عدن .. الإمارات تحول ذكرى تحرير مدينه عدن إلى كابوس مزعج ويوم أسود. (تقرير)
الجنوب اليوم | خاص
مضى الرابع عشر من يوليو الجاري دون مظاهر إحتفالية في عدن ، حتى هاني بن بريك الذي قلدته الإمارات نائباً لرئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي الموالي لها ، تناسى الذكرى ولم يشر إليها بمنشور كعادته ، ليس لأن ذلك التأريخ الذي تحول إلى يوم أسود في حياة العدنيين أصبح مكروه كحال 7/7 ، بل لأن بن بريك وعيدروس الزبيدي وآخرين ممن احتفوا بقدوم الإمارات في الرابع عشر من يوليو 2015م ، يشعرون بالوحدة بعد أن وجدت الإمارات نفسها عاجزة عن تحقيق أي انتصار حقيقي في اليمن يضاف إلى سواد صورتها بعد أربع سنوات من التدخل في جنوب اليمن .
فقبل أربع سنوات دخلت القوات الإماراتية مدينة عدن تحت ذريعة إستعادة الشرعية وتحرير عدن ، ومنذ الرابع عشر من يوليو 2015م وحتى اليوم تحولت عدن إلى مستوطنه إماراتية تدار من أبو ظبي وتحكم عسكرياً من قبل ضباط إماراتيين ، وأصبحت حكومة الشرعية مجرد رهينه لدى الجانب الإماراتي لا يسمح بعودة رئيس الشرعية ويشترط موافقته المسبقة على خروج رئيس حكومة الشرعية .
فرغم إدعاءات الإمارات إنها ستغادر اليمن، إلا أنها لاتزال تستحوذ على الملف الأمني في مدينة عدن وتتحكم بالمدينة منذ أربع سنوات، وعبر القوات الموالية لها تمارس سلطاتها الكاملة بطريقة غير مباشرة، وتمارس أبشع الإنتهاكات من البطش والنهب والتنكيل بأبناء الجنوب وتعتقل المئات من أبناء الجنوب في سجونها السرية التي تشبه معتقلات أبو غريب في العراق وغوانتنامو في كوبا .
ومنذ دخول الإمارات عدن تدهورت الخدمات العامة بمختلف أنواعها، وتصاعدت ظواهر النهب والسلب والسطو المسلح على البنوك والمصارف والأراضي وممتلكات المواطنين، وسادت ظاهرة الإغتيالات والمداهمات للمنازل وأرتفعت ظاهرة الاختطافات من الشوارع والإخفاء القسري للمدنيين، ولاتزال علامات الترهيب وممارساتها حتى اليوم سارية ,
أربع سنوات من إجتياح الإمارات مدينة عدن من قبل الإمارات وبمساعدة المقاومة الجنوبية التي توارت من عدن وأصبحت منبوذة ومطاردة من قبل الإمارات بتهم متعددة ، فتحت ذريعة محاربة الحوثيين سيطرت أبوظبي على موانئ عدن وتحكمت في مسار الملاحة فيه وتعمل على تدميره لصالح موانئ دبي ورأس علي الإماراتي ، فأبو ظبي كان هدفها في عدن الميناء ومنذ وصولها تراجعت الحركة الملاحية في الميناء وتوقف العمل في ميناء الزيت الذي تحول إلى ميناء عسكري خاص بها ، كما فرضت تفتيش دقيق على السفن الواصلة للميناء ، وفي مقابل تدمير الميناء وتدهور الخدمات من مياه وصحة وتعليم وصرف صحي وكهرباء أنشئت عدد من السجون في مدينة عدن وحولت عدن إلى سجن مفتوح لكافة أبنائه ونشرت اعداد كبيرة من المليشيات المسلحة وحولت عدن إلى مقاطعات يحكمها مسلحين موالين لها .
اليوم وبعد أربع سنوات تتحكم الإمارات بحركة ملاحة مطار عدن فتسمح لمن تريد من الرحلات الجوية وتوقف من تريد وتجبر طيران اليمنية على تغيير مسارها وقتما تريد في ظل عجز كامل من قبل حكومة الشرعية عن التدخل.
