الجنوب.. الاستعمار الجديد لن يطول
الجنوب اليوم | تقرير
بعد 53 عاماً ، أعادت الشرعية برئيسها وحكومتها وذرائعها ومبرراتها الاستعمار إلى الجنوب، فبذريعة إعادتها للسلطة دخل المحتلون الجدد بدون مقاومة ودون حرب، بل استقبلوا بالورود وليس بالرصاص بعدما اوهموا المواطن البسيط ان هدفهم انقاذهم وتحسين مستوى الخدمات وضبط الأمن وتحقيق الرفاه الاجتماعي، فتحولت وعودهم إلى أحلام يقظة وانكشفت اقنعتهم ، وعملوا على تدمير البنية الأساسية وعطلوا الموانئ واحتكروا المطارات وضربوا الاقتصاد ، فاحتلوا ميناء عدن وحولوه من ميناء دولي عالمي ، إلى ميناء محلي لا تتجاوز حركة الملاحة فيه الحركة الملاحية الاي يشهدها ميناء الحديدة المحلي والذي يستقبل شحنات محلية ويعاني من الحصار والقيود المشددة على دخول السفن وتراجع قدرته الملاحية بنسبة٦٩٪ بسبب تعرضه للقضف الجوي من طيران التحالف اواخر العام ٢٠١٥م .
اما ميناء عدن الذي لا يواجه حصار ولا حرب ولا قيود مشددة من قبل التحالف ولم تتراجع قدرته وطاقته الملاحية في استقبال السفن الكبيرة تراجعت حركته إلى ادنى المستويات اصبح ميناء الزيت فيه ميناء عسكري للإمارات لصالح موانئ دبي .
وضع الميناء الذي يواجه ابشع عملية تدمير بمباركة حكومة هادي ، نموذج للاحتلال الجديد الذي احكم قبضته على الجنوب وثرواتها ومنافذها وسواحلها وحول شبابها إلى ضحايا لتنفيذ أجندته ومطامعه في البلاد .
اليوم وبعد 53 سنة من رحيل الميجر البريطاني داي مورغان قائد الكتيبة 42 كوماندوز التابعة لمشاة البحرية الملكية البريطانية من عدن، والذي كان تحررت فيه الجنوب من دنس آخر محتل بريطاني ، اصبح الجنوب يعاني من استعمار سعودي في المهرة ،وإماراتي في عدن وحضرموت وشبوة وسقطرى ولحج والضالع .
وفقاً لاتفاقيه جنيف التي عقدت بين وفدي حكومة دولة الاحتلال البريطاني والجبهة القومية كممثل للجنوب وشعبة ، وعقدت في جنيف شهر نوفمبر 67م والتي انتزع فيها وفد الجبهة القومية أعترف بسيادة الجنوب وهويته واستقلاله والتزم المحتل البريطاني بالانسحاب من كافة اراضي الجنوب والاعتراف باستقلال الجنوب ، وفي صباح يوم الاستقلال 30 نوفمبر 1967 أستقبل الشعب الجنوبي المناضل الشهيد الرئيس قحطان الشعبي والوفد العائد من جنيف بعد أن انتزع من الوفد البريطاني استقلالا كاملا على مستوى السيادتين الداخلية والخارجية، وقالت وكالات الأنباء بأن الشعب أستقبل في عدن قحطان الشعبي كبطل تاريخي، فقحطان لم يعد هذه المرة إلى مكان أخر بل عاد إلى مقر الحكم بحي التواهي الذي كان فيه مقر المندوب السامي البريطاني سابقاً ، ليعلنه مقراً لحكم الدولة الجنوبية المستقلة ، وفي مثل هذا اليوم انتخبت القيادة العامة للجبهة القومية المناضل قحطان الشعبي رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة عامين وكلفته بتشكيل الحكومة واعلان الاستقلال رسمياً.
