الجنوب وقنبلة «السلاح المتفلت»
الجنوب اليوم | العربي
لا ينتهي حديث عن «ميليشيات» و«مرتزقة» و«تهريب الأسلحة» إلا ويبدأ آخر، وفيما لم ينته اليمنيون بعد من «حرب الأشقاء» التي ترعاها دول إقليمية دمَّرت، ولا تزال، البشر والحجر في البلاد، فإن «يمن ما بعد الحرب» لا يبدو أكثر استقراراً، خاصة وأن «السلاح المتفلت» وانتشار المسلحين، من غير المنضبطين، يكاد يكون سمة المرحلة المقبلة، وبشكل خاص في الجنوب.
خلال الأيام الماضية كثر الحديث عن انتشار أسلحة، تسلمتها دول «التحالف» (السعودية والإمارات)، بين أوساط مسلحين منتظمين في مجموعات (في عدن والمحافظات الجنوبية خصوصاً)، منها ما بات معروفاً من أمثال قوات النخب والأحزمة الأمنية، ومنها ما لا يزال في حالة سكون مؤقت، ينتظر أوامر المشغلين للتحرك بين حين وآخر؛ في ظل استمرار ما تعانيه عدن من عمليات قتل واحتجاز وتعديات خارج القانون، فضلاً عن استهدافات ممنهجة للسياسيين والعسكريين ودعاة الدين والأكاديميين.
يحدث ذلك وسلطات المدينة لم تجد طريقها بعد لأي من مرتكبي تلك الجرائم، وهي حقيقة يرى فيها بعض المراقبين «أمراً واقعاً»، خاصة وأنه «لا يمكن لسلطات الشرعية كشف الغطاء عن الأيادي المحركة لتلك المجموعات» أمنياً، حتى وإن كانت على خلاف سياسي معها.
وفي هذا الإطار، تفيد المعلومات بأن «الإمارات تنقل أسلحة» قدمتها دول غربية ودول أخرى الى «فصائل غير خاضعة للمساءلة متهمة بارتكاب جرائم حرب» في اليمن، قامت أبو ظبي بتأسيسها وتولت تدريبها، وقد وصفت منظمة «العفو الدولية» الأمر بأنه «وصفة لكارثة بالنسبة للمدنيين اليمنيين».
متابعون يرون أن ما تم كشفه في الآونة الأخيرة عن نقل السعودية والإمارات للأسلحة الأمريكية إلى مجموعات مسلحة متهمة بـ«ارتكاب جرائم حرب»، لم يكن أمراً مفاجئاً، خاصة في ظل ما يظهر على الأرض من قوات مدججة بمختلف أنواع الأسلحة، مشيرين إلى التقرير الأممي الذي اعتبر أن القوات التي تسلحها دول «التحالف»، وخاصة الإمارات، «تشكل تهديداً لأمنه واستقراره»، وهي «متورطة في انتهاكات للقانون الدولي الإنساني».
الكونجرس يتفاعل
شبكة «سي. أن. أن.» الأمريكية التي بثت تحقيقاً قبل يومين يتناول «نقل السعودية والإمارات أسلحة أمريكية الصنع إلى مقاتلين على صلة بتنظيم القاعدة، وغيره من الجماعات»، ذكرت أن تلك الأسلحة لم تقتصر على بعض الرشاشات او المدرعات فقط، بل تم تزويد تلك المجموعات بصواريخ «تاو» المضادة للدبابات؛ كما تحدثت الشبكة عن تسريب أسلحة ذات أنظمة تكنولوجية متطورة وحساسة، وصل بعضها إلى إيران، الأمر الذي دفع بوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» فتح تحقيقات بهذه المعلومات.
لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي صوتت على أسس حزبية وبتأييد 25 نائباً ومعارضة 17، لصالح قرار يتعلق بسلطات الحرب، سيمنع الجيش الأمريكي من تقديم أي دعم للسعوديين وغيرهم ممن يشاركون في حرب اليمن، وسط تساؤلات من قبل مشرعين عمّا إذا كان ينبغي للكونجرس فرض قيود أكبر على الأسلحة الهجومية التي تصل إلى «التحالف».
بلجيكا حاضرة
هذه التطورات لم تقتصر فقط على الأسلحة أمريكية المصدر، وقد كشفت منظمة «العفو الدولية» استخدام مسلحين مدعومين من الإمارات لبنادق آلية خفيفة «مينيمي»، منتجة من قبل شركة «إف إن هيرستال» في منطقة فالون البلجيكية.
وذكر المسؤول في المنظمة فيليب هينسمانس، أن الدول الغربية باعت للإمارات أسلحة بقيمة 3.5 مليارات دولار منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، وبحسب تقرير برلمان منطقة فالون، فقد تمت المصادقة على صفقة بيع سلاح بقيمة 48 مليوناً و614 ألفاً و295 يورو للإمارات عام 2016.
فيما لا تزال الأمم المتحدة تسعى إلى وضع حد للحرب المستمرة منذ 4 سنوات، والتي فاقت فاتورتها البشرية الـ6.872 قتيلاً مدنياً و10.768 جريحاً حتى نوفمبر 2018، وفقاً لـ«مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان»، فإن «يمن ما بعد الحرب» لا يبدو أكثر تفاؤلاً في ظل انتشار «فوضى السلاح»، وقد كان لدول «التحالف» الدور الأكبر في تغذية تلك الفوضى، كل بحسب أجندته.
(العربي)