اتفاق الرياض يعيد التوتر بين الانتقالي والإصلاح في الجنوب
الجنوب اليوم | خاص
منذ اللحظة الأولى لإعلان بنود اتفاق الرياض الأخير الذي تم بين الرياض وأبوظبي، كان من اللافت أن الاتفاق لن يحقق سوى شيئاً واحداً فقط وهو تحويل الانتقالي من سلطة انقلاب إلى سلطة شرعية.
وحسب مراقبين فإن ذلك سيترتب عليه شرعنة كل ما يتخذه الانتقالي من إجراءات، بما في ذلك شرعنة ما سيرفض الانتقالي التراجع عنه مثل عدم سحب قواته من عدن وتسليم السلاح.
ولعل من المتوقع أن يعود الصراع من جديد بشكل أقوى بين مليشيا الانتقالي الموالي للإمارات ومليشيا الإصلاح، غير أن الوضع سينعكس هذه المرة بحيث يكون الطرف الغير شرعي في هذه المواجهات هو الإصلاح الذي بدأ يواجه حملة لاستهدافه من قبل تحالف الحرب على اليمن بتهمة التآمر على التحالف والرئيس هادي وبدعم من تركيا بشكل مباشر عسكرياً ومادياً.
عودة المواجهات بين الانتقالي والإصلاح في أبين هي أحد مؤشرات فشل اتفاق الرياض، ووفقاً لمصادر محلية فإن عودة المواجهات في أبين تتزامن مع تحشيد الإصلاح عبر وزير الداخلية بحكومة هادي أحمد الميسري الذي يحشد في شقرة بقوات ومسلحين يجري استقدامهم من شبوة تمهيداً – فيما يبدو – لاقتحام زنجبار.
وليس من الواضح أن الأوضاع تتجه نحو التهدئة، بل على العكس من ذلك، يرى مراقبون ما قام به الشيخ وليد الفضلي الذي يعد أحد أذرع علي محسن الأحمر نائب الرئيس هادي، من حشد قبلي كبير في أبين، يعد تلويحاً من قبل التيار المناهض للانتقالي بأن لديهم المزيد من أوراق القوة التي يمكن استخدامها ضد أدوات أبوظبي.
على المستوى السياسي والمتمثل بتشكيل حكومة وتعيين محافظين، فإن أبرز مؤشرات فشل التوصل إلى نتيجة نهائية في هذا الجانب من الاتفاق هو ظهور الخلافات والتنافس على بعض الحقائب الوزارية السيادية منها الدفاع التي ينافس الإصلاح عليها بقوة للاحتفاظ بها لما تمثله من الوزارة من مصدر إيرادي يدر عليها ملايين الدولارات وذلك بالنظر لعدد الأسماء الوهمية المدرجة ضمن كشوفات قوات “الشرعية”.
كما أن بعض المحافظات التي تمثل أهمية بالغة للإصلاح سيشكل فقدانها بالنسبة للحزب ضربة قوية خاصة لبعض الشخصيات التي استطاعت تشكيل شبكة من المصالح الاقتصادية في هذه المحافظات والتي من أبرزها محافظة شبوة النفطية التي يستحوذ الإصلاح على حصة كبيرة من مواردها من خلال الشركات الوسيطة العاملة بمجال الخدمات النفطية التي يملكها علي محسن ومقربيه.
ويرى مراقبون أن الوضع سيبقى على حاله، حيث سيبقى معين عبد الملك رئيساً لحكومة لن يتم تشكيلها في الوقت القريب والاكتفاء بحكومة تصريف الأعمال القائمة حالياً، رغم عدم وجودها على الأرض، كما ستبقى مسألة تغيير بقية محافظي المحافظات الجنوبية مسألة جدال قد تطول لأكبر فترة ممكنة.
وبينما انتزع الانتقالي صفة الشرعية في سيطرته على الأرض في عدن وسقطرى إلا أن هذه السيطرة ستبقى شكلية خاصة في عدن، إلا في حالة واحدة وهي أن يتجرأ الانتقالي ويقف بوجه الرياض ويرفض سحب قواته من عدن التي تمثل بالنسبة له عاصمته السياسية.
وفق المراقبين أيضاً فإن الانتقالي انتزع مكسباً آخر باتفاق الرياض الأخير وهو شرعنة قواته المنتشرة في باقي المحافظات الجنوبية ومنها قواته في أبين التي تقاتل الإصلاح وقواته في شبوة التي أنشأها باسم “النخبة الشبوانية” والتي سبق وأخرجها بالقوة محافظ المحافظة المحسوب على الإصلاح محمد بن عديو، بالإضافة لمنح قواته بحضرموت “النخبة الحضرمية” شرعية السيطرة لكونها أصبحت بموجب الاتفاق جزءاً من قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة الرسمية.
ومن خلال قراءة وتتبع مجريات الأحداث التي شهدتها المحافظات الجنوبية خلال السنوات الماضية فإن من المتوقع أن تعمل الرياض على تناغم الخلاف بين الإصلاح والانتقالي واللعب على إيقاعاته بما يمكنها من تمديده أطول فترة ممكنة ريثما تحقق مصالحها التي من أجلها صاغت اتفاق الرياض الأخير بهذه الطريقة، كما أنه من غير المستبعد أن تشعل الرياض جبهة جنوبية ضد الحوثيين لحرف أنظار الرأي العام الجنوبي عن صراع أدوات الرياض أبوظبي على باقي بنود الاتفاق.