شبوة وقطاع “جنة هنت”.. حقول النفط داخل حَلَبة الحرب

الجنوب اليوم | متابعات

مع تصعيد المعركة العسكرية في محافظة شبوة، جنوبي شرق اليمن، بدا أن أكثر ما يثير الانتباه في المشهد المرتبك هو استمرار سقوط الضحايا، ثم استهداف حقول ومنابع النفط الخام بشكل واضح.
حيث تُواصل الأطراف المتقاتلة في المحافظة شنَّ هجماتها العنيفة على مواقع قريبة من حقول النفط، بما فيها غارات تشنها الطائرات المُسيرة الإماراتية على مناطق تجمعات عسكرية تابعة لحزب الإصلاح، في حين يتم تراشُق الاتهامات داخل الوسط السياسي في مناطق حكومة عدن حول “مؤامرة تقودها الإمارات للسيطرة على الثروات النفطية عبر المجلس_الانتقالي وقوات العمالقة التابعة لها” حد تعبير مستشار وزير الداخلية السابق “عبدالرحيم العولقي”.

خبراء اقتصاد يرون أن الحراك الحالي عائد إلى محاولات السيطرة على موارد المحافظة المتمثلة في حقول النفط وميناء بلحاف ومشروع الغاز المسال وخطوط الإمداد والتصدير.

حيث تحوَّلت شبوة منذ أكثر من عامين، إلى وجهة مفضَّلة للأطراف المحلية والإقليمية في إطار تسابُقها للسيطرة على الثروة، وقد احتدم هذا التسابق مع ازدياد الحاجة العالمية إلى النفط على إثر الأزمة الروسية – الأوكرانية، حيث سُجّلت زيارات عدة لمسؤولين أمريكيين في الأشهر الأخيرة، لاستطلاع إمكانية تعزيز إنتاج النفط والغاز وتصديرهما، واستكشاف خطط السلطات المحلية لإزالة أي عراقيل أمام ذلك.
السبت، 13 أغسطس 2022، قال رئيس مجلس الرئاسة بعدن رشاد العليمي، إن المجلس يولي أهميةً كبرى للنفط بسبب اعتماد الميزانية على النفط بشكل أساسي، وأكد أن النفط يشكل ما بين 80 إلى 82% من الموارد المالية لدولة المجلس الرئاسي وحكومة عدن، مشدداً على أهمية قطاع 5 (جنة هنت) النفطي بشبوة.
وفقاً للعليمي فإن هذا القطاع “جاهز للإنتاج” بعد مروره بإشكالات إدارية وأمنية سابقة أدت إلى تفجير سبعة آبار نفطية داخل القطاع، وأشار إلى أن إعادة الإنتاج النفطي من القطاع سيرفد الموازنة العامة بالإمكانات المادية المطلوبة، بعد أن أوضح أن السعودية طلبت من المجلس إنشاء صندوق يمني “من أجل عدم الاعتماد على الآخرين”.
تقرير نشرته منصة بقش الاقتصادية اليوم قال ان حقول “جنة هنت” النفطية وقعت تحت سيطرة ألوية العمالقة (التابعة للقوات الإماراتية) في أواخر مايو 2022 وفقاً لإعلان العمالقة، وتسلَّمت قوات اللواء السادس عمالقة مهام حماية شركة جنة هنت النفطية بمديرية عسيلان، فيما انسحبت قوات محسوبة على حزب الإصلاح من موقعها في الحقل في خطوةٍ وُصفت بأنها “تنفيذ لتوجيهات التحالف”، بينما رأى مراقبون أن الإمارات وضعت يدها على أحد أكبر الحقول النفطية في اليمن إلى جانب سيطرتها على المنشأة الغازية بلحاف.
وخلال فترة سيطرة القوات المحسوبة على الإصلاح، اعترض الانتقالي على عملية تسليم قطاع 5 لشركة بترومسيلة لتشغيله، وعلى صفقة شراء غامضة للقطاع لصالح شركة تُعرف بـ”welltech”، وبحسب وزارة النفط بحكومة عدن فقد خاضت الوزارة معركة قانونية مع تلك الشركة التي سبق لها أن استحوذت على القطاع بموجب صفقة غامضة وأفشلت عملية البيع والشراء واستعادت القطاع لصالح الحكومة.
وفي سياق متصل، لم ترفض وزارة النفط إبرام صفقات بيع قطاعات نفطية في شبوة، وأشرفت على بيع قطاع مالك (9) النفطي الذي تصل مساحته 3500 كيلومتر شرق المحافظة، وكان ينتج 6200 برميل يومياً أواخر العام 2014 وينتج حالياً 5000 برميل.
وبحسب خبير الشؤون النفطية الدكتور عبدالغني جغمان، فإن شركة كالفالي بتروليوم “قبرص” المحدودة، المشغلة للقطاع، أقدمت على بيع القطاع دون علم السلطات المحلية في المحافظات التي يتواجد فيها القطاع لشركة تدعى أوكتافيا إنرجي للطاقة، مشيراً إلى أن الشركة نفسها اشترت قطاع ادميس النفطي (S1) الممتد على مساحة 1200 كيلومتر والواقع ما بين مديريات بيحان وعسيلان، وكان القطاع يتبع شركة أوكسيدنتال الأمريكية قبل أن تتخلى عنه عام 2015.
ويرتبط القطاع 5 (جنة هنت) بالقطاع 18 النفطي الذي تفيد البيانات أنه يحتضن أكثر من 10 تريليونات من الغاز المسال في عسيلان.
وكان القطاع (5) قد تم ربطه بقطاع (4) عياد، بخط أنبوب نفطي طوله 82 كيلومتراً، كبديل عن أنبوب صافر-رأس عيسى، نتيجة تعطيل وإيقاف الخزان العائم صافر.
خط أنبوب نقل النفط الخام الجديد، حسب تقرير صادر من وزارة النفط، يُستخدم لربط قطاع 5 جنة بقطاع 4 غرب عياد، لتصدير النفط الخام للقطاعات الإنتاجية 5 و18 وS1 عبر ميناء النشيمة البترولي، وذلك للمساهمة بتصدير 25 ألف برميل يومياً من قطاع 5، وتسهيل تصدير نفط مأرب قطاع 18 بمعدل 20 ألف برميل يومياً، وتصدير النفط الخام من قطاع S1 بحوالي 12 ألف برميل يومياً.

