أجندة التحالف لضرب العملة.. انصياع من الحكومة لتنفيذها ومطالبات بعودة المركزي لصنعاء (تقرير)
الجنوب اليوم | تقرير
وفقاً لما نشرته وكالة “سبأ” التابعة لحكومة هادي من الرياض، طلب رئيس الحكومة معين عبدالملك حشد الموارد الدولية بشكل عاجل لدعم برنامج الحكومة الجديدة، التي لم يتم الإعلان عنها حتى اللحظة ولا يزال تشكيلها محل خلاف تحول إلى صراع مسلح بين المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات والرئيس هادي والإصلاح المحسوبين على السعودية.
طلب رئيس الحكومة جاء في سياق لقائه اليوم الثلاثاء بالمبعوث البريطاني الخاص لمنع المجاعة والشؤون الإنسانية “نيك داير”، ولعل المستفز في الأمر أن معين قال إن أي انهيار أكثر للاقتصاد الوطني سيساهم في مضاعفة الكارثة الإنسانية القائمة في البلاد، في حين يُتهم الرجل بأنه أحد أبرز الشخصيات الفاعلة في تمرير أجندة التحالف السعودي الإماراتي الهادفة لضرب العملة الوطنية، وهو بذلك التصريح وفق مراقبين كمن “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”.
وفيما بلغ سعر الصرف في عدن وبقية المناطق التي يسيطر عليها التحالف السعودي وبشكل شكلي حكومة هادي 920 ريالاً للدولار الواحد حتى لحظة كتابة هذا التقرير مساء الثلاثاء 8 ديسمبر وهي المناطق التي فرضت فيها الشرعية عملتها الجديدة، بينما لا يزال سعر الصرف في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون محافظاً على استقراره عند 600 ريال للدولار الواحد وهي المناطق التي منعت فيها سلطة الحوثيين تداول العملة الجديدة، نقلت وكالة “سبأ” في الرياض عن معين قوله إن “ممارسات جماعة الحوثي تضاعف من كارثية الوضع الاقتصادي والإنساني الراهن وفي مقدمة ذلك حظر تداول العملة الجديدة وما نتج عنه من وقف دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها”، وكأن لسان حال حكومة هادي يقول بضرورة أن يعم الانهيار الاقتصادي جميع عموم البلاد.
مطالبة حكومة هادي دعماً مالياً دولياً لها، دفع مراقبين اقتصاديين إلى التحذير من مغبة حدوث مثل هذا الأمر، في ظل بقاء الوضع على حاله وبقاء حكومة هادي في الرياض الأمر الذي سيفتح باباً جديداً لمسؤولي الشرعية للفساد والنهب.
وفي تعليق له على تسارع انهيار سعر الصرف في مناطق سيطرة التحالف جنوب وشرق البلاد، اتهم الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي وفيق صالح، حكومة هادي بالتسبب بانهيار العملة المحلية وتجاهل آثارها الكارثية على المستويين الاقتصادي والإنساني وفشل البنك المركزي اليمني في عدن إيجاد أي معالجات.
وحذّر وفيق من المطالبة بأي دعم مالي دولي، في ظل بقاء الوضع كما هو عليه حالياً واستمرار اغتراب الشرعية خارج البلد، وهو فتح باب جديد للفساد والنهب لمسؤولي الحكومة، ولن يُغيِّر من الوضع شيئاً بالنسبة للمواطن، حسب وصف الصحفي صالح.
ومن الواضح أن حكومة هادي باتت تجاري وبشكل واضح التحالف السعودي الإماراتي في تنفيذ أجنداته الهادفة لتدمير العملة الوطنية وضربها والدفع نحو انهيار اقتصادي، فالتحالف الذي يتحكم بكل ما يدخل اليمن عبر فرضه حصاراً على الموانئ اليمنية سمح مؤخراً بدخول شحنة أخرى من العملة الجديدة المطبوعة مؤخراً بدون غطاء نقدي تقدر وفق مصادر بـ150 مليار ريال، الأمر الذي عدّه مراقبون مؤشراً خطيراً يعكس أجندة التحالف لضرب العملة اليمنية في المناطق الجنوبية.
