بعد عقود طويلة.. هل انتهت السعودية من استخدام الإصلاح ومحسن كأداة نفوذ وهيمنة في اليمن؟
الجنوب اليوم | تقرير
يرى سياسيون إن العلاقة العميقة التي ظلت تربط حزب الإصلاح (تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن) بالمملكة السعودية والتي لطالما استخدمتها الرياض كأداة ضغط ضد الجمهورية اليمنية منذ ثورة 26 سبتمبر وما تلاها، بأنها وصلت لأيامها الأخيرة في ظل وجود أدوات محلية قديمة تهدف الرياض لإعادة إحيائها من جديد وتمكينها من بسط سيطرتها في المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين في اليمن كقوة جديدة بديلة عن الإصلاح.
كان بالإمكان على السعودية أن تفك ارتباط الإصلاح بها منذ بداية الحرب في اليمن، غير أنها وجدت في اندفاعة الإصلاح إلى حضنها بعد مارس 2015 فرصة لاستخدام كوادر ومنتسبي الإصلاح التنظيميين كوقود لحربها في اليمن التي لولاها لما استمرت الحرب في اليمن للعام السابع، وليس ذلك فحسب بل كان لا يزال لدى الرياض أمل في أن تعيد ترتيب البيت اليمني وفقاً لمصالحها وأطماعها غير المشروعة في هذا البلد الذي تعتبره حديقتها الخلفية وبعد ذلك تستغل الرياض هيمنتها على الإصلاح وقراراته ووجوده في السلطة لتمرير اتفاقية ترسيم الحدود مع اليمن لإغلاق ملف الحدود الممتد منذ العام 1934م، غير أن تقاطع المصالح بين الرياض وأبوظبي في اليمن خلط الأوراق على السعودية وأربكها إضافة إلى فشلها عسكرياً وانكشاف حقيقة جيشها الذي لم يصمد رغم ما يملكه من عتاد حربي وامتيازات أخرى أمام بنادق قوات الحوثيين.
حالياً وصلت السعودية لقناعة وبفعل الضغوط التي مورست عليها من قبل الإمارات وتحديداً من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد على نظيره السعودي محمد بن سلمان بأن ورقة حزب الإصلاح ورغم كل ما قدمه الحزب للسعودية على مستوى اليمن أو خارج اليمن وسواءً خلال العقود الماضية أو خلال الحرب الأخيرة على اليمن، قد آن أوان التخلص منها واستبدالها بورقة جديدة، برزت بإعادة إحياء أحد أجنحة حزب المؤتمر، وتحديداً الجناح التابع للإمارات واستخدامه كورقة وأداة قديمة جديدة لها في اليمن مستغلة تعطش قيادات هذا التيار للعودة للسلطة حتى وإن كان ذلك على حساب كرامتهم وكرامة بلدهم ورغم اقتناعهم ومعرفتهم بأن السعودية والإمارات ستستخدمهم ضد بلادهم بشكل أكثر دونية وانحطاطاً وإذلالاً أكثر مما استخدمت الإصلاح.
محسن الأحمر أكثر شخصية عملت للسعودية في اليمن
لعل الخدمات التي قدمها محسن الأحمر للسعودية منذ عقود كثيرة جداً ولا مجال ومكان لذكرها حالياً في هذا التقرير، لكن ما يجب التركيز عليه هنا هو أن علي محسن ظل رجلاً طيعاً وملتزماً بكل ما يصل إليه من توجيهات سعودية، وحتى مع تصعيده من جديد للسلطة بعد الإطاحة بنظام صالح الذي كان محسن هو الرجل الثاني في هذا النظام في 2011 وإعادة تنصيبه نائباً لهادي في 2016، كان الهدف من هذا التنصيب هو استثمار المكانة التي يمثلها علي محسن قبلياً في اليمن والتي بناها الرجل مع شخصيات قيادية قبلية، إضافة لما يملكه الرجل من أسرار الترسانة العسكرية لليمن والتي أرادت السعودية أن تستغل حربها وقصفها الجوي على اليمن ليل نهار لتدميرها بذريعة استيلاء الحوثيين عليها، وفي المقابل أيضاً لم تسمح السعودية لما تسمى بـ”الشرعية” تشكيل جيش جديد حتى ولو كان موالياً لها، وظلت الرياض تستخدم ما لدى الشرعية من قوات تم تجميع أفرادها من المنتسبين لحزب الإصلاح بما فيهم العناصر التنظيمية المتطرفة والمصنفة دولياً بأنها جماعات إرهابية، وبعض القوى السياسية التي انضمت للتحالف السعودي الإماراتي واصطفت معه منذ مارس 2015 كوقود حرب حيث لم تسمح الرياض لهذه القوة العسكرية المجمعة من امتلاك سلاح جيش حقيقي كأي جيش في العالم وكانت تغتال أي قيادي عسكري يحاول تشكيل نواة حقيقية لتشكيل جيش حقيقي وعلى أسس علمية وكان معظم هؤلاء القادة يتم قتلهم باستهدافهم بالغارات الجوية ثم تنسب تلك الغارات بأنها حدثت عن طريق الخطأ من قبل التحالف السعودي.
وبالنسبة للجنرال العجوز علي محسن الأحمر فقد ظل الرجل طوال السبع السنوات الماضية هو الغطاء الذي مارست عبره الرياض وأبوظبي سياستها الممنهجة تجاه ما يسمى بجيش الشرعية.
وكما أن السعودية بدأت بطي صفحة الإخوان المسلمين في اليمن بعدة إجراءات على مستوى الشرعية، فمن المؤكد أيضاً بأن قائد الذراع العسكري للإخوان المسلمين سيطاله المصير ذاته، ولم يعد بقاء محسن في منصبه كنائب لهادي إلا ريثما يأتي موعد استبداله بنائب آخر من نفس الجناح الذي تحاول أبوظبي والرياض إعادته إلى السلطة من جديد في المناطق التي يسيطر عليها التحالف جنوب وشرق البلاد، مع منح هذه الشخصية الجديدة البديلة عن محسن صلاحيات أوسع وربما منحه صلاحيات هادي نفسه مع إبقاء الأخير في منصبه كرئيس شرفي.