صلاح السقلدي: وزير الخارجية اليمنية لا يشعر بالخجل… والدول العربية التي تتحدث عن إعادة الجولان لسورية وترفض أن تعيد لسورية مقعدها بالجامعة العربية
الجنوب اليوم | صحافة
رأي اليوم – صلاح السقلدي
قالَ وزير الخارجية اليمني خالد اليماني قبل يومين أنه لا يشعر بأي خجل من جلوسه بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو والتحدث معه في مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط في العاصمة البولندية وارسو في منتصف شهر شباط (فبراير) الماضي. معتبراً أي ” اليماني” ذلك التطبيع السياسي المخزي مع دولة غاصبة للأرض والمقدسات العربية وما زالت تسفك الدم العربي بغزارة وتبتلع مزيدا من الأراضي كل يوم بأنه عمل بروتوكولي عادي جدا، وليس فيه أي خطأ أو ما يدعوه للشعور بالذنْب والعيب ، وأن الأيام قد تجاوزت هذا الحدث – بحسب اليماني-.!!
لم يشكّــل لنا هذا التصريح أية مفاجأة أبداً. فمِــنْ متى أصلاً كان السياسيون باليمن- مثلهم مثل كثير من المسئولين العرب- يشعرون بالخجل أو العيب من أي تصرفات خاطئة أو سقطات ،أو يتملكهم الاحساس بالندم ووخز الضمير من أي موقف ؟ خصوصا منذ بداية هذه الحرب الدائرة اليوم باليمن والتي دخلت قبل أيام عامها الخامس. فالشعور بالخجل أو التهيّـب من الوقوع في نقيصة أو مخزية ، لم يعد موجودا عند هؤلاء بعد أن تخلوا عن حُــميتهم القومية- ناهيك عن الوطنية. فالسلطة اليمنية المعترف بها دوليا والموجودة بالرياض ، والتي يشغل فيها اليماني منصب وزير خارجيتها، مسلوبة الإرادة السياسية تماماً ،وفاقدة لحق امتلاك القرار الوطني المستقل والتأييد الشعبي، فضلاً عن فقدان اليمن برمته للسيادة ،وبعد أن أصبحت ” السلطة اليمنية” رهينة المحابس في فنادق الخليج الوثيرة. وبالتالي فلا غرو أن يكون هذا الموقف المشين صادرا عن هذه السلطة وعن هذا الوزير المسلوب،فهي سلطة فوق أنها سلطة وحكومة فاسدة وركيزة بيد الغير، ونُــسخةٌ مِــنْ “حكومة فيشي الفرنسية العميلة” إبّان الحرب العالمية الثانية، فأنها” السلطة اليمنية” تؤكد بأنها لا تملتك قرارها أو حرية شخوصها ولا القرار والإرادة السياسية والوطنية اليمنية، وأنها رهينة بيد الجيران ليس فقط منذ بداية هذه الحرب -وأن كانت هذه الحرب قد أفقدتها ما كان تبقى لها من إرادة واستقلالية، وجعلت الجيران أكثر نفوذا وهيمنة- إلّا الزمن الذي فقدت به القرار اليمني وغاب فيه الإرادة الوطنية قد بدأ من اليوم الأول للوحدة اليمنية عام 90م حين تخلّــى النظام اليساري بالجنوب الذي كان يقوده الحزب الاشتراكي اليمني تخلى الى درجة كبيرة عن مبادئه القومية و تحلل عن غِــيرته الوطنية لحساب القوى الشمالية التقليدية الموالية للمملكة العربية السعودية ،زاد هذا الوضع سوءا بعد حرب 94م حين انفردت الرياض بالقوى المنتصرة بلتك الحرب” المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق صالح, وحزب الإصلاح “إخوان اليمن” وروضتهما الى درجة التبعية المفرطة والخنوع والاستضعاف لتنتزع منهما قرار الاعتراف بمسألة الحدود بين البلدين والتوقيع على معاهدة التنازل عن مساحة شاسعة من أرض يمنية.
وبالعودة الى تصريح وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، فأنه على كل حال تصريح لا يخرج عما تحدده له الرياض التي تمضي صوب التطبيع مع اسرائيل.فمثلما كانت التوجيهات الإقليمية لليماني تقضي بالانخراط بعملية التطبيع فأنها ستظل سارية المفعول الى أن تأتي غيرها بعد أن اضحت الخارجية اليمنية مجرد دائرة محلقة بوزارة الخارجية السعودية.. فبوصلة السياسية الخليجية اليوم تشير الى جهة التطبيع إنفاذاً لرغبات وأوامر حاكم البيت الأبيض ، كما تشير هذه البوصلة الى ضرروه إبقاء الحال العربي كما هو يراوح مكانه من التشظي والتمزق والخصومة,في وقت تمضي فيه إسرائيل وبدعم أمريكي هائل باتجاه التصلب بمواقفها إزاء القضايا العربية وتضم مزيدا من الاراضي العربية بما فيها الجولان السورية.. فالدول الخليجية المسكونة بعاهة” إيران فوبيا” تمسك بتلابيب الجامعة العربية وتتمترس بشدة بخندق صفقة القرن واصحابها ,وخير دليل على ذلك موقفها المتخاذل من قرار واشنطن بالاعتراف بضم اسرائيل للجولان السورية, فهذه الدول وبرغم انتقاداتها- على استحياء- لهذا القرار فأنها تؤيده من خلف الحجب رغبة بإغاظة خصومها في إيران وسورية، أو رغبة في خطب ود واشنطن وتل أبيب. وإلّا أي عقل سيصدق أن هذه الدول تود عودة الجولان الى السيادة السورية وهي ترفض عودة مقعد السوري الى الجامعة العربية؟.