بالإضافة إلى أن السماح بدخول شحنة الأموال والذي جاء بالتزامن مع التحركات الأممية لإعادة إحياء المفاوضات في الجانب الاقتصادي بين صنعاء وعدن يشير إلى أن التحالف كان متعمداً اختيار ذلك التوقيت بهدف قطع الطريق على مساعي مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والهادفة إلى إنهاء الانقسام المالي بين مركزيي صنعاء وعدن.
من الناحية العملية فإن تسارع انهيار سعر الصرف في المناطق الجنوبية يعتبر نتيجة طبيعية لعمليات نهب الثروات النفطية والإيرادات لصالح مسؤولي حكومة هادي في الرياض التي تتقاسم تلك العائدات دون أن يدخل خزينة مركزي عدن دولاراً واحداً، والمصيبة أن الحكومة تنفذ دون اعتراض توجيهات التحالف بتغطية عجزها المالي في مناطق سيطرتها بضخ كميات إضافية من العملة المطبوعة بدون غطاء تأميني يحافظ على قيمتها ما يرفع من نسبة التضخم وارتفاع الأسعار بشكل جنوني حتى وصل سعر الرغيف الخبز في مدينة تعز على سبيل المثال إلى 50 ريال، الأمر الذي يضع حكومة هادي في دائرة الاتهام بالتآمر مع التحالف على ضرب العملة وارتكابها جريمة بحق الشعب اليمني وخصوصاً أبناء المناطق الجنوبية.
ووفقاً لمعلومات حصل عليها الجنوب اليوم من مصادر اقتصادية مطلعة، فإن العملة المطبوعة من قبل حكومة هادي والتحالف باتت كلها خارج البنك المركزي، والأكثر من ذلك وفق تأكيدات مختصين أنها غير آمنة فنياً بعد أن تبين اكتشاف كميات كبيرة منها وقد تم تزويرها ويجري تداولها في السوق بالمناطق الجنوبية.
والنتيجة النهائية هي أننا نقف اليوم أمام حقائق جلية أبرزها أن قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن كان قراراً فاشلاً وأتبعه فشل في إدارة البنك بعدن والذي جُرد من صلاحياته عملياً وباتت بيد السفير السعودي محمد ال جابر.
أمام الوضع الكارثي الذي تعيشه المناطق الجنوبية، صعدت مؤخراً مطالبات بإعادة البنك المركزي إلى صنعاء وإبقائه جهة سيادية محايدة لا علاقة لها بالصراع السياسي كما كان عليه الحال قبل نقله إلى عدن في 2016، غير أن اللافت هو أن هذه المطالب تخرج اليوم من أفواه قيادات بحكومة هادي ذاتها وإعلاميين موالين للتحالف.
حيث دعا عضو مجلس الشورى والقيادي بحزب المؤتمر الموالي للتحالف عصام شريم، إلى إعادة البنك المركزي إلى صنعاء، وقال في تغريدة على حسابه بتويتر “لوكان اعادة ادارة البنك المركزي الى صنعاء سوف توقف تدهور العملة الوطنية وتعيد الريال الى جزء من عافيته ولو بالحد المقبول فإنني ادعوا الى عودة البنك المركزي الى صنعاء والاقرار بالعجز والفشل في ادارته عبر منظومة الشرعية الغير متسقة او متجانسة مع ذاتها حتى”.
كما غرّد الصحفي البارز، فتحي بن لزرق، بأن إعادة المركزي إلى صنعاء وإعادة إدارته السابقة واحداً من ثلاثة حلول لوقف انهيار سعر الصرف بالجنوب، هي “إما وأن يتحمل التحالف مسؤوليته ويقوم بدعم العملة طالما وهو من يسيطر على المحافظات المحررة، وإما أن يعود الرئيس والحكومة وتتحمل الشرعية مسؤوليتها، وإما أن يعاد البنك المركزي إلى صنعاء وتعود له إدارته السابقة ويتم تجنيبه الصراع”.