بين واقع الجنوب اليوم وماضيه قبل تحقيق الاستقلال من الاستعمار البريطاني (تقرير)
الجنوب اليوم | تقرير
قال باحثون تاريخيون إن البعض قد يظن أن نظام السلاطين في عهد الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن كان عميلاً للاحتلال وهذا الحديث غير صحيح، حيث حاول نظام السلاطين مقاومة الاحتلال البريطاني.
وقال الباحثون في تصريحات للجنوب اليوم أن ما أعاق مقاومة السلطنات والمشيخات في الجنوب إبان الاحتلال البريطاني هو أنه لم يكن لديهم أدوات ولم يكن لديهم إرادة كاملة لمقاومة الاستعمار البريطاني.
وأضاف الباحثون إن الاستعمال البريطاني استطاع أن يدفع بالمشيخات والسلطنات في الجنوب للانخراط ضمن مشروع الاستعمار من خلال الدخول في الاتفاقيات والمعاهدات على الرغم من أن هذه الاتفاقيات لم تشمل جميع المشيخات والسلطنات إلا في مرحلة متأخرة من عهد الاستعمار البريطاني ما يعني أن القبائل الجنوبية كانت ترفض الاستعمار والخضوع للوصاية البريطانية.
وقال الباحثون إن ما يحدث اليوم في الجنوب يشبه إلى حد كبير جداً ما كان يحدث في عهد الاستعمار البريطاني من خلال تنصيب بريطانيا حاكماً آخر إلى جانب حاكم هذه السلطنة أو تلك المشيخة وهو ما جعل من السلطنات والمشيخات جنوب اليمن تتحول إلى ما يشبه الكيان المنفصل والمنعزل عن الكيان المجاور له وكأن كل كيان كان دولة مستقلة لدرجة أن عدد الكيانات جنوب اليمن بلغت 17 دولة.
واعتبر الباحثون إن ما عمل عليه التحالف السعودي الإماراتي في جنوب اليمن منذ التدخل العسكري في 2015 هو إعادة تفتيت جنوب اليمن من خلال إنشاء تشكيلات عسكرية خارج نظام الدولة التي يزعم التحالف أنه جاء لاستعادة شرعيتها ومن ذلك النخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية والأحزمة الأمنية المشكلة من مناطق معينة بناءً على أسس مناطقية وقبلية والذي كان هدفه التأسيس لحالة اقتتال واحتراب داخلي فيما بين هذه المكونات نفسها على الرغم من أنها جميعاً تتبع المجلس الانتقالي الموالي للإمارات، وهذا ما نشاهده اليوم تحديداً في عدن من خلال الصراع الخفي بين تيارات الضالع ويافع وأبين.
وبما أن اليمن تحل عليه الذكرى الثالثة والخمسين لخروج آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن 30 نوفمبر فإن من المناسب التذكير بمدى أهمية المناطق المحيطة بعدن بالنسبة للاستعمار البريطاني في الوقت الذي كانت فيه عدن تعتبر مركز القيادة والسيطرة ولم تكن تتبع أي سلطنة وكانت تحت الإدارة البريطانية المباشرة، واليوم نجد أن اتفاق الرياض الذي تسعى الرياض وأبوظبي لفرضه في الجنوب يجعل من عدن منطقة خاضعة لسيطرة التحالف السعودي بشكل مباشر وإبقاء أدوات الرياض وأبوظبي متوزعة في سيطرتها الشكلية على باقي المناطق الجنوبية.
ونجد مثلاً أن بريطانيا كانت مهتمة كثيراً بسلطنة لحج لكونها مهمة جداً بالنسبة لعدن من ناحية الحامية العسكرية، لذلك قد لا يبدو مستغرباً أن تحدث تحركات عسكرية في لحج بدأت مؤشراتها منذ نحو شهر من خلال الصراع في طور الباحة.
هل كانت السلطنات عميلة للاستعمار؟
يجيب الباحثون على هذا التساؤل بالقول إن السلطنات حاولت المقاومة في بداية الأمر لكنها لم تكن تمتلك الإرادة الحقيقية للتحرر والاستقلال بسبب تلقي زعماء السلطنات أموالاً من المندوب البريطاني السامي في عدن.
ويرى الباحثون إن فهم الآلية التي أدارت بها بريطانيا السلطنات الجنوبية يقود إلى فهم ما يسعى التحالف اليوم لتنفيذه جنوب اليمن والذي ليس له علاقة بالعناوين التي يرفعها التحالف من شرعية ومحاربة الانقلاب ومزاعم النفوذ الإيراني وما إلى ذلك، مضيفين إن بريطانيا حاولت ضم السلطنات الجنوبية إلى دول الكومونلوث، وإذا ما عدنا للحرب العالمية الأولى نجد أن البريطانيين حاولوا إجبار السلاطين على إثبات ولائهم لبريطانيا وكان اختبار إثبات الولاء هو القتال مع بريطانيا ضد أي قوات تتبع الدولة العثمانية تأتي من الشمال أو أي قوات تابعة للمملكة اليمنية المتوكلية.
يضيف الباحثون إن بريطانيا كانت نظرتها أنه لا بد من تشكيل السلطنات الجنوبية إلى كيانين، الأول يسمى المحميات الشرقية والتي تضم حضرموت والمهرة، وكيان يسمى المحميات الغربية، مشيرين إلى أن مشروع الأقاليم الذي حاولت قوى سياسية موالية للتحالف طرحه كحل في اليمن كان يستند على المخطط البريطاني لتقسيم اليمن، ويشير الباحثون إلى أن المخطط كان يسعى لجعل المحميات الغربية تشمل 6 مشيخات وتكون لها قيادة واحدة والمحميات الشرقية لها قيادة واحدة وعدن يكون لها وضع خاص ويتم تشكيل مجلس واحد وهذا المجلس يكون برئاسة المندوب البريطاني، تماماً كما هو حاصل اليوم بقاء عسكري أجنبي في عدن بحجة الحماية والسفير السعودي لدى اليمن هو المتحكم بكل شيء بحجة ضرورة ضمان التوافق في الإدارة والقرارات بين هادي والمجلس الانتقالي.