كيف استطاع الانتقالي إفشال أول ضربة سعودية ضده.. وهل سينجو مما يُحاك له اليوم؟ (تقرير)
الجنوب اليوم | تقرير
تكشف التطورات المتلاحقة جنوب اليمن أن الأزمة السياسية بين الانتقالي ومن خلفه الإمارات من جهة والسعودية من جهة مقابلة، تتصاعد بشكل سريع وأن اقتراب انفجار الوضع العسكري في الجنوب بات وشيكا، لدرجة أن واشنطن تحاول من جهتها تهدئة الموقف عبر الضغط على الإمارات لتهدئة ذراعها المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما يعني أن الرياض وعلى الرغم من أنها هي من تقود التحالف في اليمن، ورغم أنها من تمتلك النفوذ الأكبر والأقوى مقارنة مع الإمارات إلا أنها لم تتمكن حتى اللحظة من إضعاف الانتقالي أو تفكيكه، رغم ذلك لا تزال خطورة حدوث هذا الأمر قائمة حتى الآن ولا تزال المحاولات السعودية لتفكيك المجلس وشراء قياداته من عسكريين وقبليين قائمة ومساعي تشكيل تكتلات عسكرية موازية للانتقالي أيضاً بدأت تلوح في الأفق إذ تهدف الرياض من ذلك إلى سحب البساط من الإمارات في جنوب اليمن وذلك انعكاساً للأزمة السياسية بين البلدين التي بنيت على تراكمات سابقة ووصلت ذروتها بالنزاع في ملف أوبك.
فشل عقد البرلمان
بالإمكان القول إن المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات استطاع أن يكبح جماح الإصلاح الذي تراجعت وتيرته في عقد جلسة برلمانية في مدينة سيئون في وادي حضرموت.
واستغل الانتقالي نقاط ضعف الإصلاح وحكومة هادي الشرعية وفسادها المستشري ونهبها للثروات لتهييج الشارع الحضرمي وحشده لرفض انعقاد البرلمان، الأمر الذي جعل من انعقاد البرلمان في سيئون مرفوض شعبياً، واضطر سلطان البركاني رئيس البرلمان التابع للشرعية للهروب من حضرموت إلى المهرة المجاورة والتي لحقت هي الأخرى بحضرموت عبر خروج تظاهرات شعبية رافضة لتواجد البركاني في المحافظة إضافة إلى ما صدر من بيانات ومواقف لمكونات سياسية في المهرة مناهضة لبرلمان الشرعية بسبب صمته على قضايا استراتيجية سيادية جرى انتهاكها من قبل السعودية والإمارات.
ويحسب هذا النجاح في إفشال عقد البرلمان والذي دُعم ومُنح الضوء الأخضر سعودياً، للمجلس الانتقالي الجنوبي وهذا النجاح أعاد للمجلس شيئاً من هيبته المنهارة بسبب مواقفه السابقة على مستوى الساحة الجنوبية.
محاولات سعودية جديدة وبأدوات إخوانية
ولا تزال المحاولات السعودية لتفكيك المجلس الانتقالي وإضعافه قائمة حتى اليوم، عبر محاولات عدة وفي أكثر من اتجاه، ليس آخرها توجيهها لنائب الرئيس هادي، علي محسن الأحمر، لحشد القوى الجنوبية المناهضة للانتقالي ودفعها للاصطفاف في جانب واحد لمواجهة الانتقالي وقد تمثل ذلك باللقاء الذي جمع بين وزير الداخلية السابق احمد الميسري ورئيس الحراك الثوري الجنوبي والزعيم الجنوبي البارز حسن باعوم، ورغم أن باعوم والميسري شخصيتان تمثلان تيارين جنوبيين نقيضين ولا يتلاقيان فكرياً وسياسياً إلا اللقاء وجمعهما مع بعض يشير إلى أن الرياض تحاول بكل جهد وبقوة لتوحيد جبهة سياسية وشعبية جنوبية ضد المجلس الانتقالي وهو ما يمثل خطورة كبيرة على المجلس الذي أصبح اليوم يواجه تهديداً وجودياً.
فالرياض ووفق المعلومات التي وردت من أكثر من مصدر قبلي وسياسي، تهدف لتشكيل مليشيا مسلحة توازي المليشيات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وتكون موازية له وتحمل في الوقت ذاته عناوين وأهداف الجنوب وشعارات الحراك الجنوبي التي حملها الانتقالي واتخذها ممراً للوصول إلى مستوى تمثيل الجنوب، ورغم الحرب التي تعرض لها الإصلاح من قبل السعودية سابقاً إلا أن الأخيرة عادت من جديد ودعمت الحزب الذي لا يزال يحتفظ بعدد لا بأس به من أتباعه المنتمين للمحافظات الجنوبية والذين سيكونون نواة المليشيات المسلحة الجنوبية الموازية للمجلس الانتقالي والتي قد تكون في يوم ما البديل عن الانتقالي.
قطع الطريق على الرياض والإصلاح
لا يزال أمام الانتقالي خطوة مهمة لقطع الطريق على الرياض وحزب الإصلاح الهادفة لضربه في الجنوب وتفكيكه، وهي – حسب مراقبين – استغلال المجلس الانتقالي للسخط الشعبي العارم في المحافظات الجنوبية ضد ارتفاع الأسعار وانهيار العملة والفشل في معالجة الوضع الاقتصادي من قبل مسؤولي الشرعية الغير متواجدين في الجنوب.
بالإضافة لاستغلال الانتقالي للقرارات الكارثية في الجانب الاقتصادي التي اتخذتها حكومة الشرعية تحت مبررات زيادة دعم الحكومة ودخلها والتي لجأت لنهب ما في جيب المواطن المعدم عبر زيادة سعر صرف الدولار الجمركي بنسبة 100% ما يعني رفع الجمارك إلى الضعف دفعة واحدة على البضائع المستوردة والتي تمثل 90% من احتياجات اليمنيين في الشمال والجنوب، أي أن الشرعية لجأت لنهب المواطنين من جديد لتحسين دخلها الذي يصل أساساً للبنك المركزي في عدن والذي – بالمناسبة – فقد السيطرة على جزء كبير من الكتلة النقدية المتداولة وأصبح البنك مفرغاً من مهامه الرئيسية كبنك مركزي مثل أي بنك مماثل له في مختلف بلدان العالم، هذه القرارات مثلت فرصة ذهبية للانتقالي لتقويته شعبياً وجعل الشارع الجنوبي يلتف حوله ويطالبه بإعادة تفعيل الإدارة الذاتية رداً على تحركات السعودية والإصلاح ضده وانتقاماً من الإجراءات الاقتصادية العقابية التي اتخذتها شرعية هادي ومسؤوليه ضد المواطنين.
ويؤكد المراقبون أيضاً إنه يتعين على المجلس الانتقالي تنبيه قياداته السياسية والعسكرية التي تحاول الرياض استقطابهم من خلال إغرائهم بمبالغ مالية كبيرة لتقديم استقالاتهم أو لإثارة قضايا خلافية داخل تيارات الانتقالي المناطقية، على الانتقالي تنبيه هؤلاء بأن الرهان على السعودية رهان خاسر، وأن العبرة لا تزال ماثلة للعيان في حزب الإصلاح الذي راهن على الرياض لإعادته للسلطة في صنعاء وفشلت الرياض في تحقيق هذا الهدف للحزب وتحول الإصلاح من حليف وأداة للرياض إلى خصم وعدو أكثر من مرة.