هل تكون المهرة صاحبة الطلقة الأولى ضد الوجود العسكري الأجنبي
الجنوب اليوم | خاص
على قاعدة فرّق تسد، بنت السعودية خطتها لاحتلال محافظة المهرة وفرض وجودها العسكري وتمرير مشاريعها بالقوة العسكرية، وهذا ما يتضح شيئاً فشيئاً وما أثبتته مؤخراً الأحداث التي شهدتها مدينة الغيضة أمس السبت.
ففي الوقت الذي كانت فيه التوقعات تشير إلى عدم إمكانية إقامة ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي أي تظاهرة مؤيدة للوجود العسكري السعودي وللمطالبة بتنفيذ قرار الإدارة الذاتي، إلا أن السعودية تدخلت في اللحظات الأخيرة وأوعزت للموالين لها من بعض المسؤولين عسكريين ومدنيين في السلطة المحلية من جهة وإلى بعض زعماء القبائل من جهة أخرى إلى عقد اجتماع لبحث تأجيل المظاهرة التي حكمت القبائل المناهضة للتحالف عليها بالفشل مقدماً، غير أن السعودية اقترحت عدم تأجيل المظاهرة وأقرت نقلها لمكان آخر مع تكليف المشائخ الموالين لها ومسؤولي السلطة المحلية الموالين لها أيضاً بحماية المتظاهرين والحرص على عدم إحداث أي احتكاك مع المناهضين لها.
بضع مئات من الموالين للانتقالي تواجدوا في الساحة الأخرى التي حددها اجتماع الموالين للرياض في الغيضة فيما ظلت المجاميع التي جلبها الانتقالي من عدن وشبوة والمكلا محاصرة وممنوعة من دخول الغيضة من قبل النقاط التي أقامتها القبائل على مداخل المدينة لمنع دخول عناصر الانتقالي.
وفي التظاهرة الرمزية اتهمت عناصر الانتقالي قطر وتركيا بدعم قبائل المهرة المناهضة للوجود العسكري السعودي زاعمة أنها تريد تنفيذ أجندة في المحافظة لصالح الدولتين، كما أيد المتظاهرون قرار الإدارة الذاتية وأعلنوا تفويضهم لوفد الانتقالي المفاوض في الرياض، كما أيدوا الوجود العسكري السعودي في المهرة وشكروا الرياض أكثر من مرة في الكلمات التي ألقيت والبيان الختامي للتظاهرة.
رغم عددهم القليل إلا أن مظاهرة الانتقالي بالمهرة تكشف بداية تشكل نواة الانقسام المجتمعي في المحافظة الحدودية مع عُمان وهو ما أرادت تحقيقه السعودية كخطوة أولى لمخططها طويل الأمد
اللافت أن بن الشيخ عبدالله بن عيسى ال عفرار والذي تم عزله من قيادة مجلس آل عفرار، شارك في التظاهرة التابعة للانتقالي ووصل إلى ساحة الاحتشاد بموكب كبير، الأمر الذي يراه مراقبون إنه بداية تشكل نواة الانقسام المجتمعي داخل المحافظة المحاددة لسلطنة عُمان، والتي تمثل أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة للسعودية.
يرى المراقبون إن بداية تشكل الانقسام المجتمعي هو ما تسعى الرياض لتغذيته على المدى الطويل كون ذلك سيتيح لها التفرغ لتنفيذ مشروعها المتمثل بمد أنبوب النفط عبر البحر العربي وإنشاء ميناء تصدير لنقل نفطها للعالم بعيداً عن مضيق هرمز الذي تراه الرياض ورقة تهديد لها بيد إيران في حال اشتعل الصراع بين الطرفين عسكرياً.
من المحتمل جداً أن تكون المهرة وقبائلها صاحبة الطلقة الأولى في المواجهة العسكرية المباشرة ضد الوجود العسكري الأجنبي في المحافظات الجنوبية بكاملها فتكون بذلك صاحبة الشرارة الأولى لتحرير المحافظات الجنوبية من الاحتلال الخارجي
ووفق المراقبين فإنه بدى من الواضح أن الرياض هي من تقف خلف الانتقالي في المهرة، وهذا ما سبق وأكد عليه الجنوب اليوم في تقارير سابقة، حيث تستخدم الرياض المجلس الانتقالي في المهرة لتمرير مصالحها بينما تستخدم في محافظات أخرى مليشيات حزب الإصلاح المنضوية تحت غطاء قوات هادي، وعلى غرار السياسة التي تتبعها الرياض في المحافظات الجنوبية الغربية يبدو أنها ستعمل على نفس السياسة في المهرة حيث من المتوقع أن تعمل الرياض على إحداث حالة من الصراع المستمر في المهرة بين الانتقالي والقبائل المناهضة للوجود العسكري السعودي، ومثلما لم تسمح لأي طرف سواء الإصلاح أو الانتقالي بهزيمة الآخر في أبين ولحج وحتى عدن، وتعمل على إبقاء حالة الصراع قائمة، فستفعل الرياض الشيء ذاته في المهرة أطول فترة ممكنة.
غير أن مراقبين يرون أن الوضع قد يكون مختلفاً بعض الشيء في المهرة وذلك لكون القبائل لا تخضع للرياض كما هو الحال مع الإصلاح والانتقالي، وهو ما يعني أن الرياض ستكون متحكمة بطرف واحد في الصراع بالمهرة، وذلك يعزز من إمكانية أن تكون المهرة وقبائلها صاحبة الطلقة الأولى في المواجهة العسكرية المباشرة ضد الوجود العسكري السعودي والإماراتي في المحافظات الجنوبية بكاملها، ولعل ما يؤكد هذا الاعتقاد هو إدراك أبناء المهرة بأن الطريقة الوحيدة لإنقاذ محافظتهم من الاحتلال السعودي هو المواجهة العسكرية المباشرة واستغلال الزخم الشعبي الهائل المؤيد للمناهضين للوجود العسكري الأجنبي، غير أن هذا الزخم قد لا يستمر طويلاً إذا تراخت القوى المناهضة للاحتلال، وإذا حدث واتخذت قبائل المهرة هذا القرار الجريء فإنها تكون بذلك صاحبة الشرارة الأولى لتحرير المحافظات الجنوبية من الاحتلال الخارجي.