مصدر بنقابة مركزي عدن يكشف للجنوب اليوم أسباب نقل البنك من صنعاء وكيف انهارت العملة
الجنوب اليوم | خاص
كشف مصدر خاص في نقابة موظفي البنك المركزي في عدن عن التدمير الممنهج الذي تعرض له البنك المركزي من قبل التحالف السعودي الإماراتي بعد نقله إلى عدن في 2016.
وقال المصدر في تصريح خاص للجنوب اليوم إن التحالف السعودي الإماراتي والذي كان وراء قرار نقل البنك من صنعاء إلى عدن.
وأشار المصدر الذي رفض كشف هويته، أن التحالف حاول مع إدارة البنك المركزي في صنعاء قبل نقله أن تعمل الإدارة بناءً على توجيهات حكومة هادي، لكن إدارة البنك المركزي بصنعاء برئاسة محافظ البنك السابق محمد عوض بن همام في تلك الفترة رفضت الضغوطات السعودية وأبلغت التحالف أن البنك المركزي يعمل بشكل مستقل عن الصراع السياسي بين طرفي صنعاء والتحالف.
وكشف المصدر أن التحالف طلب من بن همام سحب بيانات البنك المركزي بصنعاء ونقل بعض المعدات والأجهزة الرئيسية وسحب النظام الإلكتروني وقاعدة البيانات الخاصة بالبنك بهدف نقله إلى عدن وأعطته وعداً بأنها ستبقيه في منصب محافظ البنك المركزي بعد نقله، إلا أن بن همام رفض الضغوطات السعودية، وحاولت إدارة البنك المركزي بصنعاء حينها مخاطبة المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة ومبعوثها بألا يتم السماح للتحالف بنقل البنك المركزي وإقحامه في الصراع السياسي، وأكدت إدارة البنك حينها أنها تعمل باستقلالية تامة وبدون أي تدخل من قبل سلطة ما كان يعرف بـ”اللجنة الثورية العليا” التابعة للحوثيين، ومن بعدها المجلس السياسي الأعلى الذي تم تشكيله فيما بعد، وأن استهداف البنك المركزي سيعقد الوضع في اليمن وسيدمر الاقتصاد اليمني شبه المنهار أساساً بسبب الحصار، وأن إقحام البنك في الصراع سيشكل ضربة للشعب اليمني وليس للأطراف المتحاربة، مضيفاً بالقول: “لكن للأسف كان قرار نقل البنك قد صدر من قبل الأمريكان أنفسهم بعد أن وصلوا إلى طريق مسدود في مفاوضاتهم مع الحوثيين في الكويت لتسليم مناطقهم للتحالف والانسحاب عسكرياً بدون سلاح إلى صعدة”، فلجأ التحالف للضغط على الحوثيين بمسألة الرواتب وكانت خطوة نقل البنك إلى عدن أبرزها.
ولفت المصدر أيضاً إلى أن ما لحق من أحداث بعد نقل البنك في عدن كان مخالفاً تماماً للأهداف التي من أجلها تم نقل البنك إلى عدن، فبدلاً من أن يتم استغلال نقل البنك من أجل التحكم بالاقتصاد اليمني وإعادة رفعه من جديد بحكم أن المناطق النفطية تحت سيطرة التحالف وبالتالي فإن إعادة تشغيل حقول النفط واستئناف البيع وتوريد العملة الصعبة للبنك المركزي بعدن كانت خطوات متاحة وضرورية جداً في تلك الفترة، بدلاً من ذلك تعرض البنك المركزي بعدن لتدمير ممنهج بدءاً بالفشل في نقل مهام البنك بالكامل وذلك بسبب عدم وجود بنية تحتية مناسبة في عدن لاستيعاب مهام وإدارات البنك، ومن ثم تخلي التحالف عن دعم المركزي بعدن بعد نقله والأكثر من ذلك أن التحالف منع توريد عائدات مبيعات النفط رغم قلتها إلى البنك المركزي بعدن وفتحت حساباً لحكومة هادي في البنك الأهلي السعودي، بل إنه تم استغلال وجود البنك في عدن لإجراء عمليات بيع وشراء للعملة الصعبة ومضاربة بالعملة لصالح تجار معينين مقربين من مسؤولي الشرعية وتم استنزاف 70% من الوديعة السعودية المقدرة باثنين مليار دولار وأضيف إليها فيما بعد 200 مليون دولار من الملك سلمان، وقد استنفدت الوديعة التي لم تدخل أساساً البنك المركزي بعدن بل كانت لدى مؤسسة النقد السعودي واقتصر عمل البنك المركزي بعدن على فتح ايداعات مستندية واستلام طلبات التجار فكان التجار يقدمون طلباتهم للحصول على العملة الصعبة ويعطون البنك المركزي بعدن عملة محلية مقابلها والبنك في عدن يصدر إيداعات مستندية، وقد حدثت هذه العملية 38 مرة، والأكثر من ذلك أن قيادات مركزي عدن تعاملت مع تجار وهميين واخرين محسوبين على النظام السابق ومنحتهم اولوية في قبول طلباتهم، وباعت لهم الدولار باقل من ١٥٠ ريال عن سعر السوق حينذاك ولم تنعكس وارداتهم على حياة الناس وتمكن التجار وبعض مسؤولي البنك من تقاسم الفارق في سعر صرف الدولار، فكان البنك يقدم الاعتماد من الوديعة لهؤلاء التجار بسعر ٤٤٠ ريال بينما كان سعر الصرف الحقيقي في السوق ٥٩٠ ريال وفارق الصرف كان يتم تقاسمه مناصفة بين قيادات بإدارة البنك وبين التجار الممنوحة لهم الاعتمادات المستندية، وهذه جريمة من جرائم مضاربات البنك المركزي في عدن بالعملة.
وكشف المصدر بنقابة مركزي عدن أن استنفاد الوديعة تم بطريقة غامضة لدرجة أن وزارة التجارة بحكومة هادي لاتعلم من هم التجار المستفيدين من الوديعة، وبمقابل ذلك لم يتم توريد أي مبالغ مالية بالعملة الصعبة للبنك المركزي، وفرض التحالف حصاراً اقتصادياً من جهة أخرى بشأن العملة الصعبة من خلال منع التحويلات المالية الآتية من خارج اليمن عبر المغتربين.
وأكد المصدر أن نقل البنك الى عدن أتبعه إجراء تعيينات إدارية لأشخاص لا علاقة لهم بالاقتصاد والمصارف والسياسات المالية ما أدى إلى إفراغ البنك المركزي من مهامه الرئيسية وانفلات الوضع مصرفياً وخروجه من التحكم المركزي، وفوق هذا كله قامت الشرعية بطباعة 2 تريليون ريال من العملة المحلية بالطبعة الجديدة وبدون تأمينها بالعملة الصعبة ما جعل منها مجرد أوراق لا تساوي قيمتها الحبر المطبوعة به، وتزامن مع هذا الإجراء قيام الشرعية عبر تجار وصرافين بسحب العملة اليمنية ذو الطبعات القديمة وكان الهدف السيطرة على التدفق المالي لمناطق سيطرة الحوثيين، لكن العملية انعكست سلباً بسبب حجم الكثافة السكانية المتواجدة في مناطق سيطرة الحوثي، فالحوثيون يسيطرون على مناطق يتواجد فيها أكثر من 70% من سكان اليمن بالإضافة إلى أن عدم سيطرة الشرعية على الوضع المالي في المناطق التي تسيطر عليها بعد نقل البنك أدى إلى فشل عملية سحب السيولة من مناطق الحوثيين.