كان بإمكان الإمارات…
الجنوب اليوم | عادل الأحمدي
بالإعلان عن مغادرة القوات الإماراتية مدينة عدن، يبدو أن صفحة تدخلها العسكري المباشر في اليمن، بما رافقه من تهور وأطماع وسجون سرية واغتيالات وانقلابات، تتجه نحو مصيرها المحتوم منذ اليوم الأول، وهو الهزيمة والانكسار. الإمارات دولة خليجية ثرية، يقول حكامها من أسرة آل نهيان إن أصولهم تعود إلى محافظة مأرب اليمنية. هذه الدولة، التي يقارب عدد سكانها مليوني مواطن، تدخلت عسكرياً في بلد 30 مليون يمني، طحنت بلادهم الأزمات والمليشيات متعددة الخلفيات. وإلى ما قبل سنوات، كان عدد غير قليل من اليمنيين، لا يزالون ينظرون إلى الإمارات، بوصفها دولة يمكن أن تؤدي دوراً مسانداً لليمن للخروج من محنته، على الرغم من تجارب الأطماع الخاصة بها في الموانئ اليمنية، من خلال النفوذ السابق عبر شركة “موانئ دبي”، وغير ذلك مما عُرف عن سياساتها الخارجية. ومع مشاركتها في الحرب الدائرة في اليمن، قدمت الإمارات قتلى من جنودها وضباطها ما لم تقدم في أي معركة أخرى تقريباً منذ عقود، نتيجة للحجم العسكري الإماراتي على الأرض، جنوباً وفي العديد من المناطق. هذا الوجود، كانت أبرز تجلياته في حادثة القصف الصاروخي بمحافظة مأرب في سبتمبر/أيلول 2015، والذي راح فيه أكثر من 50 إماراتياً.
كان بإمكان المسؤولين الإماراتيين أن يتركوا أثراً طيباً، من خلال الفرصة التي أتاحتها الظروف لبلادهم بأداء دور عسكري في اليمن، من خلال دعم استقرار البلاد وأمنها ووحدة أراضيها. بعد أكثر من أربع سنوات، من النفوذ الإماراتي، بل وتصدر أبوظبي القرار الأول في عدن ومحيطها، حدث أبعد مما كان يطرأ على بال أكثر اليمنيين تشاؤماً من هذا الدور، إذ تحول تدخلها إلى ملف أسود، مما لا مجال لذكره أو التذكير به هنا، خصوصاً في ظل أجواء الاتفاق المزمع توقيعه لإنهاء الأزمة التي خلقتها أبوظبي في عدن، وليس أقل دليل على ذلك، أن يُسبق الاتفاق بالإعلان عن نقل قيادة التحالف في المدينة إلى السعودية.
بصورة إجمالية، يمكن القول إن الإمارات وهي تغادر عدن، تدرك أن وجودها بات مرفوضاً يمنياً، وأنها فوتت فرصة تاريخية بالنسبة إليها في “العاصمة المؤقتة” كما تصفها الحكومة الشرعية على الأقل. وما كان على الإماراتيين الاعتقاد أن الوضع الذي يعيشه اليمن، سيجعل من السهولة لأي طرف خارجي، أن يعبث بقضاياه المصيرية كما يشاء .
نشر أيضا في العربي الجديد