سباق محموم بين المجلس الانتقالي وجناح عفاش (تقرير)
الجنوب اليوم | تقرير
بوتيرة متسارعة تتصاعد حدة الانقسام بين فصيلي الإمارات في الجنوب (جناح عفاش بالمؤتمر والمجلس الانتقالي) على الرغم من حداثة عهد زواجهما السياسي الذي فرضته عليهما الإمارات قبل أشهر والذي أثمر في النهاية بالإطاحة بالإصلاح من شبوة وتسليمها لجناح عفاش بالمؤتمر وليس للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وبدأت تظهر على أرض الواقع أحداث تترجم ما سبق وحذر منه متخصصون ومحللون سياسيون من أن المخطط الإماراتي في الجنوب يهدف لاستبدال أدواته المحلية وأن ضحية هذا المخطط هو المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرى فيه التحالف السعودي الإماراتي بأنه غير قادر على أن يكون الحليف الرئيسي للرياض وأبوظبي في جنوب اليمن مستقبلاً ولن يكون قادراً على ضمان وحماية المصالح غير المشروعة للبلدين في جنوب اليمن في حال انتهت الحرب واستلم الانتقالي السلطة في الجنوب، بالمثل أيضاً فإن فشل الانتقالي في إثبات حضوره في الجنوب سبقه فشل آخر لدى القوى السابقة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي والمتمثلة بالإصلاح ومن اصطفوا تحت غطاء “الشرعية” مع الرئيس هادي.
على هذا الأساس بدأ التحالف يتجه لتمكين تيار جديد يحاول ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد إحياءه من جديد رغم انتهائه سياسياً بعد سقوطه من السلطة في أعقاب أحداث 2011، هذا التيار الذي يقوده أبناء عفاش ومعهم مجموعة من المؤتمريين شماليين وجنوبيين من جناح عفاش من الموالين للإمارات ينتظرون أن يتم منحهم من التحالف فرصة العودة للسلطة تحت عناوين أبرزها بأنهم الطرف الثالث أو الطرف الذي لم يشترك في الحرب، غير أن جناح عفاش الذي يدفع التحالف وتحديداً الإمارات لإعادة حضوره وإبرازه في الواجهة تمهيداً لاعتماده بديلاً محلياً عن بقية القوى السابقة بما فيها الانتقالي والشرعية، لا يزال هذا البديل المحلي ليس الخيار المؤكد الذي اعتمده التحالف، وتقول مصادر سياسية بأن جناح عفاش بما لديه من مقاتلين مجمعين من أكثر من منطقة لا يزال يخضع للاختبار والتجربة من قبل التحالف، فإذا نجح هذا الطرف من فرض وجوده على الأرض في الجنوب وتمكن من إقصاء وإبعاد بقية القوى المحلية من طريقه فإنه سيكون هو الخيار البديل المعتمد للتحالف كبديل عن الانتقالي والشرعية وعن جميع القوى المحلية الأخرى.
الانتقالي الذي صفق في بادئ الأمر للتحالف السعودي الإماراتي حين دفع الأخير بطارق عفاش وقواته إلى شبوة تحت غطاء التحالف مع الانتقالي، ها هو اليوم أول من يكتوي بنار هذا التحالف بدئاً باستئثار المؤتمر في شبوة بالسلطة وإقصاء الانتقالي ومروراً بمنع أي وجود للانتقالي أو لقواته في هذه المحافظة إلا في حال كانت قوات الانتقالي موافقة على أن تكون تحت قيادة المؤتمر وليست تحت قيادة مستقلة بذاتها ومحسوبة على الانتقالي الجنوبي.
استشعار الانتقالي للخطر تصاعد مع توجه جناح عفاش في المؤتمر لتأسيس سيطرة سياسية أيضاً في شبوة إلى جانب السيطرة العسكرية، وقد تمثل ذلك بإشهار طارق عفاش للمكتب السياسي لما يسمى المقاومة المشتركة في مدينة عتق بمحافظة شبوة، وهو ما دفع بالانتقالي إلى اتخاذ خطوة تصعيدية ضد المؤتمر الموالي للإمارات في عدن عبر قيام المجلس بإغلاق فرع المؤتمر في منطقة التواهي بمدينة عدن، بالإضافة إلى شن قيادات من الانتقالي منهم عضو هيئة رسالة المجلس سالم ثابت العولقي، هجوماً واضحاً وصريحاً ضد طارق عفاش والتلويح بأنه ومن معه من قوات ممنوعون من التواجد في الجنوب باعتبار جناح عفاش من القوى الشمالية التي تسعى لتوجيه بوصلتها نحو الجنوب وليس نحو صنعاء.
في المقابل فإن الانتقالي يحاول الحفاظ على بقائه مستقبلاً عبر قطع الطريق قدر المستطاع على جناح عفاش في المؤتمر من العودة إلى الجنوب، غير أن المجلس المفكك والمنقسم على نفسه يبدو أنه أصبح مخترقاً بشكل كبير من قبل عفاش واستخباراته والسبب في ذلك تجاهل الانتقالي للتحذيرات التي أطلقها سياسيون جنوبيون من خطورة التحالف مع بقايا نظام عفاش لكونه يمثل خيانة للقضية الجنوبية التي يرفع الانتقالي يافطات تبنيها وقيادة الجنوب باسمها ثم في نهاية المطاف يتحالف مع من ناضل أبناء الجنوب ضدهم، فهل سينجو الانتقالي من الفخ الذي وضع نفسه فيه أم أن المجلس سيثبت أن القرار بهذا الشأن ليس بيده وأن قياداته كانوا مجرد “كومبارس” يؤدون دوراً مرسوماً سلفاً من قبل أبوظبي؟.
الواضح أن الإمارات لم تتخذ موقفاً محايداً من الفصائل المحلية التابعة لها المتنافسة فيما بينها، فالتحركات الأخيرة للإمارات تثبت أنها تقدم مساعدة كبيرة لجناح عفاش على الأرض كي يتمكن الأخير من إثبات وجوده، أهم مثال وأبرز حدث يشهد على ذلك هو قيام التحالف بقطع المرتبات عن نحو 7 آلاف مجند من النخبة الشبوانية من الجنوبيين الموالين للمجلس الانتقالي حيث تشترط قيادة قوات شبوة التي أصبحت اليوم بيد المؤتمر تشترط لعودة دفع مرتبات هؤلاء المجندين الانضمام والانخراط تحت قيادة طارق عفاش والمؤتمر في المحافظة والتخلي عن التبعية للمجلس الانتقالي الجنوبي.