تسونامي نهب الأراضي والممتلكات في عدن برعاية إماراتية
الجنوب اليوم | تقرير
لم تكن عدن – منذ بداية تاريخها – مستباحة كما هي اليوم، ولم يسبق أن شهدت عمليات بسط ونهب للأراضي الخاصة والعامة مثلما تشهده اليوم، فأبناء عدن وكثير من أبناء بقية محافظات الجنوب لم يعودوا آمنين على منازلهم وأراضيهم ومنشآتهم الحيوية، فكل شيء أصبح في مرمى مطامع النافذين الذين لا يفرقون بين أملاك المواطن وأملاك الدولة، فقد استباحوا كل شيء وشرعنوا لكل ما يقع تحت أيديهم بقوة المال والسلاح والنفوذ.
ولطالما كانت أراضي وعقارات الدولة هدفاً سهلاً للمتنفذين فقد استولوا على هناجر وأراضي المؤسسة الاقتصادية اليمنية في المملاح بعدن، خصوصاً الأراضي المقابلة لمستشفيات البريهي وجولة كالتكس بالمنصورة وحوش العظام في شارع الدرين، ورغم النداء العاجل الذي وجهه سامي السعيدي – المدير التنفيذي للمؤسسة الاقتصادية اليمنية – لإنقاذ الأراضي والهناجر المملوكة للمؤسسة، إلا أن نداءه لم يلامس مسامع الحكومة واجهزتها الأمنية.
مركز شرطة الشيخ عثمان التاريخي، في عدن، تحول بقدرة “نافذ” إلى محلات تجارية، ومثله حوش مؤسسة النقل في حي السيلة الذي تحول أيضاً إلى عمائر خاصة ومحلات تجارية، وها هي شراك متنفذي الأراضي تُنصب حول مقر الدفاع المدني في الشيخ عثمان، حيث أوقفوا عملية بناء سور حول مقر الدفاع بعد محاولتهم الاستيلاء على المقر بحجة بناء مشروع استثماري، الأمر الذي دفع بموظفي الدفاع المدني للتظاهر احتجاجاً على محاولة نافذين تابعين لقوات الحزام الأمني البسط على مقر واحدة من أقدم المنشآت وأهمها وهي الدفاع المدني.
الحرم الجامعي أيضاً انتهك باسطو الأراضي حرمته، واستولوا على أجزاء من الأراضي التابعة له وأراضي الجمعية السكنية التابعة لجامعة عدن، وعلى اثر تلك الاعتداءات نظمت كليات الهندسة والحقوق والعلوم الإدارية والاقتصاد بجامعة عدن برئاسة الدكتور الخضر ناصر لصور، وقفة احتجاجية في الحرم الجامعي بمدينة الشعب، تنديداً بما تتعرض له أراضي الجامعة من اعتداءات مستمرة.
أيادي المتنفذين من الباسطين على أراضي الدولة والمواطنين، امتدت إلى شواطئ وسواحل عدن، حيث تشهد المنطقة الممتدة من مستشفى عدن العام نحو شاطئ صيرة أعمال كبس وردم، تتحول بعدها إلى أراضٍ يتم تسويرها لتكون جاهزة للبيع، وحسب أحد مهندسي الأراضي يتم بيع اقل أرضية بستة ملايين ريال، بالإضافة إلى رصيف ساحل كالتكس وكورنيش جزيرة العمال وشواطئ بحيرات البجع، ووصلت عمليات نهب الأراضي إلى البناء على أرضية مركز مرضى السرطان بكريتر بالقرب من مستشفى عدن العام، حيث كشف المهندس خالد عثمان، بالصور، المباني التي تُشيّد على أرضية مركز السرطان إحداها لمسؤول محلي وهي عبارة عن فيلا من ثلاثة طوابق.
محافظة لحج أيضاً لم تكن بمنأى مخالب الباسطين على الأراضي، فقد استولوا على مساحات واسعة من كلية ناصر للعلوم الزراعية بمدينة الحوطة، حيث أكد مسئول محلي أن متنفذين بسطوا على أراضٍ واسعة من كلية ناصر للعلوم الزراعية في الحوطة، التي وهبت للكلية من ممتلكات السلطان علي عبدالكريم، إلا أن السلطات المحلية لم تحرك ساكناً لإيقاف النهب.
وفي الضالع ذكرت مصادر صحافية أن متنفذين طالبوا بمغادرة ساكني حي التقنية منازلهم في عدن، ليس لبناء مساكن جديدة لهم، وإنما لبناء مدينة سكنية خاصة بقيادي كبير في إدارة أمن عدن، حسب المصادر، حيث هدد المتنفذون بهدم 200 منزل في حي التقنية على رؤوس ساكنيها في حال رفضوا المغادرة.
مدير عام مديرية حالمين بمحافظة لحج، عبدالفتاح حيدرة، اتهم في وقت سابق الحكومة بحماية ودعم عصابات الأراضي وحمايتهم بالأطقم العسكرية، مشيراً إلى أن عدداً من المسئولين تحولوا إلى سماسرة وباسطين على الاراضي والأحواش في عدن ولحج وأبين.
وكان وزير الداخلية أحمد المسيري، اتهم قيادات أمنية وعسكرية بممارسة أعمال النهب والبسط على أراضي الدولة والمواطنين ومساندة المجاميع المسلحة لخلق الفوضى وإقلاق أمن المدينة والسكان، مطالباً الرئيس هادي بوضع حد لتلك الأعمال تجنباً لانفجار الوضع في عدن.
ومنذ تحرير محافظات الجنوب من الحوثيين، تتوسع ظاهرة البسط والاستيلاء على الأراضي العامة والخاصة في أخطر مؤشر على الاختلال الأمني الذي يحدث تحت غطاء واسع من المتنفذين الذين أثقلوا كاهل المواطن الجنوبي وسلبوا أمنه واستقراره، تنفيذاً لأجندات خارجية ومصالح شخصية ضيقة.