بالوثائق.. تحقيق يكشف تورط حميد الأحمر في غسيل الأموال وامتلاك 200 شركة
الجنوب اليوم – متابعات
تحقيق: محمد الكوماني
-زعيم قبلي وزعيم سياسي وزعيم اقتصادي، ألقاب تختصر حصاد المشوار القصير لحميد الأحمر. هذا الرجل الذي ظل حتى اندلاع الحرب الأهلية الأخيرة لاعباً على المتناقضات وحاضراً في كل طبخة سياسية أو عشائرية أو اقتصادية في اليمن. لكن اليوم، تكتمل دائرة علاقاته وشركاؤه وشركاته المخفيه والأبواب الخلفية التي تتحرك فيها أمواله بحسب ما تكشف “أوراق بنما” و “وثائق السويس ليكس” التي حصل عليها معد التحقيق من الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ICIJ وصحيفة SZ الألمانية ( سوددوينشه تسايتونغ) من خلال شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج).
الاوراق هذه تفسر ايضا قضايا التهرب الضريبي التي ظلت تلاحقه حتى مغادرته البلاد مع اندلاع الحرب الأخيرة. كما سنكتشف كيفيه عمله ضمن موسوعة تضارب المصالح بين مناصبه السياسية وشركاؤه وأعماله التجارية.
الإدلاء ببيانات كاذبة
ارتبط اسم “سبأفون” بالشيخ حميد بن عبدالله الأحمر، رئيس مجلس إدارتها ومالك الحصة الأكبر فيها، صاحب النفوذ السياسي والقبلي في اليمن. لكن تلك المكانة التي يحتلها حميد لم تشفع له أمام السلطات اليمنية التي تتهمه باستغلال نفوذه القبلي والسياسي في تمرير صفقاته التجارية والتهرب من دفع التزاماته الضريبية خاصة في قضية سبأفون. وبغض النظر عن تلك الاتهامات أو نفيها من قبل الشركة وتبرير تلك القضايا نتيجة لمواقف حميد الأحمر السياسية من النظام السابق ودعمه للثورة الشبابية في فبراير 2011، إلا أننا خلال هذا التحقيق سنظهر بالوثائق ارتباط الشركة بالملاذات الضريبية الآمنة والتي قد تكون استخدمت في عمليات التهرب الضريبي وإخفاء أموال عن شركاء آخرين في الشركة.
تتهم السلطات الحكومية اليمنية شركة سبأفون بالتهرب الضريبي في قضايا متعددة بعضها لا زال مرفوعاً أمام المحاكم اليمنية، منها ما تطالب به نيابة الأموال العامة المختصة بمكافحة الفساد شركة سبأفون بدفع مبلغ 39 ملياراً ونصف المليار ريال (158 مليون دولار) كتهرب ضريبي عن الفترة 2007-2011.
وكانت الهيئة العليا لمكافحة الفساد قد أصدرت تقريراً اتهمت فيه شركة سبأفون بالفساد والتهرب الضريبي من خلال حصولها على تمديد الإعفاء دون مسوغ قانوني صحيح، مما سيؤدي إلى حرمان الخزينة العامة مبالغ إيراديه ضخمة تقدر بملايين الدولارات.
ووصفت الهيئة التمديد بـ”جريمة فساد” و (تهرب ضريبي) طبقاً لأحكام المادة(30/7 )من قانون مكافحة الفساد رقم ( 39 ) لسنة 2006 والمادة (90) من قانون ضريبة الدخل رقم ( 12) لسنة 1999. وأحالت القضية إلى النائب العام لاستكمال إجراءات رفع الدعوى الجزائية ضد الشركة بتهمة التهرّب الضريبي. وعليه وجهت نيابة الأموال العامة لسبأفون تهمة الإدلاء ببيانات كاذبة للحصول على إعفاء غير قانوني إلى الهيئة العامة للاستثمار نتج عنها قضية التهرب الضريبي بمبلغ 11.158مليار ريال (.644 مليون دولار).
كما لوحظ عند مراجعة الإقرارات الضريبية المقدمة من شركات الاتصالات إلى مصلحة الضرائب في الأعوام 2011-2013 مقدار الفارق الكبير بين ما قدمته سبأفون وشركات اتصالات أخرى، فعند مقارنتها لعام واحد مع شركة إم تي إن، نجد أنه في 2013 على الرغم من تقارب عدد مشتركي “سبأفون” و “إم تي إن”، حيث كانت كل شركة تملك مايقارب الستة ملايين مشترك بحسب بيانات المركز الوطني للإحصاء، إلا أن الفارق بين ما دفعته شركة “إم تي إن” كضريبة أرباح وضريبة مرتبات عن ذلك العام أكثر من ما دفعته سبأفون بـ10 مليارات ريال (40 مليون دولار).
