أيام تفصل أبين عن أكبر تصعيد عسكري بين هادي والانتقالي تزامناً مع بدء المفاوضات.. أبرز الاستعدادات
الجنوب اليوم | تقرير
كشفت طبيعة تعامل قيادة التحالف السعودي الإماراتي مع ملف الجنوب في اليمن، أن التحالف بشقيه السعودية والإمارات متفقتان على عدم السماح بالوصول بالوضع في الجنوب إلى حالة الاستقرار والإبقاء على حالة الصراع قائمة بين المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات من جهة والرئيس هادي وقواته وحزب الإصلاح من جهة ثانية.
استراتيجية التحالف في إدارة الصراع في الجنوب تقوم على إدامته وتغذيته وعدم تمكين أي طرف من هزيمة الآخر أو التحالف معه
إلى جانب هذا الصراع أيضاً حرصت كلاً من الرياض وأبوظبي المتعاقبتان على تولي السيطرة والقيادة وتبديل مناطق السيطرة فيما بينهما من سقطرى إلى المهرة إلى حضرموت إلى عدن فالساحل الغربي بين حين وآخر، حرصتا على إبقاء الوضع المعيشي لأبناء الجنوب في حالة شبه انهيار وبمجرد ما يقترب الوضع من حافة الهاوية تسارع الرياض بالتوافق مع أبوظبي إلى حقن الجنوب بمهدئات مؤقتة تمنع من هذا الانهيار الشامل والذي قد ينعكس سلباً على مشروعهما وأهدافهما جنوب اليمن كحدوث ثورة شعبية مسلحة وانتفاضة من الداخل لطرد التحالف نهائياً، وأبرز مثال على ذلك إبقاء المواطن الجنوبي يعيش بشكل يومي حالة صراع مستمر وانشغال في البحث عن الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والصرف الصحي والمرتبات وارتفاع الأسعار والانفلات الأمني، فبانشغال أبناء الجنوب بالبحث عن توفير هذه الاحتياجات ينعدم لديهم بشكل تلقائي التفكير بتحقيق طموحات استراتيجية كبيرة مثل التفكير بمطالبة التحالف بالسماح لهم ببدء تشغيل كافة المطارات في الجنوب واستلامها من سيطرة قوات التحالف وكذا البدء بالمطالبة بتشغيل كافة الموانئ الرئيسية الهامة على رأسها ميناء عدن، ومطالب أخرى كان يعتقد الجنوبيون أنهم سيحققوها بعد الاصطفاف إلى جانب التحالف السعودي الإماراتي لطرد قوات الحوثيين من المناطق الجنوبية كإعادة تفعيل البنك المركزي اليمني في عدن واستئناف تصدير النفط والغاز بشكل رسمي وتوريد الإيرادات بالعملة الصعبة إلى مركزي عدن بدلاً من البنك الأهلي السعودي وعودة كل مسؤولي حكومة “الشرعية” بما في ذلك عودة الرئيس هادي أيضاً.
تحرص كلاً من الرياض وأبوظبي على إبقاء الشارع الجنوبي منشغلاً بالبحث عن أبسط الاحتياجات الأساسية اليومية كي لا يتفرغ للبحث عمّا هو أكبر كالمطالبة باستعادة الموانئ والمطارات وتفعيل المؤسسات المالية والنفطية
كل هذه الآمال والطموحات تبخرت ولم يعد الجنوبيون يفكرون منذ بداية كل يوم وحتى نهايته إلا بتوفير قوت اليوم الثاني من الغذاء الأساسي وانتظار تلك الساعات القليلة التي لا يتجاوز أقصاها الـ(4) ساعات ليتم فيها تشغيل الكهرباء ثم تنقطع بقية اليوم، والانشغال بكيفية توفير أكبر قدر ممكن من المال لتغطية أساسيات المعيشة الأدنى مثل توفير ما أمكن من إيجار المساكن وتوفير قيمة المواصلات العامة للتنقل والتكاليف الباهضة للحصول على الخبز والذي يتطلب توفيره لأسرة مكونة من 6 أشخاص تأمين مبلغ 60 ألف ريال شهرياً بواقع ألفي ريال يومياً للخبز فقط وبالكاد يكفي.
