المونيتور : عدن… من مدينة للتعايش إلى مرتع للتطرّف
الجنوب اليوم – متابعات
تطرق موقع «المونيتور» إلى مسألة تنامي نفوذ المتطرفين السلفيين في مدينة عدن، بعد دحر «الحوثيين» منها، من قبل قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي في يوليو من العام 2015، كاشفاً عن تزايد عمليات الاغتيال بحق ناشطين سياسيين وحقوقيين في مدينة لطالما تميزت «كنموذج فريد للتعايش والتسامح» بين الأعراق والأديان كافة. واعتبر الموقع الالكتروني أن الفشل في إرساء الأمن والنظام العام في عدن «يعكس مدى صعوبة مهمة هادي في الإيفاء بتعهداته باستعادة السيطرة على جميع المدن» من أيدي «الحوثيين»، مضيفاً أن قرار إقالة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي «زاد الأوضاع سوءاً» في المدينة التي تشهد في الأساس «ارتخاء قبضة هادي» في مقابل «المكاسب الميدانية التي يحققها المتطرفون والميليشيات المسلحة».
ومع الإشارة إلى «حرب» التنظيمات المتشددة، مثل «داعش»، و«القاعدة وسواها من الجماعات السلفية، ضد النشطاء الحقوقيين في عدن، لفت «المونيتور» إلى اغتيال الناشط السياسي أمجد عبد الرحمن في مايو الماضي على يد مسلح مجهول، بعد تهديدات بالقتل تلقاها من قبل ميليشيات سلفية، بذريعة أنه «ملحد»، وكونه منتسباً لمنتدى ثقافي علماني تأسس في العام 2016، يتناول قضايا تمس المرأة والدين بشكل يخالف النظرة المتشددة التي يدين بها السلفيون الذين قاموا باعتراض موكب جنازة عبد الرحمن، بعد مقتله بدعوى أنه «كافر لا يجوز له أن يدفن في مقابر المسلمين». عمر باطويل، ناشط يمني آخر يبلغ من العمر 17 عاماً و«معارض للتطرف الديني»، جرى اغتياله في أبريل الفائت بإطلاق النار عليه في حي المنصورة داخل مدينة عدن، بعد تلقيه تهديدات من عناصر متشددة اتهمته بـ«الإلحاد»، وهو الأسلوب عينه الذي اغتيل به الناشط الشاب محمد خير عثمان في يونيو المنصرم لدى خروجه من أحد ملاعب كرة القدم في مديرية البريقة التابعة لمحافظة عدن، على نحو يؤكد ضلوع «المتطرفين (السلفيين) في مقتلهما». أما محمد علي، وهو كاتب يمني، فقد شرح لـ«المونيتور» كيف أنه غادر اليمن إلى الهند «خوفاً من الاغتيال»، بصحبة 10 نشطاء آخرين، وذلك بعد تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة، مبدياً خشيته على مصير النشطاء المتبقين في المدينة حتى الآن.
وأفادت الناشطة الحقوقية اليمنية توكل كرمان، والحائزة على جائزة “نوبل للسلام”، من جهتها، لـ«المونيتور» بأن واقع حرية التعبير والفكر والمعتقد بات في «حالة مزرية» في عدن مع «دمج المتطرفين ضمن قوات الحزام الأمني التي تمولها وتديرها الإمارات العربية المتحدة التي تمسك بزمام الوضع الأمني في الجنوب»، مضيفة أن تلك القوات التي تشكلت في العام 2016، وتتبع وزارة داخلية حكومة هادي «تلتزم الصمت» إزاء عمليات الاغتيال، بل «ربما تكون تلك العمليات تتم بمباركتها»، علماً بأن منظمات حقوقية دولية كـ«هيومن رايتس ووتش» تتهمها بالعمل بمعزل عن الأطر الحكومية، حيث تتولى إدارة ما لا يقل عن مركزي اعتقال «غير رسميين» داخل عدن، تمارس فيهما عمليات التعذيب بحق المعتقلين.
ولا تقتصر حالة التململ من الأوضاع الأمنية المتردية في المدينة الجنوبية على العاملين في المجال الحقوقي، حيث عبر أحد الأساتذة في جامعة عدن عن استنكاره لعدم إدارج «التحالف العربي» مسألة إعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة ضمن قائمة «أولوياته»، وهو الأمر الذي «يضر بمصداقية التحالف أمام الجمهور اليمني»، على حد تعبيره. أما الناشطة في الحقل الإعلامي أمل محمد، والتي نزحت من عدن منذ أربعة أشهر برفقة زوجها وطفلها باتجاه صنعاء إثر تلقيها تهديدات «فما زالت تواظب على انتقاد التطرف، والكتابة عن حرية الفكر والمعتقد عبر مواقع التواصل الاجتماعي». ولفتت أمل محمد، التي سبق أن عملت في «مكتب الإعلام العام» في عدن، إلى أن الجهة التي هددتها هي نفسها الجهة المسؤولة عن اغتيال باطويل، وفق ما جاء في رسالة التهديد التي وردتها عبر صفحتها على «فايسبوك».
وعزا التقرير تزايد سطوة الجماعات والميليشيات المتطرفة داخل عدن وتقلص هامش الحريات فيها إلى «ضعف» حكومة هادي، وإقامة غالبية أعضائها خارج البلاد. وبحسب ما عبرت عنه نسمة منصور، وهي طالبة هندسة مدنية في جامعة عدن، فقد «أصبح القتل شائعاً» في المدينة، وتحت ذرائع ومبررات «غريبة». وتابعت حديثها للموقع بالقول إن «الناشطين يغادرون عدن، الواحد تلو الآخر»، مضيفة أن الوضع المتوتر والخطير في المدينة يفرض عليها ملازمة منزلها. وزادت أن «حرية المعتقد في عدن أصبحت من الماضي»، لأن انتقاد الجماعات الدينية «يجعلك ملحداً»، كما أن انتقاد حكومة الرئيس هادي «يجر عليك الاتهامات بالانتساب إلى حزب الإصلاح»، فيما «يقابل نقدك للحراك الجنوبي، الفصيل المسلح الساعي لانفصال جنوب اليمن، باتهامك بالانتساب إلى حزب (علي عبد الله) صالح، ومناصرته». وأضافت أن «الاتهامات الموجهة ضد النشطاء باتت جاهزة ومعدة سلفاً»، فيما «لا يتورع كل طرف عن الذهاب بعيداً في مواجهة خصومه».