لقد تحولت ذكرى دخول القوات الإماراتية إلى مدينه عدن ذكرى إحتلال جديد لا يقل عن ذكرى إجتياح القوات البريطانية للمدينة في القرن الثامن عشر ولإيفل عن إجتياح قوات نظام صنعاء 7/7 ، ولكن ما حدث أن الإمارات استغلت الظرف الإقليمي والمحلي ورفعت رداء أخر مستعار لإحتلال المدينة ، وخلال أربع سنوات أنكشف أمرها واتضح دورها وفشلت في إخفاء مطامعها الخفية ، فسارعت تلك الدويلة التي وعدت الجنوب بالحرية والحرية ولعبت على الكثير من المفاهيم والمصطلحات في بسط نفوذها ، أرتكبت أبشع جرائم التعذيب بحق أبناء الجنوب كشفت عن وجهها الخفي ووحشيتها التي تجاوزت وحشية كل مستعمر ، فلا مكان لحقوق الانسان في قاموسها الاستعماري فأساليبها المتوحشة ضد المعتقلين تثبت أن مشروعها في الجنوب لا يقل خطورة عن المشروع الصهيوني في فلسطين ، فالإمارات التي أنشئت وزارة خاصة بالسعادة في بلادها تسعى لتعذيب الشعب الجنوبي واهانته بشتى الطرق .
فبعد أربع سنوات من تاريخ دخول الإمارات عدن لم يعد للشرعية مكانا سوى أنها كانت جسر عبور للاحتلال الإماراتي، وهو شعار يردده أبناء المحافظة بعد أن اكتشفوا أن محافظتهم تحولت إلى ساحة قتل وجماعات إرهابية وسجون سرية لأبنائها ، ورغم ذلك تتدعي الشرعية أن عدن عاصمتها المؤقتة ولكن تفيد مجموعة الأزمات الدولية أن سيطرت الإمارات على مدينة عدن إحتلال كامل الأركان من خلال هيمنتها والفصائل الموالية لها في إشارة للمجلس الانتقالي الذي يقوده الزبيدي على كل مفاصل المحافظة وترعرع التنظيمات الارهابية في حين تغيب الشرعية تماما.
فبعد اربع سنوات ايضاً سجلت الاحصائيات المحلية والدولية اغتيال العشرات من رجال الدين في عدن ،وأشارت تقارير إعلامية هروب ما يقارب أكثر من 100 رجل دين بعد أن عجزت حكومة الشرعية عن تأمينهم، وتشير أصابع الاتهام إلى تنفيذ الإمارات والقوات التابعة لها بحسب تقارير دولية ، وخلال هذه الفترة أشارت تقارير منظمات محلية في عدن إلى أن الاغتيالات طالت 1250 مواطنا وعسكريا وأكثر من إماما وخطيب مسجد في عدن، إضافة إلى اغتيال 20 إمام وخطيب جامع وأكثر من 40 عملية تفجير وعشرات العمليات للسطو المسلح على ممتلكات المواطنين، إضافة إلى عشرات الاختطافات للأطفال والنساء، وسط تساؤل أبناء عدن ما هو شكل التحرير الذي جاءت به الإمارات إلى المحافظة الأمنة؟.
كما كشفت منظمتي العفو الدولية و”هيومان رايتس ووتش” عن وجود شبكةٍ من السجون السرية تديرها الإمارات ، وحملتها المسؤولة عن إختطاف وتعذيب المئات المناهضين لسياستها وبحسب المنظمتين فإن أبناء عدن يتعرضون للتعذيب والتعليق في السقف والكثير منهم يتعرضون للاعتداء الجنسي في حين تراقب حكومة الشرعية قليلة الحيلة دون أن تتدخل.
وفي تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، فقد اكدت عن وجود 5 سجون سرية إستنسختها الإمارات لتكون شبيهة بسجن أبو غريب في العراق الذي أنشائها واشنطن، مشيرة إلى ضباط إماراتيون ووكلاؤهم يقومون بتعذيب واغتصاب المئات من أبناء مدينة عدن.
عدن بعد اربع من سنوات من التحرير المزعوم تعد مدينة منكوبة تديرها العصابات ومليشيات الموت ، وتتحكم بمصائر أبنائها دويلة الفرق بين وجودها وتاريخ عدن كالفرق بين الثرى والثريا .