أما على مستوى القوى المتحالفة مع كل من الرياض وأبوظبي فإن حالهما لم يعد خافياً حتى على الأطفال، إذ بات من المعروف أن لا الرياض ولا أبوظبي تريدان “لأدواتهما” – إن صح استخدام هذا المصطلح على هادي والإصلاح والانتقالي – أن يقضي أحد الطرفين على الآخر كما ليس من المسموح لهما أيضاً أن يتفقا مع بعضهما البعض، ومع كل موجة يحتدم فيها الصراع بين الطرفين تبقي كلاً من الرياض وأبوظبي على شد وإرخاء حبال السيطرة وتقييد حركة الأدوات المحلية المتصارعة وحين يتمكن أي طرف من تحقيق تقدم كبير عسكرياً يتم تعزيز الوضع العسكري للطرف الآخر مقابل تقييد وتضييق الخناق على الطرف الأول بهدف الإبقاء على حالة التوازن بينهما وبما يبقي على حالة الصراع أيضاً قائمة، وهذا ما سيكون عليه الحال في قادم الأيام بين كل من الانتقالي من جهة وهادي والإصلاح من جهة ثانية وذلك بعد دعوة السعودية للطرفين للحضور إلى الرياض لاستئناف مفاوضات إكمال تنفيذ بنود “اتفاق الرياض” الذي لم يرَ النور إلا فيما يخص تشكيل حكومة المناصفة والتي لم يدم بقاؤها في عدن سوى عدة أسابيع فقط ثم عادت من جديد لمنفاها خارج البلاد.
من المتوقع أن ينفجر الوضع العسكري بين الانتقالي وهادي في أي لحظة في أبين فالميدان العسكري سيقرر مصير ومكاسب أي طرف في طاولة مفاوضات الرياض
وكالعادة وكما جرى عليه الحال في كل جولة تفاوضية بين طرفي الرياض وأبوظبي في الجنوب (هادي والانتقالي) يجري تفعيل الأوراق العسكرية على أرض الميدان لتحسين الوضع التفاوضي على طاولة الحوار لكل منهما وهو بالضبط ما يجري ترتيبه حالياً وبوتيرة متسارة وبشكل ملحوظ ولافت خاصة تطورات الساعات القليلة الماضية في أبين.
وفي هذا الصدد علم الجنوب اليوم من مصادر موثوقة بقيام قوات هادي بحشد المزيد من عناصرها في قرن الكلاسي جنوب أبين مضيفة إلى جانب تعزيزاتها العسكرية تعزيزات من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي الذي أعاد المئات من عناصره المقاتلة سابقاً في سوريا وعادت على دفعات إلى جنوب اليمن عبر البحر ودخلت الأراضي الجنوبية عبر سواحل أبين الشرقية الخاضعة لسيطرة قوات الإصلاح.
وتفيد المعلومات الواردة أن الإصلاح وهادي حشدا خلال اليومين الماضيين قوات من اللواء 115 واللواء 103 وأن هذه التعزيزات جرى دفعها ونشرها بمعية من تم حشدهم من تنظيم القاعدة في منطقة قرن الكلاسي كما تم نشر كميات من السلاح الثقيل في وادي “مريب” القريب من قرن الكلاسي من الجهة الشمالية، وتزامنت هذه التحركات مع اجتماعين عقدته قيادات قوات هادي يومي الأحد والإثنين هذا الأسبوع في مقر اللواء 103 بمنطقة جحين، حيث حضر الاجتماعين كلاً من لوء الزامكي وأبو مشعل وسيف القفيش وعبدالله الصبيحي.
وبدوره سارع الانتقالي الذي تلقى أمس الأول الأحد دعوة من الرياض للعودة لجولة مفاوضات جديدة مع هادي يجري الترتيب لها في العاصمة السعودية، سارع إلى حشد معظم قواته المتواجدة في مدينة زنجبار ومحيطها بالإضافة لحشد وحدات ومقاتلين وعتاد عسكري من عدن، ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها الجنوب اليوم فإن حشد تعزيزات وقوات الانتقالي تم وضعها في ملعب 22 مايو شرق زنجبار عاصمة المحافظة بالإضافة لإعادة تمركز قواته ونشر المزيد من التعزيزات من الأفراد والسلاح في أطراف منطقة الشيخ سالم، ما يشير إلى أن هذه القوات تتأهل لأخذ وضعية القتال والمعارك العسكرية العنيفة قد لا تقتصر فقط على الدفاع بل سيتطلب الأمر هذه المرة الهجوم أيضاً لكون التصعيد ونتائجه سيحدد مصير جولة المفاوضات.
هذا التحرك أيضاً يتزامن مع إعادة تنظيم القاعدة تعزيز حضوره وانتشاره وتجميع عناصره في مديرية لودر وضواحيها، ومن المتوقع أن ينفذ التنظيم عمليات إرهابية تزامناً مع المواجهات العسكرية التي تتوقع مصادر الجنوب اليوم انفجارها خلال الأيام القليلة القادمة.