رغم كونه ملف الأولوية.. الرئاسي يفشل بتحقيق أي تحسن اقتصادي ويلجأ لإنتاج الأزمات
الجنوب اليوم | تقرير
في الوقت الذي لا يزال فيه مصير المليارات من الدولارات التي تجنيها السلطات المتعاقبة والموالية للتحالف السعودي الإماراتي، مجهولاً في ظل توريدها للبنك الأهلي السعودي، والتي تتحصلها هذه السلطات من مبيعات النفط الخام على مدى الستة الأعوام الماضية منذ منتصف 2016 وحتى الآن، والتي كشفها تقرير رسمي صادر عن منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) والذي أكد أن الحكومة المعترف بها دوليًا في اليمن استأنفت تصدير النفط الخام من بعد اندلاع الحرب في اليمن منذ يونيو 2016، وأن إجمالي ما تم تصديره من النفط الخام من اليمن منذ ذلك الحين وحتى نهاية العام 2021 بلغ أكثر من 189 مليون و170 ألف برميل بقيمة إجمالية تجاوزت 13 مليار دولار إضافة إلى 3 مليار دولار قيمة ما تم تصديره وبيعه من النفط الخام من اليمن منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية يونيو الماضي، في ظل هذا الوضع القائم، لا يزال مجلس القيادة الرئاسي الذي شكلته السعودية مطلع أبريل الماضي عاجزاً كلياً عن تحقيق أي من وعوده التي قطعها منذ ذلك الحين لأبناء المحافظات الجنوبية بشأن تحسين الوضع الاقتصادي.
وفي الوقت الذي تواجه فيه السلطة الموالية للرياض فشلاً في أهم الملفات الرئيسية التي اعتُبرت من ملفات الأولوية لهذه السلطة، نجد أن هذه السلطة ذهبت للبحث عن جني إيرادات مالية بدون وجه حق من جهات مستثمرة، فما حدث لشركة الاتصالات اليمنية العمانية المتحدة (يو) في مدينة عدن من قرصنة وبلطجة سلطوية في عدن من قبل كلاً من حكومة رشاد العليمي ومعين عبدالملك والمجلس الانتقالي الجنوبي أبرز دليل على محاولة السلطة في عدن للجوء إلى أسلوب الجباية التي تستهدف كبار المستثمرين في القطاع الخاص لتحقيق إيرادات مالية للتغطية على عجزها وفشلها في توفير الاستقرار المالي والاقتصادي وتحسين الوضع المعيشي وللتغطية على عدم قدرتها على استرجاع ما يتم توريده من مليارات الدولارات من عائدات مبيعات النفط الخام التي تورد إلى البنك الأهلي السعودي.
خلافاً لذلك يرى مراقبون إن ما تعرضت له اليمنية العمانية المتحدة للاتصالات (يو) في مدينة عدن والمدن المجاورة من إيقاف إجباري وبالقوة المسلحة للبث وإيقاف عمل أبراجها الهوائية والذي أدى إلى انقطاع الاتصالات عن معظم أبناء مدينة عدن والمحافظات المجاورة وعزلهم عن العالم الخارجي، يراه مراقبون بأنه يأتي في سياق محاولات تضييق الخناق على أبناء المحافظات الجنوبية وإشغالهم بأزمات جديدة وعزلهم عن بعضهم البعض بهدف احتواء التحرك الشعبي الذي كانت قد شهدته مدينة عدن قبل أسابيع.
منافسة غير شريفة
حين تكون السلطة التي تتحكم بمصير أبناء المحافظات الجنوبية من عينة التوليفة والتشكيلة التي قامت بتركيبها وتجميعها الرياض وأبوظبي تحت مسمى (المجلس القيادي الرئاسي)، يصبح من الطبيعي أن تقدم هذه السلطة على أعمال تخجل من القيام بها حتى المليشيات المسلحة غير النظامية، من هذه الأعمال – حسب ما يؤكده أكثر من مصدر يعمل في مجال الاتصالات في عدن – الإقدام على إقفال شركة (يو) ومنعها من العمل من أجل إتاحة المجال أمام بقاء احتكار شركة (عدن نت) المملوكة لسلطة التحالف والتي تسربت سابقاً معلومات بتأكيد امتلاك السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر حصة فيها، بقاء هذه الشركة محتكرة لخدمة الإنترنت على الرغم من عدم كفاءتها وضعف تغطيتها وارتفاع أسعارها الجنوني.
