فقاعة ارتفاع العملة المطبوعة
الجنوب اليوم | مقال
للكاتب : رشيد الحداد
هناك فرق بين كبير بين الوهم والحقيقة والتداول الحقيقي بالعملة والمضاربة الممنهجة ، ولكن ماحدث خلال الاسابيع الماضية ان العملة المطبوعة تم تسيسها بشكل مقصود ، وتم الدفع بسعر صرف العملة المحلية نحو الانهيار في المحافظات الخارجة عن سيطرة صنعاء ليصل سعر صرف الريال امام الدولار الى 950 ريال الأسبوع قبل الماضي ، أي اثناء مباحثات الأطراف الموالية لتحالف العدوان حول تشكيل حكومة جديدة ، وكان رفع سعر صرف الدولار امام الريال متعمد وله اهداف سياسية ، رغم ان ما حدث بلطجة سياسية مدانة كونها تسبب بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والاساسية ،واضرت بالسواد الأعظم من المواطنين اليمنين في المحافظات الجنوبية والشرقية ، ولكن الغاية تبرر الوسيلة كما يراها العجزة والفاشلين من ساسة هذا البلد,
خلال الأسابيع الماضية ، تابعت العوامل التي وقفت وراء ارتفاع سعر صرف الدولار فوجدت أن السوق يمر بحالة ركود تجاري حاد ، والقدرات المالية للمواطنين في وضع متدني نتيجة تراجع معدل الدخل ، وحركة الطلب على الدولار من قبل التجار ايضاً ضعيفة كون موسم الغذاء والكساء لايزال قادم واصبح على بعد شهر إلى شهر ونصف ومن المتعارف علية ان التجار يقبلون على شراء العملات من السوق المحلي المصرفي لتغطية وارداتهم ،ولم اجد سوى عوامل سياسية تقف وراء المضاربة وافتعال الازمات لتحقيق اهداف صغيرة وراء ارفع سعر صرف الدولار كما حدث خلال الربع الأخير من العام 2018م .
وبناء على عدد من العوامل تبين ان التغيير الحاد في أسعار العملات الأجنبية مقابل العملة المطبوعة كان عوامل سياسية، فقد تم استخدام نموذج البالونه او الفقاعة الاقتصادية بقصد وتم رفع سعر صرف الدولار مؤقتاً وهو ما اثار سخط شعبي عارم ومن ثم خفضه رفع سعر صرف الريال اليمني امام الدولار عقب تشكيل الحكومة، وقيام السعودية برفع الحضر على السحب من الوديعة السعودية والموافقة على العملية رقم 39 من السحب من الوديعة السابقة المقدرة بمليارين دولار، واعلانها تقديم إنشاء مشاريع بقرابة 100 مليون دولار ، بعدما عاد الدولار للارتفاع من 750 ريال إلى 775 ريال أواخر الأسبوع الماضي ، أي قبل أداء اليمين الدستورية من قبل حكومة الموالين للرياض والموالين للإمارات في السعودية ، ورغم أن تلك الحكومة لا تمتلك أي صلاحيات كونها شكلت بالمناصفة بين الامارات والسعودية وفق ماتقتضية مصالحهما الاستعمارية في المحافظات الجنوبية ولم يكلف الرئيس كما هو متعارف عليه وفق القانون اليمني معين عبدالملك بتشكيل حكومة جديدة ، بل عين السفير السعودي محمد ال جابر رئيس الحكومة معين عبدالملك ، وعين أربعة وزراء في وزارات سيادية بعدما تأكد من ولائهم للملكة ولدول تحالف العدوان ، لذلك العامل السياسي الذي راهن عليه المضاربون بالعملة لخفض سعر الصرف بعدما وقفوا وراء رفعه ضعيف جداً ولا علاقة له بالتراجع الحاد لسعر الصرف في الأسواق الجنوبية والشرقية ، كون الحكومة الجديدة التابعة للرياض وابوظبي ، فاقده للقرار السياسي والأمني والعسكري ويؤكد ذلك نص اتفاق الرياض الموقع بين الأطراف الموالية للتحالف حرفياً , يضاف إلى ان أي ارتفاع حقيقي في سعر صرف العملات المحلية يأتي نتيجة تحسن مستوى الصادرات وتراجع الواردات او حدوث توازن في الميزان التجاري واستقرار ميزان المدفوعان ، او ارتفاع معدل الاحتياطي النقدي الأجنبي للمصرف المركزي أو ارتفاع معدل تدفق الاستثمارات الأجنبية او الحصول على وديعة خارجية او ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي ، لكن ما حدث ان الريال انهار بشكل مفتعل في تلك المحافظات بالتزامن مع مرحلة تشكيل الحكومة وارتفع سعره بشكل مفتعل بعد اعلان تشكيل الحكومة وعقب أداء اليمين الدستورية خارج اليمن ، والهدف تحسين صورة حكومة المحاصصة والمناصفة والاجندة الخارجية امام الراي العام وتحسين صورة تحالف العدوان .
العوامل الاقتصادية التي تتحكم بسعر صرف العملات متعارف علية، وهي عوامل ثابته لا تتغير، والمتعارف عليه ايضاً ان المضاربات المفتعلة هي من تتحكم ايضاً بالعرض والطلب بالعملات، والبنك المركزي في عدن اعلن التعويم الكامل للعملة في يوليو 2017م ، وترك الريال اليمني تحت رحمة العرض والطلب في وضع غير مستقر وفي مناطق لا تتواجد فيها حكومة مركزية بل حكومة شكلية ، يضاف إلى أن هناك اكثر من تريليون ريال من العملة المطبوعة يتواجد خارج نطاق سيطرة القطاع المصرفي وهناك بنك اقترض 16 مليار ريال قبل شهر من الصرافين ولا يمتلك أي سياسة نقدية واضحة كما لا تمتلك حكومة هادي أي سياسة مالية واضحة وان امتلك سياسة مالية وحاولت استعادة الإيرادات فلا تملك حضور امني وعسكري ولا تسيطر على الأرض وحتى الآن تنتظر الحكومة الجديدة السماح لها بالعودة الى قصر المعاشيق وتحت حماية سعودية فهل تستطيع استعادة إيرادات النفط والغاز وتوريدها إلى البنك في عدن مثلا ، وهل يستطيع بنك عدن استعادة إيرادات ميناء المدينة إلى حساب تلك الحكومة ؟؟ ، ولذلك فاين هي العوامل السياسية التي طمأنت المستثمرين والتجار والصرافين حتى تستعيد سعر العملة في اقل من 24 ساعة اكثر من 200 ريال من قيمتها الشرائية ، فالتراجع الحاد الذي حدث خلال اليومين الماضيين في سعر العملات لم يكن حقيقاً والارتفاع الحاد الذي حدث قبل أسبوعين لم يكن حقيقياً ،
ومع كل ما حدث نتمنى للعملة الوطنية الاستقرار في كافة ارجاء اليمن كما نتمنى ان يحيد الساسة الفاشلين الاقتصاد .