزامنت استعدادات الإمارات لمعركة تحرير الحديدة، من خلال طارق صالح، مع إعلان محافظ تعز حينها أمين محمود، الموالي للإمارات، عن عملية عسكرية واسعة لتحرير محافظة تعز، في بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات، في 25 يناير، تلا ذلك إنشاء الإمارات أول معسكر لطارق صالح في المخا، في منتصف أبريل.
وبعد فشل طارق صالح في خوض أي معركة حقيقية ضد الحوثيين في الحديدة، رغم تسليح مقاتليه بأسلحة حديثة ونوعية، وعدم وجود أي تحرك بخصوص معركة تحرير تعز التي أعلن عنها محافظ المحافظة الموالي للإمارات، واعتبار كل ذلك فشلا عسكريا للتحالف العربي، أراد التحالف تحقيق نصر سريع ومحدود، من خلال اغتيال رئيس المجلس السياسي للحوثيين صالح الصماد، في 23 أبريل، خاصة أن الصماد نشط حينها في الحشد والتعبئة لمعركة الحديدة التي لم تكن قد بدأت بعد.
بعد ذلك، أعلنت الإمارات، في 12 يونيو، عن وصول قوات كبيرة إلى مشارف الحديدة لاقتحامها، واندلعت المعارك في اليوم التالي، لكن الإمارات أعلنت، في 1 يوليو، توقف معركة الحديدة بشكل مؤقت، وأثار ذلك الإعلان سخط ناشطين يمنيين، واعتبروه تعديا على السيادية الوطنية، كون قرار إعلان الحرب أو إيقافها من اختصاص السلطة اليمنية الشرعية.
وفي 18 سبتمبر، أعلن التحالف العربي بدء عمليات عسكرية واسعة لتحرير الحديدة، ثم كرر ذات الإعلان في 2 نوفمبر، وبدأت المعارك بالفعل، وحققت قوات الجيش الوطني تقدما كبيرا داخل المدينة، بدعم وإسناد التحالف العربي، لكن المعركة توقفت فجأة، بذريعة الاستجابة لضغوط دولية لإيقاف المعركة وإفساح المجال لمشاورات السلام بين أطراف الصراع برعاية الأمم المتحدة، والتي تمت في السويد، وأسفرت عن اتفاق لم يتم تنفيذ كافة بنوده بعد على أرض الواقع.
نقلاً عن الموقع بوست