الرئيس علي ناصر محمد: ( مصطفى ) .. كان نموذجاً لجيل نرجو أن يتكرر
كتب: علي ناصر محمد
لقد مضى زمن طويل منذ تعرفت إلى المناضل والفدائي ( مصطفى ) الذي وافته المنية في فبراير الحالي 2017م، كان الجنوب محتلاً من الاستعمار البريطاني منذ 129 سنة، وبالتأكيد جرت انتفاضات شعبية ضد المحتل طوال هذه السنين في كل مكان لكن لم يكتب لها النجاح ..
كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م التي انطلقت من جبال ردفان الشماء بقيادة الجبهة القومية وقد تميزت هذه الثورة بدعم شعبي واقليمي ودولي في ذروة مد الحركة القومية بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر الذي قدم كل اشكال الدعم بعد زيارته لتعز عام 1964م واعلن منها “أن على الاستعمار البريطاني ان يحمل عصاه ويرحل من عدن”.
في هذا الخضم تعرفت إلى الفدائي (مصطفى) في عدن وتعز وهذا اسمه الحركي، ضمن من تعرفت إليهم من المناضلين والفدائيين في جبهات الكفاح المسلح. فوجدته المناضل الصلب، والإنسان المؤمن بقضية شعبه وبحتمية انتصارها. وقد توج نضال شعبنا بالاستقلال وطرد المحتل ورفع راية جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بقيادة المناضل قحطان محمد الشعيبي أول رئيس للجمهورية في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧ م واقامة دولة قوية ومهابة في الجزيرة العربية والمنطقة شارك فيها قيادات جبهات القتال والقيادات السياسية الذين تحدث عنهم وزير المستعمرات البريطانية (شاكلتون) في مفاوضات جنيف عام 1967م “بانهم رجال وقيادات من عيار ثقيل”.
لم يكن بناء الدولة الجديدة أمراً سهلاً ولكن الثورة والدولة واجهت تحديات كبيرة وتجاوزتها بالاستناد والاعتماد على جماهير الشعب التي التفت حولها في معركة الكرامة والسيادة والدفاع عن الوطن، وبالمقابل فان الدولة قد حققت بعض الانجازات لتحقيق أماني ومتطلبات الشعب بالرغم من التحديات وقلة الإمكانيات.
لقد تقلد المناضل (مُصطفى) مناصب قيادية في المؤسسات الأمنية (الداخلية)، اذ كان تحقيق الأمن والاستقرار في الدولة الجديدة التي كانت تجابه تحديات كثيرة واحدة من التحديات الكبرى بالإضافة إلى تحديات التنمية بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والثقافية. وهو ما تحقق من خلال دور الفقيد ورفاقه الذين اسهموا معه في التحدي لمهمة تحقيق الأمن والاستقرار لليمن الديمقراطية من موقعهم في وزارة الداخلية.
ثمة قضية مهمة أريد في هذه العجالة عن المناضل والفدائي المغفور له بإذن الله (مصطفى) التنويه بها، وهي انه بعد أن تحقق النصر على المحتل، وارتفعت راية الاستقلال اتخذت القيادة قرارها بإلحاق الفدائيين وجيش التحرير في قوام القوات المسلحة والأمنية في الدولة الجديدة، وكان هذا هو الاتجاه الصحيح لبناء قوات مسلحة حديثة تدين بالولاء للثورة وللوطن. وعكس هذا توجه القيادة بأنه لن يوجد إلا قوات مسلحة واحدة، وقوات أمنية واحدة ولامكان لمليشيات أو قوات تتبع هذا أو ذاك.
كان (مصطفى) ورفاقه، رجالاً من طراز نادر يؤثرون الوطن على أنفسهم، وعلى كل شيء.. وكان مثالاً للطيبة والإنسانية والتواضع الحميم ونموذجاً لجيل نرجو أن يتكرر لتلهم الأجيال الحاضرة، ويكونوا إمتداداً لذلك الجيل بروح جديدة .
كانت هذه مجرد شهادة لرجل ساهم في صنع الاستقلال الوطني، وفي بناء الدولة من مكانه بدون إدعاء ولا رياء وهو يمثل كبرياء الوطن وشموخه، وأمثاله كثيرين، وقد استحق منحه اوسمة تقديراً لدوره النضالي والوطني.