فتحي بن لزرق: شقاة الجنوب ..!

من حائط الكاتب فيسبوك 

شقاة الجنوب ..!
رن هاتفي صباحا وكنت أقود سيارتي على الطريق الواصلة بين مدينة (إنما) بعدن ومدينة المنصورة ، الأجواء باردة بعض الشيء والسيارات تصافح إطاراتها رصيف اسود بلا نهاية .
كان المتحدث على الطرف الآخر مسئول بمؤسسة الكهرباء “بعدن” ..
جاء صوته من خلف سماعة الهاتف
-صاحي يافتحي ؟
– نعم صاحي ورايح الشغل .. تفضل
– ياخي نريدكم ان تتحدثوا عن مشكلة الكهرباء يا أخي عدن قادمة على وضع كارثي الكهرباء بتطفي كامل خلال الساعات القادمة نهائيا.
كنت انظر إلى الطريق وفي مخيلتي تدور مئات الاتصالات المشابهة منذ عامين .
وتلاشى الصوت وغاب وغبت في زحمة تخيلات كثيرة .
جاءت الأصوات متداخلة في مخيلتي وشريط صور طويل يمر مسرعا.
بلا كهرباء – بلا مياه – بلا رواتب – خائفون – جائعون- دونما ترقيم – متقاعدون – بريد – سيارات مفخخة – جرحى – شهداء – معاناة.
عناوين لمعاناة طويلة في عدن ومحافظات الجنوب الأخرى..
معاناة لاتنتهي هنا في عدن وصلت إلى حد لايمكن احتماله .
قلت لأحد أصدقائي قبل أيام في عدن ..
– كيف تصنف الوضع الجنوبي الحالي لما بعد الحرب ..؟
قال – شقاة ياصديقي مع كل الأطراف دونما ثمن ولا مقابل ..!
قلت له كيف :” قال انظر إلى الجنوبيين وستدرك فضاعة مايحدث ، بعضنا شقاه مع صالح والحوثي وآخرين مع الشرعية وطرف ثالث مع الإصلاح ورابع مع “التحالف”.
قلت له اصمت :” ستحنب لنا يا أخي ..! من دخل السجن في عدن ماعاد عرفوا له طريق ..!
قال :” انظر إلى واقع “عدن” والجنوب اليوم وستدرك حجم المعاناة لدى الناس ، انظر إلى كم الإطارات التي يحرقها الناس في عدن كل يوم انظر إلى واقع الكهرباء والمياه والخدمات وكل شيء ،ستدرك جيدا ان لا احد يهتم بحال الناس ولاينظرون إليهم إلا كقوة مقاتلة رخيصة “الثمن” يتم الزج بها هنا وهناك .
قلت له :” سيقولون عنك عميل وخائن ان قلت مثل هذا الكلام ؟
قال:” دعهم يقولون مايريدون اخبرني ما الذي تغير بحال عدن وكل محافظات الجنوب الأخرى منذ انتهاء الحرب .. أين مرتبات الناس؟ ، أين الكهرباء أين المياه أين الخدمات أي وطن هذا ..؟
صمت قليلا وتابع :” يا اخي تعبنا نفسيا من هذا الوضع كل يوم الكهرباء طافي مافيش بترول مافيش ديزل كل يوم تخرج تلاقي الناس قاطعة الطرقات تشتي تأكل ، تريد لقمة .
قلت له :” الجنوبيون غيبوا عن كل شيء وتاهت خطاويهم ، ارتفعت الأصوات المجنونة لتغطي على كل شيء وتصدر المشهد اصحاب المصالح ..
قال :” الانستحق قليلا من الإنصاف من هذا التحالف الضخم الذي يوزع هباته حول العالم اجمع ، الاتستحق “عدن” محطة كهرباء صغيرة مثل المحطات التي تشيد في دول إفريقيا أو وسط اسياء ، ألا نستحق لفتة بسيطة كهذه ..؟
صمت قليلا وأضاف :” اقسم إننا نستحق قليلا من العطاء ليس إلا .. انظر إلى محافظة مأرب اليوم وكيف تعيش .؟ لماذا كل هذا العطاء هناك والغياب في “عدن”.؟
قلت له تريد مني كلمة واضحة !
قال:” تفضل
قلت له قياداتنا أرخصتنا، جننتهم المغانم والمكاسب الشخصية والمدرعات والأطقم وبات أخر همها المواطن العادي ولو أنها وضعت شروطها لنفذت واستجيب لها لكنها لاتبحث إلا عن مصالحها وكل واحد يدور كم بيلاقي أطقم وسيارات ومعدات وفلوس ومصاريف حراسته .
حديثي هذا قد يغضب كثيرين لكنها الحقيقة المرة لا احد يلتفت لحال الناس في عدن ومحافظات الجنوب الاخرى ولو انهم التفتوا إلى حال المواطن ووضعوا كلمتهم واحدة لما كان حالنا هذا
واعتذر عن هذه الصراحة التي قد تكون جارحة .
#الشقاة_لايصنعون_وطن
#فتحي_بن_لزرق