مصير الجنوب بيد برلمان يعمل “مع من دفع”.. تقرير بسيناريوهات المرحلة المقبلة
الجنوب اليوم | تقرير
توافق كل من حزب الإصلاح والمملكة السعودية على استخدام قيادات في الشرعية محسوبة على الإمارات لتحقيق مصالح مشتركة بين الرياض والإصلاح جنوب شرق البلاد.
فالإصلاح يبحث عن ملاذ آمن بعد توالي هزائمه العسكرية في مأرب وإصرار الحوثيين على استعادة السيطرة على مدينة مأرب بعد 7 سنوات من سيطرة التحالف السعودي الإماراتي على المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
في حين تسعى الرياض لتحقيق المزيد من المكاسب في السيطرة العسكرية على حضرموت فعوضاً عن صراعها المكشوف مع الإمارات وتحويل البلدين لجنوب اليمن ساحة حرب بينهما، تهدف الرياض لخلق أي مبرر يسمح لها بتوسيع تواجد قواتها العسكرية في حضرموت كبرى المحافظات اليمنية والجنوبية تحديداً.
برلمان “مع من دفع”
على الرغم من أن رئيس برلمان الشرعية، سلطان البركاني، يعد من أبرز القيادات المؤتمرية الموالية والمحسوبة على الإمارات، إلا أن المؤشرات الأخيرة تؤكد أن الرياض استطاعت استمالة البركاني لصالحها وسحبه من يد الإمارات المتحكمة والمسيطرة على مواقف جزء كبير من كتلة حزب المؤتمر من عسكريين وسياسيين وبرلمانيين داخل منظومة الشرعية المشتتة خارج اليمن.
اصطفاف حزب الإصلاح مع السعودية للترتيب لعقد جلسة برلمانية في مدينة سيئون بوادي حضرموت، يثبت أن الإصلاح بات مطمئناً للبركاني وتوجهاته ومواقفه التي ستنقلب رأساً على عقب من مصلحة الإمارات إلى مصلحة السعودية، فالرجل الذي يشغل منصب رئيس برلمان الشرعية يعمل مع من دفع أكثر، ويبدو أن الرياض أكرمت البركاني بشكل سخي حتى استطاعت تحويل الرجل لموظف ثانٍ يعمل جنباً إلى جنب مع معين عبدالملك المعروف مجازاً بأنه “سكرتير السفير السعودي آل جابر” المعروف هو الآخر بأنه “الحاكم الفعلي لمناطق سيطرة التحالف في اليمن وصاحب القرار الأول داخل سلطة الشرعية”.
افتتاح الأمانة العامة لبرلمان الشرعية
أقدم البركاني حال وصوله إلى مدينة سيئون في وادي حضرموت بإنشاء الأمانة العامة للبرلمان، وهذا تطور خطير ينبئ بأن الرياض ومعها الإصلاح يسعيان لتنفيذ مخططات خطيرة على حساب ومصلحة أبناء الجنوب باستغلال برلمان الشرعية، وبما أن الأخير قد يواجه انقساماً داخلياً لكون الرياض لم تتمكن من شراء كل أعضاء برلمان الشرعية من حزب المؤتمر فإن أي عقد للبرلمان في سيئون لن يكون مجدياً وبالتالي فإن الأفضل اتخاذ خطوة أحادية الجانب تتمثل بإنشاء الأمانة العامة للبرلمان والتي بدورها ستسهل قيام البركاني ونوابه باتخاذ قرارات من شأنها تمكين الإصلاح والسعودية على حد سواء من مصالحهما غير المشروعة في الجنوب.
تمثيل الجنوب
بالنسبة لأبناء المحافظات الجنوبية فإن خطورة عقد برلمان الشرعية تكمن في أن البرلمان سيسحب بساط تمثيل أبناء الجنوب تلقائياً من أي مكون جنوبي على أرض الواقع، فأي قرار قد يتخذه البرلمان أو حتى رئاسة البرلمان منفردة، سيتم اعتباره قراراً شرعياً واجب التنفيذ والتطبيق حتى وإن كان هذا القرار يأتي على حساب ومصلحة أبناء الجنوب وسيادتهم على أرضهم ومياههم.