إلا أن الاحتفال اليوم في عدن وشبوة احتفال بذكرى الاستقلال احتفاء منقوص كون تلك المحافظات قد وقعت مجدداً تحت الاحتلال الإماراتي السعودي ، فاليوم يحتفل الجنوب بذكرى استقلاله من بريطانيا في ظل احتلال سعودي اماراتي امريكي على الارض ،فالمحتل االسعودي لإماراتي ينفذ سياسة تدمير ممنهجة في ميناء عدن وفي موانئ الجنوب ، ويسيطر على منابع النفط في حضرموت وشبوة ، وفي عهده تحولت الموانئ والمطارات إلى سجون سرية وقواعد عسكرية امريكية ، وتحولت جزيرة سقطرى اليمنية إلى جزيرة محتله من قبل دولة الإمارات يمنع المواطن اليمني الدخول اليها ، وهاهي السعودية تسقط اجندتها في محافظة المهرة وتعبث بما تبقى من المحافظات بضوء اخضر من حكومة هادي وبتواطئو مفضوح منها .
أن وجود قوات استعمارية اجنبية في عدن والمهرة وسقطرة وباب المندب ، وصمة عار في جبين حكومة هادي ، وان ما حدث ويحدث في المحافظات الجنوبية من انتهاكات وجرائم واعتقالات التي مارسها ويمارسها البوليس السري للمحتل الجديد ، يضاف إلى جرائم الاختطاف والسطو والنهب والترهيب واساليب القمع المختلفة التي يتعرض لها المواطن الجنوبي من قبل دول الاحتلال والأدوات المحلية التابعة لها ستنتهي عما قريب وسيزول المحتل وستسقط كافة اجندته ومشاريعه في ظرف أيام معدودات ، كما سقط الاحتلال البريطاني بعد 129 عاماً من الاحتلال وسقطت ادواته من سلطنات ومشيخات وإمارات في الـ 30 من نوفمبر 1967م ,.
أن الاحتفال بذكرى الاستقلال الأول في الـ 30 من نوفمبر وطرد المستعمر البريطاني اليوم يحمل من الدلالات والعبر الكثير ويؤكد أن ثورة أكتوبر ونوفمبر وطنية خالصة ولم يستدعي الثوار الخارج لدعمهم والقتال إلى جانبهم وتحرير ارضهم من المحتل البريطاني ، بل قاوموا الاحتلال البريطاني بأبسط الإمكانيات وبدون دعم من أحد، وكسروا كل معادلات الطغيان، وحققوا الاستقلال الناجز، .
واليوم بعد 53 عاماً من الاستقلال تعيش المحافظات الجنوبية تحت الاستعمار الجديد.
اليوم تحل الذكرى ال53 لعيد الاستقلال في الجنوب، ومقابر الجنوب تستقبل المئات من القتلى ومستشفياتها لم تستوعب المزيد من الجرحى الجنوبيين الذين لم يقاتلوا المحتل الغاصب لأرضهم ، ولم يسيروا على نهج ثوار واحرار اكتوبر ونوفمبر ، بل قتلوا وهم رافعين علم المحتل الإماراتي في معارك الشمال ، وضحو بدمائهم من آجل استعمار وطنهم وتسليمه للمستعمر الجديد ، وليس من آجل الدفاع عن وطنهم من الغزاة والطامعين بموقعة وثرواته ومكانته واهميته ، وهنا يأتي الوعي كضرورة لرفع مستوى اليقضة للمجتمع الجنوبي وتوحيد جهودهم في اتجاه الاستقلال والتحرير من الاستعمار السعودي والاماراتي والامريكي واسقاط المشاريع والاجندة الجديدة إلى الابد . .
أن مصير الاحتلال الجديد اليوم هو ذات المصير الذي لقيه المحتل البريطاني بالأمس القريب، بل سيكون أسوأ حالاً منه ؛ وان كانت الشواهد والوقائع على الأرض تؤكد ان أهداف الغزاة والبرابره هي ذاتها لم تتغير، وإنما تغيرت الأدوات والأساليب ، فان الشعب اليمني الثائر والرافض للعبودية والاستعمار هو ذاته لم يتغير ولم يقبل أي مستعمر او غازي في وطنة ، بل اصبح اليوم أكثر وعيا وتماسكًا من أي وقت مضى ، فـ 30 من نوفمبر الذي استقلت فيه الجنوب من براثن الاحتلال البريطاني وتوحدت فيه 22 دويلة وسلطنة وإمارة في دولة مركزية واحدة ، كانت بوابة النصر والتطور والوحدة اليمنية في الـ 30 من نوفمبر 1989م ـ وستكون باذن الله يوم الانتصار للوطن اليمني ودحر الاستعمار الجديد من ارض الجنوب ,