وسيتصل هذا الأنبوب بمنشآت قطاع 4 عياد، التي بدورها ستضخ كميات النفط الإضافي (57 ألف برميل نفط يومياً قابلة للزيادة) عبر أنبوب (عياد-النشيمة) المتهالك والذي بناه السوفييت عام 1987.
وهذا الأنبوب المتهالك يُستخدم حالياً لضخ 600 ألف برميل شهرياً من حقول العقلة S2 ومالك (9)، ويتسبب في كوارث بيئية بمديريات الروضة و رضوم و ميفعة، مشيراً إلى أن الشركة “وايكوم” المالكة للأنبوب لم تقم بإجراء صيانة للأنبوب حتى الآن، أو تنفيذ مشروع إعادة تأهيل ميناء النشيمة البترولي منذ عقود.
ويقول الخبير “جغمان” إن هذا الإجراء سيزيد صادرات اليمن من النفط الخام إلى 120 ألف برميل في اليوم، وسيوفر إيرادات يومية تصل إلى حوالي 12 مليون دولار يومياً.
في كلمته سابقة الذكر أمام لجان مجلس النواب المالية، ذكر رئيس المجلس الرئاسي أن الآبار النفطية قد تتعرض لمزيد من التفجيرات وسط الأحداث الراهنة.وكان محافظ شبوة المدعوم من دولة الإمارات، “عوض الوزير العولقي”، قد صرَّح بأن التهديدات الأمنية لحقول النفط والشركات في المحافظة تتصاعد، محذراً خلال اجتماع بقادة فصائله العسكرية بعتق من استهداف من وصفهم بـ”المتمردين” للحقول والشركات النفطية.
واستمر وقوع المناطق النفطية تحت الخطر، ووردت أنباء في 15 أغسطس، عن قصف الطيران المسيَّر الإماراتي مواقع ونقاط لقوات حزب الإصلاح بالقرب من حقول إنتاج النفط على الخط الدولي الرابط بين مدينة عتق ومدينة العبر بـ حضرموت.