الانتقالي يقلص سقف طموحه.. من دولة جنوبية إلى البحث عن مقعد بالمفاوضات السياسية
الجنوب اليوم | تقرير
تبخرت وعود وشعارات المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات التي ضج بها الشارع الجنوبي لاستعطافه وكسبه لصالحه خلال الأعوام الماضية مستخدماً اسم القضية الجنوبية واستعادة دولة الجنوب كعناوين حاول بها حشد الجنوبيين لهذا التيار الصاعد بأموال ورعاية إماراتية.
سقوط “استعادة دولة الجنوب” والاكتفاء بـ”مقعد بالمفاوضات تحت سقف الوحدة”
ومن مطالبة وشعارات الانتقالي باستعادة دولة الجنوب والمزايدة على المكونات السياسية العريقة السابقة في الجنوب باسم القضية الجنوبية، تحولت بوصلة المجلس الانتقالي التابع للإمارات إلى البحث عن موطئ قدم ومقعد في المفاوضات السياسية القادمة التي يضغط المجتمع الدولي لتسريع انعقادها قبيل تساقط المزيد من المناطق والمحافظات في يد قوات الحوثيين خاصة مع تقدم الأخيرة بشكل لافت على مدينة مأرب آخر معقل لحزب الإصلاح في المناطق الشمالية الشرقية.
بدى هذا التراجع من الانتقالي الجنوبي واضحاً من خلال ما دار في اللقاء بين المجلس ممثلاً برئيسه عيدروس الزبيدي والمبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبيرغ، حيث اكتفى الزبيدي بمحاولة إقناع المبعوث الأممي بضرورة إشراكه الانتقالي في أي مفاوضات قادمة، ما يعني أن المجلس أصبح مستسلماً لخيار بقائه مكوناً سياسياً جنوبياً ويطمح لأن يحصل على مكان في المفاوضات السياسية القادمة حتى وإن كان ذلك تحت سقف الوحدة التي يدعي عدم الاعتراف بها.
تهدئة إجبارية سعودياً وضغوط لتنفيذ اتفاق الرياض
هذا التراجع من الانتقالي الجنوبي يأتي في خضم تهدئة الصراع والتصعيد المتبادل بين الانتقالي من جهة والإصلاح وهادي من جهة ثانية، وهي التهدئة التي عملت على تثبيتها السعودية بشكل مباشر غير معلن، حيث يرى مراقبون إن هذه التهدئة السعودية المفروضة على طرفي الصراع في الجنوب تأتي كمقدمة وتمهيداً لتهيئة الأجواء بين الطرفين لعقد جولة جديدة من المفاوضات استجابة لضغوط أمريكية وبريطانية تهدف لإحراز أي تقدم في تنفيذ اتفاق الرياض المتعثر والذي ترى فيه القوى الدولية خاصة واشنطن ولندن باباً لتثبيت أي سلطة أمر واقع في الجنوب للبناء عليها في أي مفاوضات سياسية قادمة تشمل كافة الأطراف المتصارعة في اليمن ككل بما يمكن الأطراف الغربية من الاحتفاظ بمكونات حليفة لها في حال توقفت الحرب في اليمن وانتهت بانتصار صنعاء والحوثيين على خصومهم عسكرياً وبالتالي فإن الضامن لبقاء مكونات سياسية أو عسكرية أو قبلية تكون مشاركة في السلطة المقبلة التي تقول المعطيات إن الحوثيين سيشكلون فيها رقماً صعباً جداً، يكون ذلك هو الضامن الوحيد للغرب من خلال هذه القوى المشاركة في السلطة للحفاظ على مصالح القوى الدولية في اليمن، ويرى المراقبون إن ذلك يعني أن لا أفق سياسي للأطراف المتصارعة في الجنوب والمنضوية تحت غطاء التحالف السعودي الإماراتي وهو ما يهدد بقاءها قوى حية وفاعلة في الأرض سياسياً وحتى عسكرياً، غير أن ذلك لا يعني أن الطرفان المتصارعان لم يعودا يدركا ما بيدهما من أوراق يمكن اللعب عليها مؤقتاً.
تفوق للانتقالي على هادي في أوراق الضغط
أما بخصوص ما بيد كل طرف من أوراق يلعب عليها، فيرى مراقبون إن الانتقالي يملك من الأوراق ما هو أقوى مما تملكه حكومة المناصفة المسيطر عليها سعودياً، فالانتقالي يلعب إعلامياً وشعبياً على ورقة استمرار فشل رئيس حكومة المناصفة معين عبدالملك في تحسين الأوضاع العامة في عدن والمناطق الجنوبية عموماً، أما الورقة الأخرى فهي استمرار الانتقالي تجاهله لحكومة معين عبدالملك وعدم استغلال عودة معين إلى عدن للتصعيد ضده.
أما عن ورقة الإصلاح وهادي وحكومة المناصفة برئاسة معين عبدالملك فإنها باتت أضعف من ذي قبل إذ لم يعد بإمكان عبدالملك سوى تبرير فشله في تأمين الأوضاع المعيشية في الجنوب بالتذرع بالانتقالي واستمرار هيمنته على عدن عسكرياً وأمنياً، وهو ما بدى واضحاً من خلال عودة معين إلى عدن وتلميحه بضروره إرساء دعائم حكومته، وبرز ذلك واضحاً من خلال تصريحاته خلال فترة تواجده في عدن خلال الأيام القليلة الماضية ما يعني أن الرياض وعبر هادي ومعين عبدالملك يرون أن لا وجود لحكومة في عدن في ظل وجود الانتقالي.، لكن هذه الورقة ضعيفة لأنها لا تستند لأي مبررات معنوية ملموسة على عكس الانتقالي الذي يستند في تبريراته لعدم التنازل عن عدن إلى فشل الشرعية سياسياً واقتصادياً وأمنياً.