المؤتمر في ذكرى تأسيسه الـ40.. ماذا قدم للجنوب حتى يفتح له الزبيدي ذراعيه للعودة للسلطة؟
الجنوب اليوم | تقرير
عرف الجنوبيون حزب المؤتمر الشعبي العام من بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بين شطري اليمن شماله وجنوبه في مايو 1990م، وللأمانة فقد كان الجنوب هو السبّاق إلى الوحدة أكثر من الشمال خاصة في فترة الثمانينات التي عاشها الجنوب في أسوأ مرحلة اضطرابات وصراعات بينية غلبت فيها المناطقية المقيتة على المصالح الوطنية.
ورغم تنازل الجنوب بتلك السهولة وتسليمهم مقاليد الحكم لعلي عبدالله صالح في العام 90م، إلا أن تلك الثقة المطلقة من قبل القيادات الجنوبية قوبلت باستغلال بشع من قبل نظام صالح بقياداته ومشائخه وعسكره وكبار تجّاره الذين وجدوا في الجنوب وجبة دسمة سارعوا لتقاسمها على المستوى الشخصي، وهو ما أزعج الشريك الجنوبي الذي بدأ بالامتعاض والاعتراض على تلك الممارسات والتي لا يسعنا الوقت لذكرنا كونها معروفة للجميع.
اعتراض الجنوب على جشع السلطة الشمالية بقيادة صالح، قوبل بمحاولة توريط القيادات الجنوبية بالفساد والرشاوي وإغرائهم بالأموال والعقارات للتغاضي عما يفعله إقطاعيو الشمال بممتلكات وثروات أبناء الجنوب، غير أن تلك المحاولات لإسكاتهم لم تجدِ نفعاً وما هي إلا 4 سنوات من عمر الوحدة حتى طفح الكيل بالقيادات الجنوبية التي اعتبرت إقدامها بتلك الطريقة على الوحدة مع نظام صالح غلطة كبيرة، لكن محاولة معالجة هذه الغلطة تمت بشكل خاطئ وهو ما جعل الشعب اليمني شمالاً وجنوباً ينحاز إلى جانب نظام صالح رغم كل إجرامه بحق الجنوبيين خاصة ما حدث في حرب صيف 94م، إضافة إلى ذلك ارتكاب خطأ فادح من قبل القيادات الجنوبية التي استعانت بالخارج من أجل تحقيق الانفصال فكان أن أقدمت كلاً من السعودية والإمارات على دعم الانفصال، هذا الدعم وجد فيه صالح فرصة لتعزيز موقفه أكثر على المستوى الشعبي وجعله يبدوا أمام الشعب شمالاً وجنوباً أنه الرجل الوطني والقيادات الجنوبية المدعومة من الخليجيين هي القيادات الخائنة والعميلة للخارج ضد وطنها.
بعد سيطرة تحالف نظام صالح الذي عرف بتحالف 7/7 على الجنوب، استغل النظام الإقطاعي في صنعاء حينها كل ما يمكن استغلاله من ثروات وأرض وعقارات وممتلكات تعامل معها تحالف 7/7 كغنائم حرب وحللوا لأنفسهم الاستيلاء على كل شيء مستخدمين فتاوى دينية لتبرير ذلك.
سيطر صالح شمالاً وجنوباً على كل شيء هو وحليفه الرئيسي حينها، تنظيم الإخوان المسلمين ممثلاً بحزب الإصلاح، وبدلاً من أن يعمل صالح على استغلال ما بيده من ثروات وسلطة ودعم دولي واصطفاف شعبي من أجل النهوض باليمن شمالاً وجنوباً تنموياً واقتصادياً وحتى سياسياً وعلمياً وعسكرياً ووضع اليمن في موقعه الجغرافي السياسي الصحيح الذي يتميز به طبيعياً بحكم الموقع والتأثير، انشغل صالح بتحقيق المصالح الخاصة له ولحاشيته ولشركائه في تقاسم كعكة الجنوب، لكنه كان ذكياً في الوقت ذاته، حيث عمل أيضاً على خداع الجنوبيين بطلاء أرصفة الشوارع والسماح بإدخال بضائع جديدة وموديلات حديثة من السيارات، إضافة لإنشاء بعض الحدائق وتشجير الجزر الوسطية وإنشاء الجولات الدائرية التي أضيف إليها بعض المجسمات التي تعكس هوية كل محافظة في الجنوب، هذه التفاصيل البسيطة كانت بالنسبة لأبناء المحافظات الجنوبية شيئاً جديداً بينما كان الرجل منشغلاً مع شركائه في نهب ثروة الجنوب وتدمير إنجازات الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم السابق لدولة الجنوب والتي كانت بالفعل إنجازات اقتصادية وتنموية عملاقة نظراً لكون مردودها الاقتصادي يعود بالفائدة على الداخل وليس على مجموعة من الإقطاعيين الذين نشأوا في عهد نظام صالح شمالاً والذين توسعوا بنظامهم الإقطاعي إلى الجنوب بعد 94.
وهنا ومع الذكرى الـ40 لتأسيس حزب المؤتمر الذي تزعمه علي عبدالله صالح، يتساءل البعض، ما الذي قدمه نظام صالح لأبناء الجنوب حتى يفتح بعض أبنائه كعيدروس الزبيدي ذراعيهم للجيل الثاني من نظام صالح للعودة من جديد لحكم الجنوب؟.
قد يقول البعض إن الزبيدي يتعامل بذكاء حتى يصل لمبتغاه، وأن تحالفه مع طارق صالح والعليمي وشلة المؤتمر العائدة إلى الجنوب على ظهر المدرعات الخليجية، إنما هو تحالف لحظي مؤقت حتى يتمكن الزبيدي من السيطرة على الجغرافيا الجنوبية، لكن الحقيقة هي أن الزبيدي ينفذ فقط ما يُملى عليه من أبوظبي حرفياً، أبوظبي التي تحتضن اليوم نجل صالح وتحمي استثماراته التي بناها من أموال وثروات أبناء الجنوب، وهي أيضاً التي أتت بطارق صالح وأنشأت له ترسانة عسكرية تضاهي ما لدى المجلس الانتقالي اليوم، وهي اليوم من تدفع رواتب قوات طارق كما تفعل مع قوات الانتقالي، وهي أيضاً من أتت ومعها الرياض برشاد العليمي المخبر والعميل للبريطانيين والأمريكيين في عهد نظام صالح وأحد قيادات المؤتمر البارزة وهي من أتت بعوض ابن الوزير العولقي محافظاً لشبوة النفطية والمصدرة للغاز المسال ومبخوت بن ماضي محافظاً لحضرموت أكبر محافظة جنوبية جغرافياً وأكثرها ثروة بالنفط، بينما تركت أبوظبي للانتقالي المحافظات التي لا يوجد فيها مقومات اقتصادية.