سبأفون وعالم الملاذات الضريبية
من الصعب أن تجد بيانات دقيقة عن شركة سبأفون وحصص المساهمين فيها. فعدم وجود نظام مالي في اليمن وغياب الشفافية في نشر بيانات الشركات للعلن، حتى على المستوى الحكومي، ساعد على إخفاء معلومات مهمة عن نشاطات وشركاء الشركات. أضف إلى ذلك غياب آلية لتحديث بيانات الشركات يجعل السلطات الحكومية اليمنية آخر من يعلم عن أي عمليات مالية في أي شركة ويحرمها من تحصيل ضرائب مستحقة، وهو ما حصل في مارس 2007 عندما باع الشيخ حميد الأحمر 20% من أسهم مجموعة الأحمر لـ”بتلكو” البحرينية التي كان إعلانها عن الصفقة في وسائل الإعلام الوسيلة الوحيدة لمعرفة السلطات الضريبية اليمنية عن تلك الصفقة، بحسب مصلحة الضرائب اليمنية التي رفعت فيما بعد دعوى ضد سبأفون لتهربها من دفع ضريبة بيع تلك الأسهم.
لكن القصة بدأت في الخامس من تموز/يوليو 2003 عندما أصدرت الهيئة العامة للاستثمار قرار رقم (87/هـ) لسنة 2003 بشأن المصادقة على تعديل بعض مواد النظام الأساسي لسبأفون. قضى هذا القرار بتعديل المادة رقم (8) الخاصة بالمساهمين في الشركة، والتي ضمت أسماء مسجلة لدى الحكومة اليمنية بعضها موجود على الموقع الإلكتروني للشركة والبعض الآخر غير منشور، حيث ذكر فقط أربعة شركاء رئيسيين هم اتحاد المقاولين العالمية CCC، بتلكو البحرينية، مجموعة الأحمر، مجموعة هائل سعيد وشركاه.
بينما حصل معد التحقيق على وثيقة تكشف الأسماء الخفية في هذه الشركة، ومنها شركة الاستثمارات الخارجية الإيرانية التي تشكل الذراع الاستثماري للحرس الثوري الإيراني، إضافة لشخصيات من المسؤولين ومشايخ القبائل المقربين من الرئيس السابق علي صالح.
والجدول التالي الذي ينشر لأول مرة، يوضح بيانات المساهمين في سبأفون المقيدة لدى الحكومة اليمنية.
م الاسم عدد الأسهم القيمة بالدولار الأمريكي ملاحظات
1 مجموعة الأحمر للتجارة والصناعة 1925000 19250000 مملوكة لحميد الأحمر
2 اتحاد المقاولين العالمية 175000 1750000 شركة عالمية تملك مشاريع في مجال النفط والمقاولات في اليمن ولديها شركة أوف شور مرتبطة بفرعها في اليمن
3 حميد عبد الله الأحمر 175000 1750000
4 مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه 350000 3500000 من أكبر البيوت التجارية اليمنية، تستحوذ على جزء كبير من سوق الصناعات الغذائية في اليمن.أحد أعضاء المجموعة يرأس لجنة الإتصالات في مجلس النواب اليمني وهي اللجنة المعنية بمتابعة كل ما يرتبط بمجال الإتصالات في اليمن ومنها مراجعة وقبول أو رفض الاقرارات الضريبية المقدمة من شركات الإتصالات إلى مصلحة الضرائب اليمنية
5 علي بن علي مقصع 350000 3500000 شيخ قبيلة سنحان، وتربطة صلة قرابة عائلية بالرئيس السابق علي عبدالله صالح
6 كهلان مجاهد أبو شوارب 70000 700000 محافظ محافظة عمران السابق، قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام ومقرب من الرئيس السابق علي عبدالله صالح
7 شركة إيران للاستثمارات الخارجية 350000 3500000 شركة إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني
8 المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص 105000 1050000 مؤسسة تابعة للبنك الإسلامي للتنمية الذي يضم في عضويته 56 دولة إسلامية منها اليمن
الاجمالي 3500000 $ 35000000
وبحسب الوثائق التي حصل عليها معد التحقيق في قرار التعديل الذي وضح أن المساهمين سددوا قيمة أسهمهم بالكامل وأودعوها في حساب الشركة في بنك سبأ الإسلامي بصنعاء وهو البنك الذي يملك حميد الأحمر النصيب الأكبر فيه. كما تم إضافة الفقرة (ب) إلى المادة (19) التي تساعد رئيس مجلس الإدارة من التملص من ضرورة موافقة المساهمين الآخرين أو حتى اعتراضهم على أي عمليات تحويل أسهمه لشركة يملكها أو شركة أخرى تملك النسبة الأكبر من رأسماله للاستفادة منها في شركات الأوف شور كما سيتضح خلال التحقيق.
بعد ثلاثة أشهر من تاريخ تعديل بيانات المساهمين في سبأفون، أي في 20 تشرين ثاني/نوفمبر 2003، سجل حميد الأحمر شركة أوف شور باسم “CINNABAR FINANCE Limited” في جزيرة تورتولا، أكبر جزر العذراء البريطانية بحضور طارق الحيدري (الرئيس التنفيذي لسبأفون) ونضال القريوتي (المدير المالي لسبأفون).