هكذا تفسر مصادر عاملة في الاتصالات بعدن أسباب قيام الانتقالي وحكومة معين عبدالملك بقطع اتصالات (يو)، فالأخيرة التي باتت تحت ملكية شركة عمانية استثمارية تسمى (شركة الزمرد) والتي قامت بشراء أسهم شركة (ام تي ان – اليمن) التي كانت قد انفصلت عن (ام تي ان) الشركة الأم والمملوكة لدولة جنوب أفريقيا، وقامت بتحويل اسم الشركة من (ام تي ان) إلى اليمنية العمانية المتحدة للاتصالات (يو) قدمت خدمات اتصالاتها والانترنت بسعر رخيص وبجودة عالية وبتقنية حديثة شملت تقنية الفور جي، إضافة لكونها في السابق تحظى بتغطية شاملة في كافة المناطق اليمنية نظراً لحجم انتشار أبراجها، وهو ما سيجعل من المجتمع المحلي في المحافظات الجنوبية إلى الاتجاه أكثر للحصول على خدمة الانترنت من هذه الشركة وترك شركة (عدن نت) التي وصلت قيمة شريحتها في بعض الأحيان إلى 3000 ريال سعودي وأصبحت تباع في السوق السوداء رغم أن هذه الشركة تم إنشاؤها على أساس أنها شركة مملوكة للدولة.
أطراف أخرى مستفيدة
نائب مدير مكتب عبدربه منصور هادي للشؤون الاقتصادي وهامور النفط في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف وحكومة رشاد العليمي، أحمد العيسي، يعد من الشخصيات التي استغلت منصبها في قيادة السلطة خلال السنوات الماضية وعملت على بناء استثمارات خاصة كان آخرها مشاركته مع نجل هادي في الاستيلاء على شركة واي للاتصالات بعد فصلها عن الشركة الأم والتي يقع مقرها الرئيسي في العاصمة صنعاء، وهي شركة اتصالات منافسة في مجال الاتصالات والإنترنت من بين الشركات الأخرى المتنافسة على تقديم الخدمة لأبناء المحافظات الجنوبية، وبالتالي فإن هناك مصلحة للعيسي في إيقاف شركة (يو) العمانية اليمنية كي لا تسحب المستخدمين لشركة (واي).
حميد الأحمر المالك لشركة (سبأفون) والذي قام هو الآخر بفصل تغطية شركته في المناطق الجنوبية وعزلها عن المناطق الشمالية وعن مقرها الرئيسي بصنعاء، هو أيضاً لديه مصلحة في أن يتم وقف شركة (يو) عن العمل في المدن الجنوبية كي يبقي المجال لشركته بالعمل خاصة وأن سبأفون كانت متساوية مع شركة (ام تي ان) فيما يخص انتشار التغطية في كافة المناطق اليمنية إلا أن سبأفون وحتى بعد فصلها عن صنعاء والمناطق الشمالية ذات الكثافة السكانية أبقت على أسعارها للاتصالات والإنترنت مرتفعة نسبياً إضافة إلى أنها لم تنتقل حتى الآن إلى تقنية الـ(4G) ما يجعل من فرص بقاء مشتركي سبأفون يستخدمون خدمة الاتصالت من هذه الشركة أمراً صعباً بعد أن ظهر في السوق منافس يقدم الخدمات ذاتها وأفضل منها بسعر أقل وبنفس التغطية الشاملة التي كانت تتميز بها سبأفون.