هل أصبح الانتقالي الجنوبي خطراً حقيقياً على القضية الجنوبية؟ (تقرير)
الجنوب اليوم | تقرير
كشفت التوجهات الحقيقية للمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات والذي كشف بنفسه عن هذه التوجهات بشكل مباشر وصريح ومتسرع عن أن المجلس الانتقالي لا يمثل سوى خطراً كبيراً على القضية الجنوبية التي ناضل من أجلها أبناء الجنوب منذ العام 2007 وحتى الآن.
فالتصريحات التي أدلى بها رئيس المجلس عيدروس الزبيدي بشأن استعداد الانتقالي التطبيع مع الكيان الصهيوني وترحيبه بموجة التطبيع التي شهدتها المنطقة بين دول الخليج وإسرائيل مؤخراً، كشفت أن الانتقالي كان مجرد مجموعة من الشخصيات التي صنعتها الإمارات لتأدية مهمة ترويض الشارع اليمني الجنوبي للقبول بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وشيئاً فشيئاً القبول بوجود عسكري اسرائيلي في جنوب اليمن، وليس ما كشفه الإعلام الغربي وأكده الإعلام العبري بشأن مساعي إنشاء قاعدة عسكرية استخبارية مشتركة بين الإمارات وإسرائيل على جزيرة سقطرى إلا دليل على طبيعة المهمة التي أنشئ من أجلها المجلس الانتقالي الجنوبي، ما يعني أن موضوع القضية الجنوبية التي يزعم الانتقالي تبنيها وحملها ومصادرة الحديث باسمها لنفسه كل ذلك ليس في وارد الانتقالي الجنوبي ويتعامل مع القضية الجنوبية كموضوع هامشي ويتخذها في معظم الأحيان كشماعة فقط لتمرير تحركاته التي تأتي بتوجيهات من العاصمة الإماراتية أبوظبي.
هذا النهج الذي يسير عليه الانتقالي من وجهة نظر مراقبين سياسيين وقيادات سياسية وقبلية جنوبية يمثل أكبر خطر يتهدد القضية الجنوبية الحقة وينسف المطالب المشروعة التي بدأ بها مؤسسوا الحراك الجنوبي السلمي ضد قمع وتسلط ونهب قيادات ومكونات سياسية يمنية احتكرت الحكم لصالحها على مدى عقود وعملت على استغلال ثروات الجنوب لصالحها مستفيدة من طبيعة الصراع الذي كانت تعيشه المكونات السياسية الجنوبية في السابق خاصة داخل الحزب الاشتراكي اليمني.
ولعل التمعّن والتدقيق فيما يرد في تقارير مراكز الأبحاث والدراسات الغربية والأمريكية بشأن طبيعة السياسة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط بما في ذلك اليمن والتي بدأت تتشكل حالياً مع صعود الإدارة الجديدة برئاسة الديمقراطي جوزيف بايدن، يجد المتابع والقارئ بأن هناك توجه لدعم الحضور الإسرائيلي في جنوب اليمن، وبالطبع فإن التواجد الإسرائيلي يحتاج إلى حاضن من الداخل، وهنا تأتي مهمة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسارع أكثر من الإسرائيليين أنفسهم إلى الكشف عن نواياه وطبيعة مهمته الحقيقية.
وبهذه المعطيات التي تحكيها معلومات يعترف بها وينشرها الخصم ذاته يمكن الجزم بأن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح يشكل تهديداً خطيراً جداً على الوحدة الجنوبية وعلى القضية الجنوبية، وأمام هذا الواقع الجديد الذي يرسم المشهد في الجنوب، بات من الضروري على المكونات السياسية والقبلية الجنوبية المناضلة والحاملة للقضية الجنوبية كفاحاً وصراعاً وعملاً سياسياً دؤوباً منذ سنوات، أن تعمل على إيجاد صيغة جديدة لتحالفاتها مع بعضها البعض بما يسمح بسحب الملف الجنوبي من المجلس الانتقالي “الإماراتي” واستعادة الدور الريادي للمكونات السياسية التي قادت وأسست للحراك الجنوبي السلمي إذا أرادت تلك القوى والمكونات حماية القضية الجنوبية وعدم السماح لأي طرف أو مكون بالمتاجرة بها لصالح تحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن الجنوب والجنوبيين وقضيتهم العادلة.
ختاماً تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تنتهج مسارين في سياستها الجديدة وتعاملها مع السعودية قائدة تحالف الحرب على اليمن، أحد هذان المساران مرتبط بشكل مباشر بالوضع في جنوب اليمن.
هذا المسار يقوم على إعادة واشنطن رسم دور السعودية الإقليمي من جديد بالقدر الذي يحد من حجم هذا الدور ويقلصه لصالح توزيعه بينها وبين كلاً من الإمارات وقطر مع منح أي مكون سياسي جنوب اليمن دوراً بسيطاً يتناسب مع حجم هذا المكون، وبعد أن خسر الانتقالي حاضنته الشعبية بسبب توجهاته المكشوفة نحو التحالف مع العدو الأول للعرب وهي إسرائيل، فإن الفرصة الآن باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للقوى والمكونات التي تحظى بتأييد شعبي واسع في الجنوب لتكون هي صاحبة الدور الأكثر فاعلية وتأثيراً في المشهد السياسي جنوب اليمن كي تفرض نفسها لاعباً قوياً في المنطقة برمتها وليس في جنوب اليمن فقط وتحمل بشكل حقيقي وفعال القضية الجنوبية وتدفع نحو حلها بشكل عادل.