التأسيس للإرهاب والتطرف في الجنوب.. الرياض تهيئ الأرضية لوجود عسكري أمريكي دائم
الجنوب اليوم | تقرير
أن تقدم السعودية بقيادة ولي عهدها محمد بن سلمان على إحداث ثورة في الحياة الاجتماعية والسياسية التي اعتمدت المنهج الوهابي السلفي المتشدد والتي ظلت تمثل هوية السعودية منذ تأسيسها قبل قرابة 70 عاماً وقت قريب، فهذا شيء جيد على الرغم من أن طريقة التغيير التي تستخدمها الرياض تشوبها العديد من التشوهات الأخلاقية التي تبدو أقرب إلى الانحلال والتفسخ الأخلاقي والإنساني والديني.
لكن أن تقوم الرياض أيضاً بإنفاق الأموال الطائلة لنشر وتكريس ما تتخلص منه في بلدها، لنشره في دولة مجاورة تفرض عليها سيطرة عسكرية، فهذا هو المقلق والخطير ويتطلب وقفة جادة لقراءة المشهد برمته وفهم ما يتم التخطيط له علّ ذلك يقود إلى الوسيلة الناجعة لمنعه وإيقاف تنفيذه من البداية.
منذ العام 2019 بدأت الرياض بتخصيص جزء كبير من أموالها التي تضخها على الحرب في اليمن، لإنشاء مراكز سلفية وهابية في المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها شكلياً حكومة هادي، رغم أن المملكة في الوقت ذاته غيرت بنسبة 360 درجة من استراتيجيتها في نظام الحكم القائم على سلطة الدين المسخر للمصالح السياسية، حيث همشت ما كان يعرف بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبمقابل ذلك فتحت مجال الانفتاح أمام فئة الشباب بصنفيه الذكور والإناث وسمحت بتعاطي الكحول وإنشاء الملاهي الليلية المختلطة والمراقص وغير ذلك مما كان محرماً على المجتمع السعودي من قبل السلطة الوهابية المتشددة والمتطرفة والتي تغيرت مؤخراً بمجيء محمد بن سلمان.
لكن ما يحدث في جنوب اليمن عكس ذلك تماماً، ملايين الريالات السعودية تنفق على بناء مراكز لنشر السلفية الوهابية في كافة المناطق الجنوبية بدئاً من المهرة ومروراً بحضرموت وشبوة وأبين ومؤخراً الضالع التي مولت السعودية عبر أحد القيادات السلفية ويدعى رشاد الشرعبي الذي جاء من خارج المحافظة وأطلق على نفسه اسم “الشيخ رشاد الضالعي” وهو شخصية غير معروفة في الضالع وظل عدة سنوات في السعودية ليشرف مؤخراً على إنشاء ما يسمى دار الحديث السلفية للعلوم الشرعية، وهو مركز سلفي يضاف إلى قائمة المراكز السلفية التي أنشأتها الرياض في بقية المحافظات الجنوبية على مدى العامين الماضيين وتدفع فيها لإنشاء جيش من السلفيين المتشبعين بعقائد الوهابية المتطرفة التي منعها بن سلمان في بلاده ليأتي لنشرها جنوب اليمن.
مصادر قبلية في الضالع حذرت من خطورة المشاريع السعودية التي تعمل على تمويلها لنشر الوهابية والسلفية في المحافظة لأسباب عدة أبرزها أن أبناء الضالع يتعصبون لأي فكر وأن الرياض بإمكانها مسخ عقول شباب الضالع اللذين بدأت بالعمل على استقطابهم للانتماء للمركز السلفي الجديد ليسهل عليها بعد ذلك تحريكهم وتوجيههم عقائدياً واستخدامهم في معارك وأعمال عنف إما على مستوى صراع جنوبي جنوبي أو على مستوى صراع جنوبي شمالي وهنا تكمن الكارثة وفق ما أفادت به المصادر القبلية.
بالإضافة إلى أن خطورة هذه المراكز تتمثل في أن القيادات السلفية الموالية للرياض وعلى رأسها يحيى الحجوري يقومون باستقطاب واستقبال المئات من السلفيين القادمين من خارج اليمن والذين ترسلهم السعودية وتأتي بهم من دول أفريقية وشرق أسيوية وتقوم بتوطينهم في هذه المراكز السلفية التي أنشأتها.
واعتبرت المصادر أن الضالع قد تكون إحدى المحافظات المستهدفة من قبل السعودية عبر غرس كيان أيديولوجي عقائدي متطرف في مجتمع قبلي لن يكون متقبلاً لأفكار وعقائد دخيلة على تاريخه وطباعه وقناعاته، وهو ما يمثل نواة لفوضى وصراعات قد تدوم لسنوات طويلة، خاصة وأن المركز الأخير ليس الوحيد في الضالع إذ سبق أن أنشأت السعودية مركز الفيوش الذي أشرف عليه يحيى الحجوري.
الواضح إذاً أن الرياض تعمل على تهيئة الأرضية في المناطق الجنوبية لانتشار الأفكار المتطرفة والإرهابية وإنشاء جيش من الإرهابيين وهو ما سيعد من وجهة نظر القوى العالمية المتربصة باليمن أو التي تتحين الفرصة لفرض سيطرتها العسكرية المباشرة أو غير المباشرة على جنوب اليمن وسيكون عنوان “مكافحة الإرهاب” هو المبرر الذي من خلاله ستفرض الولايات المتحدة الأمريكية وجوداً عسكرياً دائماً جنوب اليمن بالإضافة إلى السيطرة التامة على الجزر الهامة والمياه الإقليمية تحت هذه الذريعة.