ما الرسالة التي أراد الحوثيون إيصالها باحتفالهم بذكرى 30 نوفمبر في الحديدة؟
الجنوب اليوم | تقرير
احتفلت سلطات صنعاء التي يتصدرها جماعة أنصار الله “الحوثيين” بالذكرى الـ55 لجلاء آخر مستعمر بريطاني من جنوب اليمن 30 نوفمبر 67م، وأقامت فعالية رسمية كبيرة، غير أن صنعاء اختارت الحديدة مكاناً لإقامة الاحتفال الرسمي والرئيسي بهذه المناسبة، فما هي الرسائل والدلالات التي أراد أنصار الله “الحوثيين إيصالها، ولمن، وما علاقة المكونات السياسية الجنوبية والأطراف الجنوبية الفاعلة في المشهد اليمني حالياً بهذه المناسبة؟.
يرى مراقبون إن اختيار الحديدة يحمل دلالات أن صنعاء مستعدة لأي معركة كانت مستقبلاً سواءً برية أو بحرية، وبما يشمل أيضاً مناطق جغرافية كان التحالف طوال الثمان سنوات الماضية يعتبر السماح لقوات صنعاء بالوصول إليها أو بقاءها فيها خطاً أحمر.
فالحديدة مفتاح التقدم نحو باب المندب للسيطرة عليه، ليس كما يزعم البعض من سياسيي التحالف السعودي وأدواتهم الإعلامية بأن الهدف من ذلك تهديد أمن الملاحة البحرية الدولية، بل لأن هذه المنطقة هي واحدة من عديد المناطق الاستراتيجية اليمنية التي خرجت عن سيادة اليمن ويتوجب على اليمنيين استعادتها.
وطالما بقيت هذه المناطق خارج السيادة اليمنية فسيظل ذلك بعبع أنصار الله “الحوثيين” للتصعيد عسكرياً واستعادة السيادة اليمنية على هذه المناطق في أي لحظة إلا إذا أصبحت هذه المناطق فعلياً وليس شكلياً بيد اليمنيين أنفسهم حتى وإن لم يكونوا موالين لصنعاء أو حتى وإن كانوا من المناهضين لها أيضاً من المكونات التي تتعامل مع التحالف السعودي الإماراتي وتريد من التحالف أن يعيدها إلى السلطة من جديد.
ومثلما تخلى التحالف السعودي الإماراتي عن أدواته التي قاتل بها طوال 8 سنوات في المناطق الشمالية، فسيتكرر الأمر ذاته مع الأدوات سواءً القديمة أو الجديدة التي يستخدمها اليوم التحالف في الجنوب، وهو ما يستدعي من المكونات الفاعلة على الأرض التحرك من أجل ضمان مستقبلها في قادم الأيام والأشهر والسنوات القادمة لأن التحالف السعودي الإماراتي لن يظل طويلاً في اليمن، وما عجز هذا التحالف حين كان مكوناً من 18 دولة ومجهزاً بأقوى الأسلحة وأضخم ترسانة عسكرية في مقابل الإمكانيات المحدودة جداً مما كانت عليه قوات “الحوثيين” والجيش اليمني الذي رفض الجزء الأكبر منه القتال مع التحالف بداية الحرب على اليمن، فإن التحالف اليوم أو ما تبقى منه بعد تفككه لن يستطيع فعل شيء في ظل تعاظم قدرات صنعاء العسكرية والتسليحية والعدد البشري.
يرى مراقبون إن العودة إلى الحرب هذه المرة – بالنسبة للتحالف – لن تكون مجرياتها وأحداثها كما كان عليه الحال سابقاً ولن تكون ضمن النطاق الجغرافي السابق وبالتأكيد لن تكون حسب قواعد الاشتباك السابقة، وهذا ما رأينا تنفيذه جلياً من الآن من خلال قدرة صنعاء على قطع نهب النفط الخام اليمني الذي كان جزءاً في تمويل الحرب على اليمن، وهذه الخطوة تعد من أبرز قواعد الاشتباك الجديدة التي بدأت صنعاء استخدامها مؤخراً ويعلم الله ما تخفيه جعبة صنعاء من قواعد اشتباك أخرى لا يزال الجميع يجهلها.
كما أن الغطاء السياسي الدولي الذي كان يحظى به التحالف السعودي الإماراتي سابقاً لم يعد كما هو عليه في بداية الحرب على اليمن، فالعالم اليوم منشغل بالصراع بين قطبي العالم الشرقي والغربي بشقيه الصراع الاقتصادي الغربي مع الصين والصراع السياسي والعسكري بين الغرب وروسيا الاتحادية في أوكرانيا وبالتالي لا مجال لمن شكلوا سابقاً غطاءً سياسياً للسعودية في قصفها اليمن واحتلالها مع الإمارات أجزاءً واسعة من البلاد في أن يستمروا في تقديم هذا الغطاء السياسي بنفس الزخم والفاعلية السابقين.
في نهاية المطاف سيضطر التحالف السعودي الإماراتي للتعامل مع صنعاء بشكل مباشر، وإذا ما تلافت القوى السياسية المحلية التي تملك حضوراً عسكرياً على الأرض في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف نفسها وحسمت أمرها من اليوم فسيكون مصيرها مستقبلاً كمصير عبدربه منصور هادي وعلي محسن الأحمر اللذين خرجا بخفي حنين من هذا الصراع الدموي الذي دام 8 أعوام وخرجت فيه صنعاء في نهاية الأمر منتصرة بجدارة، ومن لم يحسم اليوم موقفه ووضعه ويفرض حضوره من الآن فلن يستطيع فعل ذلك غداً.