عدن: تهديدات باسم تنظيم «الدولة» لـ«مروّجي العلمانية»
الجنوب اليوم – العربي
رسائل تهديد تسلمها نشطاء في عدن تنذرهم وتتوعدهم بالتصفية، إذا لم ينتهوا عن الترويج للأفكار العلمانية، بحسب ما هو مدون فيها. الرسائل التي تصل إلى المعنيين مكتوبة بطابعة كمبيوتر، وموسومة بتوقيع «الدولة الإسلامية – ولاية عدن».
وبحسب أحد النشطاء الذين وصلتهم إحدى تلك الرسائل، فإنه بعيد جداً عن الخوض في الأفكار العلمانية، ولم تسبق له مناقشتها مع أي من الشباب. وقال إنه حمل الأمر بجدية كبيرة، وترك منزله وغادر إلى جهة مجهولة خوفاً على حياته.
ويأتي توزيع مثل هذه الأوراق، التي تحمل تهديداً وتخييراً بين القتل وبين التوبة والعودة إلى جادة الصواب، بعد مقتل شابين بعدن برصاص مسلحين مجهولين، بتهمة «العلمنة والإلحاد»، بحسب بيان لتنظيم «الدولة الإسلامية» أعلن فيه مسؤوليته عن مقتل الشاب عمر باطويل.
ولا تزال الجهات الأمنية في عدن تنظر في قضيتي مقتل الشابين، عمر باطويل، وأمجد عبد الرحمن، الذي لقي حتفه برصاص مسلحين ملثمين في مقهى إنترنت في حي الشيخ عثمان بعدن، قبل أشهر، في حادثة لم تعلن أي جهة، حتى اليوم، مسؤوليتها عنها.
كما يأتي توزيع تلك الرسائل في وقت لا تزال فيه الأوساط الإجتماعية في عدن تتناول قضية الشاب، إسحاق غلام، والتي تندرج في السياق نفسه.
ووفقاً للناشطة الحقوقية، راوية جواس، فإن جهات، لم تسمّها، «لفّقت تهمة العلمنة» لخطيبها الشاب، إسحاق. وأشارت جواس إلى أن والدة إسحاق وشقيقيه تركوا المنزل خشية تعرضهم للتصفية من قبل جماعات متشددة.
ونشرت جواس، لمرات متتالية، بيانات على مواقع التواصل الإجتماعي، تحذر من أن حياة خطيبها باتت في خطر. وقالت في إحدى تلك التحذيرات إن «غلام فوجئ في يونيو الماضي بمذكرة استدعاء وكذا إحالة إلى التحقيق وصلت إلى منزله»، موضحة أن «الإستدعاء جاء على ذمة شكوى مرفوعة من قبل ثلاثة أشخاص، وُجّهت إلى مدير مديرية التواهي بعدن، وهي المديرية التي يقطن فيها إسحاق».
ولفتت إلى أن إسحاق اتهم في الشكوى بـ«اعتناق الديانة العلمانية»، رغم أن «العلمانية ليست ديناً»، معتبرة أن «التهمة هدفها تحريض ذوي الفكر المتطرّف على قتل إسحاق، كونه يخالف عقيدتهم».
وأضافت أنه «حدث ما كان متوقعاً، حيث تم نشر ورقة الإستدعاء، والتي كانت تحمل ختم مأمور مديرية التواهي، عبد الحميد ناصر الشعيبي، وعرضها على بعض أئمة المساجد».
وتابعت أنه «خلال ساعات قليلة تم جر إسحاق ووالده وأخيه من قبل بعض السلفيين والمتشددين إلى مسجد قريب من سكنه، وهو مسجد الهتاري، الواقع في حي سرور، وتم الحكم على إسحاق غلام، بالعزل في منزله لمدة 3 أيام بغرض عقد النية للتوبة ومن ثم الإستتابة، كما ألزم الحكم السلفي الصحافي غلام، بحضور جميع فروض الصلاة جماعة في المسجد».
وأكدت جواس أنه «تم تهديد غلام بأنه إذا لم ينفذ حكم الشيخ، إمام مسجد الهتاري، ويُدعى ناصر السمنة، فإن الشيخ سيقوم بتحريك فرقة تطبيق الحد عليه، وهو القتل».
وتشهد عدن، في الآونة الأخيرة، تصاعداً في الاعتداءات وعمليات التضييق ضد نشطاء وإعلاميين، على خلفية تهم متصلة بعقائدهم وأفكارهم.
وتثير هذه الحوادث المخاوف من تغلغل المتشددين والمتطرفين في الأوساط الشعبية بالمدينة، كما تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الدور الذي يقوم به أئمة المساجد، المتوزعة ولاءاتهم ما بين الأطراف النافذة المسيطرة على عدن.
وفيما تروّج ادّعاءات بأن الجهات الأمنية تلجأ إلى سجن شبان يتبنون أفكاراً علمانية خشية تصفيتهم من قبل جماعات متطرّفة، يذهب البعض إلى أن التهديدات التي تصل نشطاء فاعلين صادرة عن جهات سياسية باتت تستخدم أساليب الجماعات الجهادية المسلحة، بغية تحييد وتخويف العناصر الفاعلة لدى الأطراف السياسية المناوئة لها.