إنقلاب عسكري إماراتي: ماذا حصل الأربعاء في سقطرى؟
الجنوب اليوم – متابعات
تعرض قائد الحامية العسكرية الوحيدة في جزيرة سقطرى، يوم الأربعاء الماضي إلى محاولة انقلاب باءت بالفشل. ونفذ الانقلاب ضباط وجنود من أبناء الجزيرة جندو بطلب من دولة الإمارات العربية، في إطار مساعي أبوظبي لاستكمال السيطرة على الجزيرة عسكرياً.
وتعرض العميد محمد علي الصوفي، قائد اللواء الأول مشاة بحري، وأحد القيادات العسكرية المقربة من الرئيس عبد ربه منصور هادي، لمحاولة الانقلاب الأولى منذ سنوات، إلا أن الانقلاب أحبط بتدخل ضباط وجنود موالين لهادي قبل أن يتمكن منفذوه من السيطرة على قيادة اللواء وقبل سيطرتهم على مخازن السلاح التابعة له، لتنتهي المحاولة باعتقال منفذي الانقلاب وإحالتهم إى التحقيق.
مصادر محلية في سقطرى، أوضحت لـ«العربي» أن محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها ضباط ومجندون سقطريون موالون للإمارات، جاءت عقب اتهامات للعميد الصوفي بالتواطؤ مع القيادي في «حزب الاصلاح» في سقطرى، فهد كفاين، المكلف من قبل هادي برئاسة لجنة صرف رواتب العسكريين في الجزيرة. وأشار المصدر إلى أن كفاين، وهو وزير الثروة السمكية، تعمد المماطلة في صرف رواتب المجنديين الجدد الذين انتسبوا إلى اللواء بتوجيهات إماراتية منذ عام.
مصادر أخرى أكدت أن دوافع محاولة الانقلاب لم تكن على خلفية مطالب المجندين الجدد بإيعاز إماراتي بصرف الرواتب، وإنما نتيجة تحريض ضد قيادة اللواء التي ينحدر قائدها من مديرية الوضيع في محافظة أبين، مسقط رأس الرئيس عبد ربه منصور هادي.
واعتبرت المصادر في تصريح لـ«العربي» أن دوافع المحاولة سياسية، خصوصاً وأن منفذي الانقلاب أكدو أحقيتهم بقيادة اللواء، وهو ما يرجح وقوف أبوظبي، التي تتمتع بنفوذ كبير في الجزيرة، وراء المحاولة، لا سيما وأن العميد الصوفي يمثل تواجده في قيادة اللواء عقبة أمام مشروع الإمارات «الاستيطاني» في سقطرى.
الحامية العكسرية الوحيدة في سقطرى
ويعد اللواء الأول مشاة بحري في جزيرة سقطرى الحامية العسكرية الوحيدة للجيش اليمني منذ سنوات، ويتبع قيادة المنطقة العسكرية الثانية في حضرموت. يسيطر اللواء على مطار الجزيرة الجوي ويتحكم فيه، وله تواجد عسكري في جزيرة عبد الكوري التابعة لأرخبيل سقطرى، ويتواجد أيضاً من خلال عدد من المواقع العسكرية في مديرية قلنيسية الواقعة في الجزيرة.
وعلى مدى السنوات الماضية، عمل الرئيس هادي على إقصاء الضباط والجنود الذين ينحدرون من المناطق الشمالية، بعد إقالة حسين خيران، قائد اللواء السابق المحسوب على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وتعيين قيادة جنوبية عملت على نقل العسكريين الذين ينتمون إلى سقطرى من مختلف مناطق الجمهورية إلى اللواء الواقع في الجزيرة. النهج نفسه استخدم في مجال شرطة النجدة في الجزيرة التي يقودها ضباط سقطريون، ومعظم منتسبيها من أبناء الجزيرة، وكذلك الأمن العام المسيطر على قيادته ضباط موالون للرئيس هادي حالياً، وهو ما يعد تهيئة للإطاحة بكافة القيادات التي لا تنتمي إلى سقطرى من قيادة اللواء وقيادة الأجهزة الأمنية.
«حماة سقطرى»
على مدى العامين الماضيين سعت الإمارات إلى تأسيس معسكرات خاصة بها منفردة عن المعسكرات الموالية لهادي أو قوات موازية كـ«قوات الحزام الأمني» في عدن و«النخبة الحضرمية» في المكلا، بل جندت المئات من شباب سقطرى تحت مسمى «حماة سقطرى».
واتخذت أبوظبي من مقر اللواء الأول مشاة بحري مقراً ومركزاً لتدريب تلك القوات التي بلغ قوامها العام الماضي 700 جندي، وكان ذلك بالتنسيق مع العميد محمد الصرفي، قائد اللواء الذي تعامل بمرونة مع المطالب الإماراتية بتجنيد وتدريب المئات من أبناء سقطرى، تحت مبرر تعزيز القدرات العسكرية والأمنية في الجزيرة، تمهيداً للسيطرة على اللواء البحري الوحيد التابع للجيش اليمني في سقطرى.
ونظراً لضعف قدرات حكومة هادي وتجاهلها معاناة أبناء الجزيرة جراء توقف النقل الجوي الذي يعد وسيلة النقل الوحيدة من وإلى الجزيرة، سهلت الإمارات على مدى الأشهر الماضية مغادرة العشرات من الضباط والقيادات العسكرية في اللواء من الجزيرة جواً إلى البر الحضرمي، ولم تعمل على إعادتهم للجزيرة، وهو ما عده مراقبون تفريغاً للواء وتهيئة لإخضاعة للسيطرة من قبل الموالين لأبوظبي. كذلك تنصلت الإمارات من وعودها بتقديم دعم عسكري لتعزيز قدرات اللواء البحري، إلا أن العميد محمد علي الصوفي، قائد اللواء الأول مشاة بحري، حصل على دعم عسكري تضمن 80 طقماً عسكرياً، و6 شاحنات نقل للمياه، وسيارتي إسعاف عسكرية فقط، ولم تمد أبوظبي اللواء بأي شحنات أسلحة أسوة بمحافظتي عدن وحضرموت، حتى مساعداتها العسكرية لقطاع الشرطة والنجدة والأمن العام في الجزيرة كانت شبه رمزية.
(العربي )