أهداف بعيدة المدى
من خطورة السماح لعقد برلمان الشرعية في أي منطقة خاضعة لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي، إطالة الحرب في اليمن لأجل غير مسمى، فبوجود برلمان الشرعية، حتى وإن لم يصل عدد أعضائه إلى النصف، وعقده لجلسات دائمة، وإن شكلياً، يمكن بين ليلة وضحاها أن تنتقل أعلى سلطة تحمل عنوان “الشرعية” من الرئيس هادي إلى رئاسة البرلمان، وبالتالي فإن الرياض بإمكانها ومع بدء عقد جلسات البرلمان التأسيس لمنح غطاء جديد باسم “الشرعية” لتمديد الحرب في اليمن وتمديد وجود القوات العسكرية السعودية جنوب اليمن إلى أجل غير مسمى، في حين أن عدم انعقاد جلسات البرلمان في الجنوب سيبقي على حالة انحصار الشرعية فقط في شخص الرئيس هادي وبغيابه أو خروجه تتحول الشرعية للقوى التي استطاعت فرض أمر واقع فعلي على الأرض والجغرافيا وسيصبح المجتمع الدولي مجبراً على التعامل مع هذه القوى والمكونات كونها سلطة أمر واقع.
أهداف قريبة المدى
للسعودية هدف رئيسي قريب المدى وراء سعيها ودفعها لعقد جلسات لبرلمان الشرعية في حضرموت، هذا الهدف يتمثل في استخدام وجود البرلمان وأعضائه ورئاسته في حضرموت كذريعة للدفع بمزيد من ألوية وقوات الجيش السعودي لبسط السيطرة على أكبر قدر ممكن من المحافظة التي تحتوي على المئات من الحقول النفطية ولا يزال مخزونها النفطي الفعلي مخفياً.
الإصلاح واستغلال البرلمان ضد الانتقالي
المجلس الانتقالي الذي انخرط في شراكة مع نظام 7/7 عبر الانخراط في حكومة المناصفة برئاسة معين عبدالملك، لا يزال هاجساً مؤرقاً لحزب الإصلاح الذي يهدف لإضعافه قدر المستطاع وصولاً إلى القضاء عليه والانفراد من جديد بسلطة الشرعية، ولهذا فإن انعقاد البرلمان الذي لا يوجد للمجلس الانتقالي أي حضور فيه لكون معظم أعضاء البرلمان الموالين للشرعية هم إما من حزب المؤتمر أو من حزب الإصلاح، سيعتبر بمثابة ورقة ضغط سياسية وتحمل صفة “الشرعية” سيستخدمها الإصلاح في صراعه ضد الانتقالي في حال تعذر على الإصلاح مواجهته داخل حكومة المناصفة.
البركاني كارثة السياسة اليمنية وصاحب مصطلح “الحديقة الخلفية”
هناك خطر آخر يداهم الجنوب بسبب تمكين السعودية لبرلمان الشرعية برئاسة البركاني التحكم بمصير أبناء الجنوب، فالبركاني الذي صرّح على قناة “العربية الحدث” السعودية، وبكل وقاحة في يونيو الماضي بأن اليمن هي الحديقة الخلفية للسعودية، وبدا متباهياً ومتفاخراً بهذا التوصيف وراضياً بأن يكون شعب بأكمله وبحضارته الضاربة في أعماق التاريخ وبلد يحتل موقعاً استراتيجياً هاماً جداً في المنطقة كاليمن، أن يكون هذا البلد والإرث التاريخي مجرد حديقة خلفية تابعة للسعودية، هذه الشخصية المنفلتة في العمالة للخارج إذا كانت تقدم اليمن ككل كحديقة خلفية للسعودية فما هي التنازلات والصفقات التي سيقدمها البركاني للسعودية على حساب المحافظات الجنوبية والتي لا يستبعد أن يوقع البركاني بصفته رئيساً لبرلمان الشرعية تنازلاً للسعودية باسم الجنوب عن أي مساحة جغرافية أو منح الرياض ضوءاً أخضر “شرعي” لفعل ما تحلو لها داخل الجنوب ولأي مدة زمنية.