صلاح السقلدي: حرب اليمن التي تدخل عامها الخامس متجاوزة مُــدّة الحرب العالمية الأولى
صلاح السقلدي
فيما كانَ العالَــمُ كُــلِّه مصعوقاً من وقَــعِ العمل الإرهابي الذي حدثَ في مسجدين بـــ “نيوزلندا ” يوم الجمعة 15 أذار مارس الجاري الذي أرتكبه عددا من متطرفي اليمين وذهَــبَ ضحيته العشرات من المصليين المسلمين الأبرياء كان وزير الخارجية الأمريكية” بموبيو” الذي يزور الشرق الأوسط يشير بسبّــاتهِ الى إيران بأنها العدو الرئيس للعرب والمسلمين والمسيحيين واليهود وليس سواها من متطرفين الشرق كداعش والقاعدة ومتطرفي الغرب كاليمينيين الذين قال عنهم أحد القادة الأوروبيون قبل أيام بأن خطرهم أضحى أشد فتكاً من خطر داعش والقاعدة وجيش النصرة الإرهابي والمتطرفون اليهود.. كما أن بمومبيو كان يجهر وبكل صفاقة وعجرفة عن رفضه ورفض رئيسه ترامب اجراءات مجلسَيّ النواب والشيوخ الهادفة لوقف المشاركة الأمريكية بحرب اليمن، ويؤكد على استمرار الجيش الأمريكي بالمشاركة بالحرب دعما للسعودية، كون هذه الحرب -بحسب كلامه- تندرج ضمن الجهود السعودية الامريكية لمواجهة إيران، وإحكام الحصار عليها.
فهذه التصريحات فوق أنها تأتي لحرْف مؤشر بوصلة السخط العالمي عن جريمة نيوزيلاندا الدموية التي اقدمَ عليها بعض متطرفي اليمين المتأثرين بفلسفة ترامب العنصرية الذي يستعيد هوية الجنس الأبيض من بين أنياب الاحتلال الإسلامي -بحسب أحد المشاركين بهذه الجريمة- فأنها ” تصريحات بموبيو” تسفر بجلاء عن الهدف الأمريكي الحقيقي من المشاركة بهذه الحرب ،وتفصح بوضوح لا لبس فيه عن الهدف السعودي من هذه الحرب بأنها حربا أمريكية تقوم بها الرياض بالوكالة عن أمريكا خدمةً لأمن لإسرائيل في إطار تسويق صفقة القرن واتساع قُــطر دائرة التطبيع مع العدو الإسرائيلي، و بأنّها حربا لحفظ أمن اسرائيل، وشكل من أشكال الصراع الإقليمي الدولي ولا علاقة لها بأكذوبة إعادة السلطة الشرعية باليمن الى صنعاء كما تقول بعض التصريحات السعودية، مع أن هذه الأخيرة هي الأخرى لا تتحرج بكثير من الأوقات من الإفصاح عن أن هذه الحرب هي حرب ضد حلفاء إيران باليمن . كما أن هكذا تصريحات أمريكية كهذه التي سمعناها من بمبويو تنسف تأكيدات المسئولين الامريكيين التي يقولون أنهم يرغبون بوقف هذه الحرب و أنهم يدعمون جهود التسوية السياسية واتفاقية استكهولم التي تقودها الأمم المتحدة بين الأطراف اليمنية , وبأن الإدارة الأمريكية تتطلع لوضع حدا للمأساة الإنسانية التي تعصف بهذا البلد المنكوب، المنكوب بارتزاق نخبه السياسية وبنوايا جيرانه التوسعية، وتعرّي هذه التصريحات أصحابها وحلفاء واشنطن من الخليجيين واليمنيين على السواء.
بعد أيام فقط ستطوي الحرب باليمن عامها الرابع لتدخل عامها الخامس 26مارس 2015م- 26مارس 2019م متجاوزة بذلك فترة الحرب العالمية الأولى 1914م-1918م, دون أن تلُــوح بالأفق بوادر واضحة تشير الى نهاية قريبة لها برغم الدمار الهائل وأرقام القتلى والجرحى والمفقودين المروّعة ،وحالة الوضع الانساني المخيف من مجاعة وأمراض وأوبئة وسطوة الجماعات المتطرفة التي وجدتْ بهذه الحرب ضالتها المنشودة لتتزود بها بالمال والسلاح والغطاء السياسي والفكري بعد أن اتخذَ التحالف من هذه الجماعات رأس حربة بحربه هذه لمجابهة الطرف الآخر” الحركة الحوثية وقوات وحزب الرئيس اليمني السابق صاح”… وعلى ما تقدم من تصريحات أمريكية صادمة لا نعتقد أن الجهود الأممية التي يبذلها المبعوث الأممي الى اليمن ” مارتن جريفيت” ومعاونوه ستفلح بوضع نهاية قريبة لهذه الحرب طالما بقية الرغبة الأمريكية عند موقفها الرافض لوقفها،وطالما ظلت المصلحة الأمريكية باقية من استمرار هذه الحرب التي تستثمرها واشنطن اقبح استثمار على حساب الدم اليمني بل والدم العربي عموما وعلى حساب المال والأمن العربي الخليجي، فهذه الحرب التي يستميت الأمريكان إبقاءها مستعرة تمثل لواشنطن سوق سلاح مزدهرة تعود لها بمليارات الدولارات”، علاوة على ما تمثله هذه الحرب من مستنقع آسن للسعودية يسهل فيه لواشنطن ابتزاز الرياض سياسيا وماليا، فضلا عن إقحام العرب – كل العرب حلفاء لواشنطن أو خصوما لها- بمتاهة الصراع العربي العربي، وتسعير حالة العداء العربي الإيراني إنفاذاً للرغبة الإسرائيلية والمصلحة الأمريكية.
*صحافي من اليمن-عدن
* المصدر: رأي اليوم