السعودية تُرسي تسوية مؤقّتة في شبوة: إعادة انتشار إماراتية تسترضي «الإصلاح»
الجنوب اليوم | صحافة
تشهد محافظة شبوة، منذ أيام، عملية إعادة انتشار للقوات السعودية والإماراتية، تستهدف على ما يظهر تخفيف حالة الاحتقان في المحافظة، واسترضاء السلطات المحلية التي تصاعدت مطالباتها أخيراً برحيل الإماراتيين من منشأة بلحاف للغاز المسال، وهو ما تمّت الاستجابة له جزئياً من خلال تلك العملية.
في ما يبدو محاولةً لانتزاع فتيل التوتّر من شبوة، بعدما أنبأت تطوّرات الأسابيع الماضية باحتمال تفجّر الوضع الميداني هناك، انسحبت العشرات من المدرّعات الإماراتية، يوم الثلاثاء الماضي، من ميناء بلحاف الاستراتيجي في المحافظة، ونقلت معها المئات من أفراد ما تُسمّى «النخبة الشبوانية» الموالية لأبو ظبي، إلى معسكر العلم الواقع على تخوم مدينة عتق، مركز شبوة، وفق ما أفادت به مصادر محلّية «الأخبار»، مضيفة أن «القوات الإماراتية نقلت الخميس ثالث دفعة من المدرّعات والأسلحة الثقيلة من الميناء الذي استخدمته الإمارات كقاعدة عسكرية لأكثر من ثلاث سنوات إلى العلم، برفقة قوات سعودية». وأوضحت المصادر أن هذا الانسحاب الجزئي «يأتي تنفيذاً لتوجيهات قيادة القوات المشتركة في الرياض، والتي أقرّت سحب جزء كبير من القوات الإماراتية والمليشيات الموالية لها من الميناء، واستبدالها بقوات سعودية تتواجد في مطار عتق، مع بقاء وجود رمزي إماراتي في بلحاف إلى جانب القوات السعودية باسم القوات المشتركة». ويقرأ محافظ عدن المُعيّن من قِبَل سلطات صنعاء طارق سلام، في ذلك، «حلقة جديدة من سياسة تبادل الأدوار الخبيثة بين دول تحالف الاحتلال الإماراتي – السعودي»، عادّاً، في حديث إلى «الأخبار»، ما يجري «محاولة لاحتواء مطالب حزب الإصلاح برحيل القوات الإماراتية من بلحاف». وكانت القوات السعودية تدخّلت في شبوة الشهر الفائت، لتهدئة التوتر العسكري بين ميليشيات «الإصلاح» في محيط ميناء بلحاف الواقع على بحر العرب، والقوات الإماراتية التي تسيطر على الميناء منذ عام 2017، وذلك على خلفية مطالب تَقدّم بها محافظ المحافظة الموالي للحزب محمد بن عديو، إلى القوات الإماراتية بإخلاء الميناء بغرض إعادة تصدير الغاز المُسال منه إلى الأسواق الخارجية بما يُتيح وقف الانهيار الاقتصادي في المحافظات الخاضعة لسيطرة «الإصلاح»، وهو ما قوبل برفض إماراتي وتهديد باستخدام القوة (ومن هنا، يُفهم اتّهام الحزب لأبو ظبي بتسهيل سيطرة «أنصار الله» على أربع مديريات في شبوة).
وتأتي التطوّرات الأخيرة بعد عدّة أيام من زيارة خاطفة قام بها رئيس حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، معين عبد الملك إلى شبوة على متن طائرة عسكرية سعودية وبرفقة ضباط سعوديين. وبحسب أكثر من مصدر، فإن عبد الملك «وصل إلى مدينة عتق كوسيط بين السلطات المحلية في شبوة والإمارات»، و«أوصل رسالة من قيادة التحالف في الرياض بضرورة حلّ الخلاف، وأقنع محافظ المحافظة بالتهدئة والتنازل عن طلبه مغادرة الإمارات كلّياً من شبوة كونها جزءاً من تحالف دعم الشرعية». ووفقاً للمصادر نفسها، فإن «القوات الإماراتية استعانت بالقوات السعودية في الـ21 من آب الفائت لفكّ الحصار الذي فرضته ميليشيات حزب الإصلاح عليها في بلحاف، بعد اتهام الحزب الإماراتيين بتحويل المنشأة إلى قاعدة لتدريب المليشيات وتصدير التمرّد، لتتدخّل السعودية بتوجيه الإصلاح بالانسحاب الفوري، والتلويح بقصف عناصره في حال بقائهم في محيط بلحاف، وهو ما أجبرهم على الانسحاب والعودة إلى مدينة عتق». وتفيد المعلومات بأن القوات الإماراتية عمدت، في أعقاب ذلك، إلى إخراج المئات من عناصر «النخبة الشبوانية» من بلحاف، والذين سبق أن استدعتهم للتدريب، خصوصاً في ظلّ تأييد عدد من قبائل شبوة لمطلب تسليم الميناء للسلطات المحلية. وجاءت هذه الخطوة تطبيقاً لاتفاق أُبرم بين وسطاء يمثّلون السلطة المحلية، وقائد القوات السعودية في شبوة يوسف الشهراني، وقائد القوات الإماراتية «أبو ماجد»، أواخر آب الفائت، في منتجع شوران المحاذي لمنشأة بلحاف.
وتعكس هذه التطوّرات وما سبقها خلال الأعوام الماضية رؤية كلّ من الرياض وأبو ظبي لكيفية ضمان حصّتَيهما من المصالح النفطية والغازية في شبوة.
وتعكس هذه التطوّرات وما سبقها خلال الأعوام الماضية رؤية كلّ من الرياض وأبو ظبي لكيفية ضمان حصّتَيهما من المصالح النفطية والغازية في شبوة.
فما بين عامَي 2017 و2019، سعت الإمارات إلى منع اقتراب أيّ تشكيلات موالية للسعودية من منشأة بلحاف، وهو ما سكتت عنه الرياض، لكن عندما حاولت «النخبة الشبوانية» الاقتراب من حقول النفط، تمّت إزاحتها من قِبَل ميليشيات «الإصلاح» بدعم سعودي، بل إن قوات سعودية تدخّلت بنفسها أواخر العام 2019 للتموضع في عتق، ووضعت حوضَي السبعتين والمسيلة النفطيّين نصب عينيها، من أجل منع سيطرة أيّ طرف عليهما، علماً أن حجم الاحتياطيات المحتملة فيهما يصل إلى 9 مليارات برميل نفط. وزاد الاهتمام بهذَين الحوضَين بعد تأكيد عدد من الدراسات والمسوحات، وآخرها نهاية عام 2019، وجود احتياطيات كبيرة من النفط غير التقليدي فيها. وتفيد دراسات نفطية يمنية بأن السعودية تحرص على منع التنقيب عن النفط في حوض السبعتين، الذي سبق لشركة «أرامكو» أن أبدت رغبتها في الحصول على امتياز التنقيب فيه عام 2018.
الأخبار اللبنانية/ رسيد الحداد